السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي مشكلة في التركيز في جميع أموري الحياتية، لا أستطيع مثلا أن أركز فيما أدرسه، فأنا أقوم بفهمه ولكن بعد ٥ دقائق تقريبا أقوم بنسيانه، وكل ما أتذكره هو أنني درست الموضوع، ولكني لا أستطيع تذكر أهم الأشياء منه، وأيضا أثناء قيادة السيارة فعند تقاطع الطرق مثلا أنظر إلى الطريق الأيمن، وأنسى النظر إلى الطريق الأيسر، وأيضا أثناء الكلام لا أركز فيما أريد قوله دائما، وأعاني من هذه الحالة منذ سنين، فبماذا تنصحونني أن أفعل؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.
أولا نقول لك: إن عملية التذكر تمر بثلاث مراحل أساسية، وهي:
- اكتساب المعلومة.
- تخزين المعلومة.
- استدعاء المعلومة.
فإذا تمت كل هذه المراحل الثلاث بالصورة الجيدة فإن عملية التذكر ستكون سهلة، ويلعب الانتباه والتركيز دورا مهما في عملية اكتساب المعلومة، فإذا كانت هنالك مشتتات للانتباه عند اكتساب المعلومة فإنها تكتسب بصورة ضعيفة أو مشوهة أو ناقصة، وكلما كان الشخص منتبها ومركزا على الحدث الذي يريد اكتسابه زاد ذلك من احتمالية تخزين المعلومة بصورة جيدة، وبالتالي يتم أيضا استدعاؤها بصورة كاملة، وكلما كانت المعلومة أو الحدث له صبغة انفعالية معينة أيضا يساعد ذلك في عملية تذكره.
ثانيا: الذاكرة تتحسن بالتدريب والتكرار، فحاول ربط المعلومة الجديدة بالمعلومات القديمة، واربط الأقوال بالأفعال، مثلا في قيادة السيارة النظر إلى اليمين اربطه بكلمة (يمين)، وكلمة (يسار) تأتي بعد اليمين، أي: بعد النظر إلى اليمين سأنظر إلى اليسار، وتصبح هذه كعادة بالنسبة لك، ويكون أيضا بصوت مسموع بالنسبة لك.
وكذلك إذا أردت وضع شيء معين في مكان ما قل بصوت مسموع مثلا: (وضعت المفتاح على الطاولة، أو على الخزانة)، وهكذا، الأمر يحدث فيه ربط بين القول وبين الفعل، فإن ذلك يساعد في عملية التذكر؛ لأن هنالك حاستين تعملان مع بعضهما: حاسة السمع، وحاسة البصر، وكلما استخدمت أكثر من حاسة في اكتساب المعلومة أيضا هذا يساعد في اكتسابها بصورة جيدة.
بالنسبة للدراسة أو قراءة أي كتاب أو أي موضوع: يفضل أن تقوم بتلخيص ما قرأته، وحاول أن تفهم الكليات أولا قبل الجزئيات، أي العناوين البارزة قبل العناوين الفرعية، ويا حبذا لو استخدمت الألوان لكل موضوع مختلف عن الآخر، أو أي علامات تساعدك في عملية التذكر والربط بين المعاني، وذلك يساعد أيضا في ربط الذاكرة البصرية بالمعلومة، فهناك أناس يتذكرون المعلومة بألوانها أو بأشكالها أو بأحجامها.
ويمكنك أيضا القيام بتدريس الموضوع لجماعة مصغرة من الأقارب أو الأصدقاء أو الزملاء، أو أن تتصور بأنك تقوم بتدريس مجموعة من الناس حتى ولو كان المكان خاليا ليس فيه أحد، فإن عملية إلقاء الدرس على آخرين يساعد أيضا في عملية تثبيت المعلومة بصورة أفضل.
ثالثا: هناك اضطراب يعرف بـ(اضطراب نقص الانتباه والتركيز) وقد يظهر منذ الطفولة، أو في سن المدرسة، فإذا شككت بأنك مصاب به فيمكنك مقابلة الطبيب النفسي المختص لتحديد ما إذا كانت أعراضه موجودة أم لا، وفي حالة ثبوت ذلك فهناك عقاقير تساعد في تحسين عملية التركيز، وقد تساعد في اختفاء الأعراض المصاحبة أيضا.
ويوجد أيضا تمارين موجودة على بعض المواقع الإلكترونية التي تهتم بالتأهيل المعرفي وتهتم بعملية الانتباه والتركيز وعملية الذاكرة، والذاكرة العاملة على وجه الخصوص، وهذا يساعد أيضا في عملية التذكر، وكلما تدربت على ذلك كلما نشطت الذاكرة.
وكما أسلفنا فإن الذاكرة تتحسن بالتدريب والتكرار، فقم أيضا بتكرار الموضوعات اليومية لأكثر من مرة في اليوم أو خلال اليوم، وهذا أيضا يساعد على الذاكرة أو تذكر الأشياء المنسية، أو يوقي المعلومة من النسيان.
رابعا: الالتزام بفعل الطاعات وتجنب المنكرات، كما ينسب للإمام الشافعي -رضي الله عنه-:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي.
وأخبرني بأن العلم نور ... ونور الله لا يهدى لعاصي.
وفقك الله وسدد خطاك.