انطوائي وليس لدي مهارات اجتماعية، فكيف أطور نفسي؟

0 37

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله في كل القائمين على هذا الصرح الرائع، وجزاهم الله عنا خير الجزاء.

أنا شاب عمري 35 سنة، ونشأت انطوائيا لأنني الابن الوحيد، كان أبي يخاف علي جدا وهذا أثر على حياتي بعد ذلك، ضاعت مني الكثير من الفرص؛ بسبب خجلي، وكثير من الأمور رضيت بها مجبرا وهي أقل من طموحاتي، كانت عندي أحلام كثيرة لكنها ضاعت مع الزمن، وها أناذا أعض أصابع الندم على ما ضاع من عمري، وما ضيعته بجهلي وعدم قدرتي على الاندماج في المجتمع، أصبح كل من يتعامل معي ينظر لي بشفقة، ويقول عني بأنني طيب وغلبان وأفتقد إلى المهارات الاجتماعية، وأنا اليوم زوج وأب ومازال الخوف ملازما لي في أقل شيء، أرغب في التغيير الحقيقي حتى أصبح شخصا طبيعيا يعرف كيف يتعامل مع من حوله، فحالي الآن حتى وإن كان يبدو من الخارج جيدا، إلا أنني في وضع يرثى له، فأنا مغترب وبعيد عن زوجتي وأولادي، وعملي ليس أفضل شيء، وحتى في عملي أتعرض إلى الانتقاد بشكل مستمر من رؤسائي؛ بسبب ضعف مهاراتي الاجتماعية، وأشعر أن تركيزي أصبح ضعيفا جدا، وأنا دائم التوتر والقلق، ولدي خوف شديد من المستقبل، فأرجو النصيحة حتى لا يضيع باقي عمري وأنا أسير هذا الشعور بالذنب والندم.

أريد خطوات عملية أسير عليها حتى أغير كل هذا الوضع، وأشعر أنني إنسان طبيعي مثل غيري، وحتى أشعر باحترام نفسي، فأنا لا أريد أن يكبر أبنائي ويرون أباهم رجلا فاشلا، وفكرة الناس عنه أنه مجرد شخص طيب ولا حيلة له في أي شيء، وأعدكم أنني سأفعل المستحيل لأغير من وضعي، وهل التغيير في هذا السن صعب فعلا، أم ما زال لدي وقت؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الحميد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية، وأن يوفقك لما يحب ويرضى.

أولا: نبشرك بأن التغيير ممكن ما دامت لك الرغبة فيه، وهو ليس بالأمر المستحيل.

ثانيا: لا شك أن أساليب التنشئة الاجتماعية التي تعرضت لها منذ الطفولة قد أثرت على مهاراتك الاجتماعية، وحجبت عنك الخبرات، والآن أدركت ذلك وأنت بكامل قواك العقلية، وتتحمل مسؤولية اجتماعية وأسرية ومهنية، مما يدل على أن الأمر عبارة عن حاجز نفسي تحس به أنت فقط، ولكنه في الواقع ناتج عن ضعف الثقة بالنفس، فإذا نمت وازدادت الثقة بالنفس -فإن شاء الله- ستشعر بالتغيير الحقيقي، خاصة ما يتعلق بالتعامل مع الآخرين.

ثالثا: لتنمية المهارات الاجتماعية لابد أولا من تغيير مفهومك عن نفسك، وكسر الحاجز النفسي، وإزالة الخيوط العنكبوتية التي ربطت بها نفسك منذ الصغر، وكبلت بها قدراتك وإمكانياتك.

وكإجراء عملي لابد أن تقوم به، فهنالك بعض المفاهيم التي لابد أن تراعيها:

أولا: عدم تضخيم فكرة الخطأ وإعطائها حجما أكبر من حجمها، فلابد أن يزول هذا المفهوم؛ بأن كل ابن آدم خطاء، وجل من لا يخطئ، وينبغي أن تتذكر أن كل من أجاد مهارة معينة، أو نبغ في علم معين مر بكثير من الأخطاء، والذي يحجم عن فعل شيء ما بسبب الخوف من الخطأ لا يتعلم ولا يتقن صنعته ولا يتقدم.

ثانيا: نقول لك قم بتعديد صفاتك الإيجابية، وحبذا لو كتبتها وقرأتها يوميا، فإن لديك ربما العديد من الصفات الإيجابية ولكنك تجهلها، وتركز على الصفات غير الإيجابية، فهذه فرصة للتركيز على هذه الصفات، بأن لك تاريخا مليئا بالإنجازات والإيجابيات.

ثالثا: تدرب على إدارة حلقات نقاش مصغرة مع من تألفهم من الأقارب أو الأصدقاء، وركز على إلقاء الأسئلة والاستفهامات والاستفسارات عندما يتحدث الآخرون، وهذا يتطلب منك أيضا أن تبادر بإلقاء هذه الأسئلة أو هذه الاستفسارات أو التعليقات، فهذا قد يساعد في إذابة أو كسر الحاجز النفسي.

رابعا: شارك أيضا في الأعمال الطوعية أو التطوعية التي تجمعك بالناس، وإذا أتيحت لك فرصة للإدلاء بأي رأي فافعل ولا تتردد.

خامسا: تذكر أنه ليس بالضرورة ما يملكه الآخرون من قدرات ومهارات أن يكون عندك، فربما ما تتمتع به أنت من سلوكيات وصفات قد يعجب الآخرين.

سادسا: لا تستسلم وتنسحب من مثل هذه المواقف، بل واجه وثابر، فإنك ستتحسن -إن شاء الله-، وتحقق ما تريد، فليس كل الخطباء صاروا خطباء منذ ولادتهم، بل بالتمرين والممارسة أوصلهم إلى ما هم فيه الآن، فإن العلم بالتعلم.

سابعا: إذا أتيحت لك فرصة لمخاطبة العاملين في مكان العمل فاغتنمها؛ فإنها ستفيدك كثيرا، وحاول أن تقترح على المسؤولين في العمل أنك ستقوم بتحضير درس معين في شيء أنت تتقنه، وقل لهم: (أريد أن أقدم موضوعا يفيد العمل إلى زملاء العمل)، فربما أيضا يساعد ذلك في زيادة الثقة بالنفس، وأن الآخرين يستفيدون مما لديك من معلومات أو خبرات، فنشر خبراتك ومعلوماتك هذا يساعد كثيرا في تخطي الحواجز النفسية التي كبلت بها.

ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك، وستتحسن -إن شاء الله- الأمور ما دمت أنت عازما على التغيير، وما دمت أنت تريد أن تغير من السلوكيات التي لم ترضى عنها.

مواد ذات صلة

الاستشارات