السؤال
السلام عليكم.
أختي وزوجها وأمي اتهموا زوجتي بأنها عملت سحرا لأختي؛ كي تفسد حملها حسدا؛ لأنها لا تريدها أن تلد مولودا ذكرا، مع العلم أنه لا إرث لهم ولا جاه ولا منصب لتحسدهم عليه. وأنها كذلك تريد أن تفرق بين أختي وزوجها؛ لأنها -كما يزعمون- تحوم حوله -والعياذ بالله-،وعندما طلبت منهم الدليل رفضوا، وقالوا: نحن نعلم أنها الفاعلة، وأنهم متأكدون من ذلك، ويدعون عليها، وأنا أظن بأن الراقي الذي ذهبوا إليه هو من أقنعهم بذلك.
وقد سألت زوجتي، وحلفت لي الأيمان المغلظة أنها لم تفكر يوما بأن تخسر دينها ودنياها وآخرتها بعمل كالسحر، مع العلم أن زوجتي وأختي كانتا لأكثر من 15 عاما كالأختين وأكثر، إلى أن تفاجأنا بهذا الخبر الذي خلق خصاما وقطيعة كبيرة.
أنا كزوج أصدق أن زوجتي لا يمكنها فعل ذلك؛ فهي امرأة صالحة، تعينني على بر والدي حتى بعدما حصل، وأنا لا زلت أحافظ على صلة الرحم، وزيارة والدي، والسؤال عن أختي رغم كل ما بدر منها، ولم تترك لي ولا لزوجتي الفرصة للدفاع عن أنفسنا، ففوضنا أمرنا لله، وقلنا: حسبنا الله نعم الوكيل؛ فقد استنفدنا كل الطرق للخروج منهم بدليل، ولكن لا نتيجة تذكر.
فما حكم الشرع فيمن يصدق كلام من يدعون أنفسهم رقاة وهم دجالون، ويحدثون الفتنة بعدما كنا سعداء؟ وما الذي يجب علينا فعله في هذه الحال؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Karim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
أولا: نشكر لك –أيها الحبيب– ثناءك على زوجتك بما فيها من الخير، ومساندتك لها، وتخفيف ألم هذا الاتهام لها، وهذا كله عمل صالح تؤجر عليه، وهو في نفس الوقت دليل على كرم في أخلاقك، فنسأل الله تعالى أن يزيدك تسديدا وصلاحا، وأن يعيد الألفة والمودة بين أفراد أسرتكم جميعا.
ومما لا شك فيه -أيها الحبيب- أنه لا يجوز اتهام الإنسان المسلم بدون بينة ولا برهان؛ فـ (كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه) كما قال -عليه الصلاة والسلام-.
وما تعرضت له زوجتك من اتهام لها من غير بينة ولا برهان ظلم لها، وينبغي أن تستعمل الرفق واللين ما أمكنك لإيصال هذه الفكرة إلى الوالدين والأخت التي ذكرتها، وتذكرهم بقول الله سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}، فلا يقبل من أحد أن يتهم أحدا بغير بينة ولا برهان.
وهذا الراقي الذي ذكرت لا يجوز له أن يفعل مثل هذا الفعل الذي يسبب التحريش بين المسلمين، وإثارة البغضاء والشحناء بينهم؛ فإن هذا من عمل الشياطين، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكنه رضي بالتحريش بينهم).
فالتحريش بين المسلمين، وإثارة الكراهية والبغضاء مقصود أساسي للشيطان، وحريص عليه كل الحرص، فينبغي أن تذكر أهلك بهذه الحقيقة، وتذكر أختك على جهة الانفراد، وإذا لم تسمح لك -كما ذكرت في استشارتك- بالكلام المباشر معها، فحاول أن تستعمل الأدوات التي توصل هذه الفكرة إليها، ومن ذلك: الاستعانة بالأقارب، وأصدقاء الأسرة، وأنت بهذه الأفعال تعينهم على التخلص من ظلمهم، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما)، فقالوا: ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: (تأخذ فوق يديه) يعني: تمنعه من الظلم.
فإذا بذلت وسعك في محاولات الإصلاح؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- سيجري الخير بإذنه تعالى على يديك، فإن لم تتكلل جهودك بالنجاح القريب، فإنك أثبت على ذلك.
فلا تيأس من محاولات الإصلاح، فما لم يصلح اليوم سيصلح غدا -بإذن الله تعالى-، وفي الوقت نفسه -أيها الحبيب- لا تنس مساندة زوجتك، وتخفيف آلام الاتهام عليها مع براءتها، فذكرها بأن (المظالم لا تضيع، وأن من ظلمك سيؤدي لك الحق يوما ما)، وحثها على التسامح والعفو، وذكرها بأجر العفو، والله تعالى يقول: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}، إلى أن يقول سبحانه وتعالى: {أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين}، فذكرها بثواب العفو والمغفرة للناس، وأن الله تعالى يعاملها بمثل ما تعامل به البشر، فإذا سامحتهم سامحها الله، وإذا غفرت لهم وتجاوزت عن أخطائهم سيتجاوز الله عن أخطائها هي..وهكذا؛ وبهذا تخفف عما وقع عليها من ظلم وضغط.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجري الخير على يديك، ويصلح أحوالكم كلها.