كيف أستعيد ثقتي بنفسي وأبتعد عن الخوف والجبن؟

0 37

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي: أنني إنسان جبان، أخشى دائما مواجهة الآخرين، أو التعارك معهم إذا استدعى الأمر، حتى أنني أخاف أن يتعرض أحد من أهل بيتي لأي مشكلة فلا أستطيع الوقوف بجانبه وحمايته، أو أن تحدث لي أي مشكلة فلا أستطيع أن آخذ حقي.

أشعر حين مواجهة أي مشكلة بالارتجاف في الجسد والقلب، والخوف الشديد والتلعثم، وأيضا من أسباب الخوف: كوني مهندسا، وأخاف أن يتم ضربي وتهتز صورتي أمام الناس، وإذا قال لي أي أحد لفظا ما ولم أرد بمثله أجلس حزينا مغتاظا لفترة طويلة، وهذا يؤثر على حالتي المزاجية والنفسية، وقد يصل الأمر لاضطراب النوم، وأفرغ عصبيتي وضغوطي في أبنائي الصغار، وأخاف حاليا أن أحتك بأي أحد، أو أن يحدث موقف فيه احتكاك وتصادم مع أي أحد، وأبادر دائما بالاعتذار وتحميل نفسي ما لا تستحق.

كنت أشعر أنني شخص طبيعي حتى في الفترة الجامعية أي منذ 18 سنة تقريبا حين حدثت مشاجرة في الكلية وانتصرت في بدايتها وبعدها حضر عدد من المتعاركين أكثر منا وأجبرونا على الاعتذار، ومن حينها والمشكلة تزيد أكثر وأكثر، وبعدها حدثت مواجهات وتم ضربي فيها.

أرجو منكم الإفادة، فهل يوجد علاج لحالتي، أم أنه فات الأوان ولا يوجد؟ لأنني تعبت فعلا، وكرهت نفسي.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Moh حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الإشكالية الرئيسية في حالتك هي: أنني أرى أنك لا تقدر ذاتك على الأسس الصحيحة، وتحقير الذات أو التقليل من شأنها هو أحد الإشكالات المعروفة في الصحة النفسية، والإنسان حين لا يقدر ذاته على الأسس الصحيحة يعتقد أنه جبان وأنه ضعيف، بالرغم من أن ذلك ليس على الحقيقة، وفي ذات الوقت يوجد من يضخمون ذواتهم ويزكون أنفسهم بصورة ليست صحيحة، الإنسان يجب أن يفهم ذاته، ويجب أن يعرف مصادر قوته ومصادر ضعفه، وبعد أن يفهم ذاته يسعى لتطويرها.

أنت إن كنت تعتبر نفسك جبانا فأنا أقول لك: هذا الاعتقاد في حد ذاته ليس صحيحا أبدا، وهنا تكمن المشكلة لديك، لا يوجد خط فاصل بين من هو جبان ومن هو شجاع، هي أمور نسبية أخي الكريم، وأنت الآن في عمر أصلا يجب ألا تدخل في شجارات، يجب أن تكون دائما في رفقة الصالحين والطيبين والذين لا يتعاركون ولا يتشاجرون، ما الذي يدفعك أن تكون في محيط فيه تجاذبات سلبية؟ فأرجو أن تصحح أخي الكريم مفهومك عن ذاتك، وألا تصف نفسك بالجبان أبدا، وأن تعيش حياة الشخص المحترم، الشخص الذي يتمتع بالحياء، والحياء شطر من الإيمان أخي الكريم.

أنت محتاج حقيقة أن تكون لك رفقة طيبة، صحبة طيبة، وتتخذ هذه الصحبة الطيبة نموذجا، ومحتاج لتدريبات بسيطة جدا: أن تعبر عن ذاتك أولا بأول خاصة الأشياء التي لا ترضيك، تعبر عنها أولا بأول، وأيضا أنت محتاج لأن تقوم بتدريبات سلوكية وهي على مستوى الخيال لكنها مفيدة جدا؛ لأن الإنسان يمكن أن يتخذها وسائل للمواجهة، كيف يواجه موقفا معينا، فأنا أريدك أن ترسم سيناريو في ذهنك يتطلب منك أن تواجه مشكلة معينة أو موقفا معينا، وما هي التصرفات التي يجب أن تتصرفها في ذاك الموقف؟

مثلا: إنسان اعترضك في الشارع أو في الطريق، أو كنت تقود سيارتك مثلا وتعدى عليك أحد في الإشارة الضوئية بكلام بذيء؛ كيف ستواجه هذا الموقف أخي الكريم؟ طبعا لن تعتذر له، ولن تنسحب له، إنما تكون شخصا منضبطا في كلماتك، وقويا، ولا تخشى شيئا، والحق منجاة -أخي- في جميع المواقف، إذا درب نفسك على هذه السيناريوهات، وهي أحد الطرق الجيدة جدا التي تجعل الإنسان يقف المواقف الإيجابية.

أخي الكريم: الانخراط أيضا في العمل التطوعي يعلمك الإقدام على فعل الخير، والإنسان حين يقدم على فعل الخير لا شك أن نفسه سوف ترتقي، ويمتلك القوة والشجاعة التي تجعله يشارك في هذه المواقف.

أخي الكريم: هذه هي الأسس، ولا توجد أسس أخرى لتصحيح المفاهيم عن ذاتك، وأن تنظر فيما هو إيجابي، وأن تطور ما هو إيجابي، وأن تقلص ما هو سلبي، وأن تعتمد على الصحبة الطيبة، الانخراط في الأعمال التطوعية والمجتمعية أيضا يؤدي إلى بناء الشخصية، ودائما فرغ نفسك أولا بأول، عبر عن نفسك، لا تجعل نفسك محتقنة، والتعبير يكون في حدود الذوق والأدب، وكما ذكرت لك يكون أولا بأول.

قم بالتطبيقات السلوكية، بأن تتصور مواقف معينة، وكيفية الوقوف في مثل هذه المواقف، وهكذا.

احرص على صلاة الجماعة في الصف الأول، هذا أيضا يعطيك القدرة على الإقدام، بل أريدك أن تتصور أنك في يوم من الأيام قمت بالصلاة بالجماعة حين تخلف الإمام، هذه مواقف تبني في الإنسان الصلابة والقدرة، ولكن الأمر أمر فكري، هذا مهم جدا جدا، التقييم الفكري مهم جدا، لا تقلل من قيمة ذاتك أبدا، هذا مهم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات