السؤال
لدي أخ يبلغ 10 سنوات، والدي ووالدتي كبيران بالسن، والمشكلة أن الولد مدلل إلى حد الترف من قبل الوالدين والإخوة، وذلك للفرق الكبير بينة وبين إخوانه في السن، وهو الآن في الصف الرابع الابتدائي.
والمشكلة التي نواجهها معه أنه عنيد جدا، ويجب علينا تنفيذ كل طلباته، مستواه الدراسي في انحدار، يحب اللعب كثيرا ويفضلها على الدراسة.
والمشكلة الأخرى: أنه لا يواجه العقاب حيث إذا عوقب من شخص يجد الآخر في جانبه.
أنا في حيرة من أمري، كلمت والداي باستخدام أسلوب العقاب والحرمان، ولكن والدتي تتنازل بسرعة حيث يستمر في البكاء إلى أن يتم تنفيذ طلباته.
الرجاء إعطائي مشورتكم بأقرب وقت ممكن، في كيفية معاملته، والأسلوب الأمثل للعقاب والثواب، وما هو الأسلوب لجعل الطفل محبا للدراسة؟ وهل البكاء المستمر يؤثر على نفسية الطفل؟ فكما ذكرت يستخدم أسلوب البكاء والصراخ للوصول إلى غرضه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Q8 حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن ينفع بكل بلاده وعباده، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا...
إن الوالدين إذا رزقا بطفل في أيام الكبر أكثرا من العطف عليه والاهتمام به، فينشأ مدللا، وهذا لا يقل في خطورته على القسوة وعدم الحنان.
وليس من مصلحة الطفل أن يكون له ظهر يحميه ويشكل له حصانة ضد العقاب، فإن الطفل ما سمي طفلا إلا لأنه لا يعرف ما يصلحه؛ فهو محتاج إلى من يوجهه بحكمة واعتدال، وتكون المصيبة والمشكلة حين يصبح الطفل هو الموجه، وتجري الأسرة وراء رغباته وطلباته، ولا تحتمل دمعته وصياحه.
ونحن نضر أطفالنا كثيرا إذا لم نؤهلهم لمواجهة صعاب الحياة، وندربهم على الاحتكاك مع الآخرين، والتعامل معهم بالحسنى.
ولا يخفى على أمثالكم أن الطفل المدلل عندما يخرج للحياة يصطدم بأشياء كثيرة وأولها فقده لذلك الدلال، وعجزه عن مجاراة الآخرين، وضعفه أمام واجبات وتكاليف الحياة.
ولا بد من الاتفاق على منهج موحد للتربية والتوجيه، فإذا عاقبه أحد من في المنزل فينبغي للآخرين أن يقولوا له: إن في ذلك مصلحة لك، ونحن أيضا لا نرضى حتى تذاكر دروسك وتهتم بواجباتك، وتطيع ممن هو أكبر منك في السن، فلا يصح أن نقول مسكين لماذا تعاقبوه؟ فإن الطفل إذا سمع هذا النوع من الكلام عاند وكابر، وحرص على أن يكون إلى جانب من يحميه، وبهذه الطريقة فلن يحل واجبا ولن يسمع إلى نصح.
وأرجو أن تشرحوا للوالدة خطورة الاستجابة لكل طلباته إذا بكى؛ لأنه سوف يجعل هذا سلاح له يرغمكم به على تنفيذ طلباته، حتى ولو كانت مصادمة لمصلحته ولدينه.
ولا شك أن العلاج يبدأ بمحاورته بلطف، وإخباره بأن أسلوب البكاء لا يليق بالرجل مع تعمد عدم تنفيذ طلباته إذا بكى، والثناء على كل خطوة إلى الأمام، وإعطائه جائزة في اليوم الذي لا يبكي فيه.
وأرجو أن تشتمل خطوات العلاج على التالي:
(1)الدعاء له فإن الله يجيب من دعاه.
(2)إشعاره بالحب والاهتمام حتى لا يبكي ليلفت الأنظار.
(3)الإكثار من إخراجه من المنزل إلى مواطن الخير، وتعمد عزله عن الوالدة لبعض الوقت.
(4)إهماله إذا بكى وصرخ.
(5)الاتفاق على خطة واحدة في التوجيه.
(6)وضعه مع أطفال آخرين حتى يعتاد على التعامل والاحتكاك بالناس.
وإذا أردنا استخدام أسلوب الحرمان فلابد من مراعاة الآتي:
(1)عدم حرمانه من الأشياء الأساسية كالمصروف المدرسي والطعام؛ لأن ذلك ربما علمه السرقة وجعله ينظر إلى ما في أيدي الناس.
(2)أن لا نكثر من استخدام هذا العلاج.
(3)أن نتفق على ذلك، فلا فائدة إذا حرمه هذا ولبى طلبه الآخر.
أما بالنسبة للعقوبة فلا بد أن تكون مناسبة للخطأ، وأن تكون بتدرج، وأن لا تتخذها عادة، وأن لا نعاقبه في وجود أقرابه وفي حضرة من يحب، وأن لا يصاحب العقوبة توبيخ، وأن نعرفه بالسبب الذي عوقب لأجله.
ومن الأساليب الناجحة في علاج العناد، بيان فضل الرجوع إلى الحق والاعتراف بالخطأ، والثناء على الطفل المطيع، وفتح باب الأمل أمامه بأن نقول: فلان ممتاز لو ترك العناد، أو سوف أزيد من حبي واحترامي لفلان إذا ترك العناد.
وسوف يعود هذا الطفل إلى صوابه – بحول الله وقوته – إذا وجد القدوة الحسنة، فاحرصي على أن يرى منكم الوفاق والحب والاحترام المتبادل.
والله الموفق.