كيفية الجمع بين العمل الدعوي والدراسة في مجال الطب

0 286

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طبعا تعلمون المكانة العالية التي أعطاها الله تعالى للوالدين، وانطلاقا منها جعلت لي قاعدة أن أحاول جهدي طاعتهم، ودخلت مجال الطب رغما عني؛ لأنها رغبة والدي، وسافرت إلى أوكرانيا مكرها للدراسة هناك؛ لأنني لم أوفق لدخولها في بلدي، -وسبحان الله- كان فيها خيرا عظيما، وحاولت الاجتهاد في هذا المجال، وأنهيت الدراسة -ولله الحمد- دون أن أتخصص ثم طلبوا مني العودة؛ وذلك بسبب ما أشيع عن هذا البلد، وأننا نشتري الشهادة، فعدنا ثم تقدمت للامتحان الأول ولم أنجح فيه، فكانت بداية نهاية ثقة والدي، وكنت أتلقى الشتائم، وسبب كل هذا هو التدين (رغم أن والدي من أكثر الناس لطفا وهو طبيب وحاج)، ثم تفرغت بعد ذلك وانقطعت عن كل شيء إلا الدراسة، ولا أخرج إلا للصلاة وما ندر.

قررت وزارة التعليم عندنا أن تقيم دورة لنا في دمشق لتجهيزنا للامتحان، وكلفتنا ما يقارب الألف دولار، وكنت أراها أمرا للتجارة ورفضت، ولكنهم أصروا ثم قدمنا الامتحان بشكل ممتاز، ولكن النتيجة بعد حوالي الشهر تفاجئنا أنه لم ينجح ممن سجلوا في الدورة إلا القليل، ولم أكن من الناجحين ولله الحمد على كل حال، ولكنها قطعت العلاقة مع الأهل، ولم يستحملوها ولم أجد أصعب من أن أرى الحزن والغضب في عيونهم وكلامهم بسبي، طبعا الأمر مزعج له لأنه طبيب وبين زملائه، أعلم هذا وأشعر به.

والمشكلة أني لا أستطيع أن أجلس معهم لأن الحديث ينتهي في غالب الأحيان إلى أن أشعر بأني سأتدمر، ولم يعد عندي رغبة في أن أفتح كتابا طبيا في الوقت الحالي، أمي أشارت لأبي بالعودة إلى أوكرانية، لكن أبي وأمي الآن يعيشون لوحدهم فجميع إخوتي في الخارج ولا أجد شجاعة بتركهم مع عدم رغبتي بالبقاء.

سؤالي باختصار: أنا أريد السفر للعمل الدعوي إضافة للاختصاص في أوكرانية، لا أطيق البقاء لأنني مقيد في البيت وخارج البيت ولم أجد سعادة إلا في العمل الدعوي، أهلي غير معارضين حاليا لسفري ولكن أخشى أن أتركهم لوحدهم، فما هو الأفضل؟

وجزاك الله خيرا على كل شيء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ramizaini حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبك.

فإذا كان أهلك غير معارضين لسفرك، فنحن نفضل أن تسافر بشرط أن تضاعف المجهود في المذاكرة، وتكرر المحاولة تلو المحاولة، وتلح في اللجوء إلى من بيده ملكوت كل شيء، ولن يخيب سعيك –بإذن الله– ولست أول من يتعثر في مشواره العلمي، بل إن كثيرا من المبدعين ما ظهروا على مسرح الإنجاز إلا بعد محاولات عديدة، وربما طرد بعضهم من قاعات الدراسة، لكنهم لم ييأسوا.

ولن يكون التدين سببا للفشل، وهانحن نشاهد أهل الدين والدعوة يتفوقون في شتى المجالات، ولا تظن أن الدين يطالبك بترك الدراسة وإهمال المذاكرة والتغيب عن المحاضرات، بل إن الدين يجعل طلب العلم عبادة، ومذكراته تسبيح، وتعليمه للناس صدقة، والسفر من أجله جهاد، وكل ذلك بشرط صدق النية والإخلاص لرب البرية.

ولا شك أن علم الطب من العلوم التي تحتاجها الأمة بشدة، حتى لا تحتاج إلى الأطباء الكفار، الذين لا يرقبون في مؤمن إلا وذمة، كما أن الطب من أكثر المهن التي نحتاج فيها إلى المتدينين، الذين يؤتمنون على الأعراض، ويفقهون الأحكام الشرعية، ويخافون الله في أمرهم للمرضى ونهيهم، ويحرصون على دعوتهم إلى الله وتذكيرهم بثواب الصابرين.

وأرجو أن توازن بين دعوتك ودراستك، وتحرص على إدخال السرور على والديك، واعلم أن الإنسان عليه أن يبذل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، وقد أحسن من قال:

وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن ألق دلوك في الدلاء

ولا يخفى عليك أن النجاح يتحقق بعد توفيق الله وتقديره بما يلي:

1- كثرة اللجوء إلى الله.

2- البعد عن الذنوب والمعاصي، قال ابن مسعود: (كنا نحدث أن الخطيئة تنسي العلم).

3- حفظ البصر وصيانة السمع عن الغناء والمجون.

4- تنظيم الوقت والاجتهاد في الطلب.

5- بر الوالدين وصلة الرحم والإحسان إلى المحتاجين.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات