السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي سؤال حول زوجي، فهو لا يرغب في الإنجاب، تزوجنا منذ عام وسبعة أشهر، في البداية تفهمت وقلت له: أريد فقط معرفة السبب لماذا؟ قال: هكذا لا أريد الآن، قلت: إلى متى؟ قال: لا أعلم، هكذا بدون أي سابق إنذار، رغم أننا كنا نتحدث في فترة العقد ولم يذكر أبدا بأنه بعد الزواج لا يريد الإنجاب، وكان إذا تحدثت عن الإنجاب وقلت: أحب الأطفال وسأنجب الكثير إن شاء الله، كان يقول: إن شاء الله، ولم يذكر وينبهني بأنه لا يريد الحمل مباشرة بعد الزواج، بل حينما يقرر هو.
في البداية كانت صدمة لي، ولكن تقبلت وقلت سوف أصبر حتى تقرر، ولكن الأمر أصبح معقدا، ووصل للفراش، فلم تكن هناك بيننا علاقة، وإذا حدثت تحدث مرة كل شهر أو شهر ونصف، وتكون بالعزل، وهذا مهما صبرنا يؤثر على بقية العلاقات بيننا.
من فضلكم أحتاج إلى مشورتكم ونصائحكم في حالته، وإذا كان عن صحتنا فنحن -الحمد لله- بصحة جيدة، وماديا في نعمة -ولله الحمد-.
بارك الله فيكم، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نحن نتفهم مشاعرك وحرصك على الإنجاب، وهذا أمر طبيعي فطر الله تعالى عليه الإنسان، ولكن ينبغي أن تعالجي هذه القضية بالرفق واللين؛ لتصلي فيها إلى نتائج طيبة بعيدة عن إحداث شرخ أو مزيدا من التشنجات في العلاقة بينك وبين زوجك، ولذلك ننصحك بأن تقومي بالتالي:
أولا: ينبغي أن تعلمي بأن الزوج ربما يكون من بواعث تأخير الإنجاب لديه هواجس حول استقرار العلاقة الزوجية، واستقرار حال الأسرة المنشأة حديثا، ربما يكون هذا واحدا من البواعث، فينبغي أن تعالجي الباعث؛ لأنا إذا عرفنا السبب هان وسهل علينا معالجة المشكلة، فإذا استطعت أن تتلمسي برفق ولين الأسباب والبواعث التي تدعو زوجك لتأخير الإنجاب، فإنه سيسهل عليك حينها المحاولة لمعالجة الإشكال.
فإذا عرفت أن هذا هو السر فإن علاجه أن تسعي بكل ما أعطاك الله تعالى من الوسائل والأدوات لطمأنة الزوج باستقرار الأسرة، وأنها مستمرة، وذلك بحسن المعاشرة له بالمعروف، وحسن التبعل له، وطاعته، بحيث يطمئن أنه في أسرة دائمة ومستقرة، وهذا في الحقيقة هو وصف المرأة المسلمة لزوجها: (إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله)، فإذا شعر الزوج بأن هذا هو حال زوجته، لا شك أنه لن يخاف بعد ذلك حدوث عوارض تؤدي إلى تفرق الأسرة وهم الأطفال عند التفرق ونحو ذلك.
وقد يكون من البواعث لدى الزوج: مجرد تأخير الإنجاب حتى يعطي نفسه ويعطيك أيضا الفرصة لمحاولة الاستمتاع بالحياة الهادئة بعيدة عن مشاغبة الأطفال وإزعاجهم، وهذه الفترة التي قضيتها من الزواج إلى الآن ليست طويلة حتى تثير لديك كل هذا القلق وكل هذا الاستعجال، فكثير من النساء يتأخرن هذه المدة وأطول منها.
فإذا كان هذا هو الباعث فينبغي ألا تدخلي مع زوجك في نزاع وشقاق وجدال حول الإنجاب في الوقت الحاضر، ويمكن أن تعالجي هذه القضية برفق ولين، بأن تصبري نفسك أنت أولا، ثم تحاولي بهدوء إقناع الزوج بثمرات وجود الأطفال على الأسرة، وما يضيفه الطفل على الأسرة من البهجة والسرور، وليس مصدر إزعاج، ولا مقللا من استمتاع الرجل بزوجته، ونحو ذلك من الكلام الذي يغرس لديه هذه القناعة، ويعجل قراره بتحصيل الإنجاب.
كذلك ينبغي أن تضعي على زوجك المخاوف بسبب تقدم السن، فإن السن كلما تقدم كلما قلت فرص الإنجاب، وكذلك الإنجاب المبكر يتيح للوالدين القيام بحسن التربية وتعهد الحاجات للأولاد قبل أن يكبر السن فلا يستطع الإنسان بكل الوظائف المطلوبة منه تجاه أولاده.
فهذا الطرح الهادئ والمناقشة الهادئة لا سيما عند اعتدال مزاج الزوج وتقبله للنقاش والكلام، لا بد أنه سيؤدي إلى اهتمام في اتجاه حل هذا الإشكال.
أما إذا كانت البواعث غير هذه كلها، وكان لا يريد الإنجاب أصلا، فإن من حقك أنت أن تصري على الإنجاب، ولكن إذا لم يفعل ذلك فلك حق طلب الطلاق بسبب هذا الإخلال من الزوج، ومع هذا ننصحك: بالتروي وضرورة التريث قبل الإقدام على مثل هذه الخطوات، حتى تدرسي الحال من جميع جوانبه، وتستشيري أهلك فيما هو البديل عن هذا الحال الذي أنت فيه، فربما يكون البديل هو أسوأ مما أنت فيه، فلا بد من التريث قبل التعجل في اتخاذ مثل هذه القرارات، ونحن لا ننصحك بالاستعجال فيها الآن.
هذا كله إذا كان الزوج مصرا على عدم الإنجاب مطلقا، ولكن هذا لم يدل من كلامك، وإنما يريد فقط التأخير قليلا حتى يقرر متى يكون الوقت المناسب.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير، وخير ما نوصيك به حسن العلاقة بالله تعالى، والتوجه إليه بالدعاء: أن يرزقك الذرية الطيبة، وأن يقدر لك الخير حيث كان.