قدرة الله وتعلقها بالمستحيلات

0 36

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء، ويعينكم، ويوفقكم.

فإني منذ الصغر كنت مهتما في تأمل قدرة الله تعالى، وكنت عندما أفتح القرآن أبحث عن الآيات التي تتحدث عن قدرة الله تعالى وأتأملها، وعندما تواجهني مشكلة في حياتي، أو أعجز عن شيء فإني أتذكر وأتسلى بقدرة الله تعالى على كل شيء، وعندما كبرت صرت أبحث وأتعمق بهذه الصفة، وصدمت عندما علمت أن هناك شيئا يسمى مستحيلا لذاته، وأن القدرة لا تتعلق به، لأنه معدوم أصلا ولا يمكن إيجاده! لماذا؟ وكيف أصبحنا نفكر به ما دام غير موجود أصلا؟

قرأت الكثير من المقالات، وشاهدت الكثير من الفيديوهات لمشايخ ودعاة، منهم ابن عثيمين -رحمه الله-، لكن لا زلت غير متقبل بأن قدرة الله لا تتعلق بالمستحيل، وأن المستحيل ليس بشيء أصلا!

حاولت تجاهل التفكير بهذا، لكن لا يهدأ لي بال، فأقول -في عقلي- إن الله عز وجل خالق كل شيء، أليس هو خالق المستحيل؟ أليس له القدرة المطلقة على فعل كل شيء؟ أليس قادرا على إيجاد وفعل المستحيل لذاته؟

ملاحظة: لا أقصد بالمستحيل لذاته الأشياء التي تتعلق بذات الله تعالى كالشريك والولد -سبحان الله وتعالى-، بل أقصد الأشياء التي لا تتعلق بذات الله.

أدعوا لي بالثبات جزاكم الله خيرا، وثبتني وإياكم على الصراط المستقيم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الإله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب –ولدنا الحبيب– نسأل الله تعالى أن يوفقك للخير ويثبتك عليه.

ونشكر لك اهتمامك بتعلم العقيدة الإسلامية، وهذا دليل على أن الله تعالى يريد بك الخير، ولكن كما نشكر لك تعلمك واهتمامك بالتعلم الشرعي، ندعوك أيضا إلى الاشتغال بالنافع من هذا العلم، وهذه شيمة المؤمن وعادته، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز)، والعلم ينبغي أن يحرص الإنسان فيه على ما ينفع، وأن يدع فضول العلم وزوائده التي لا تعود بالنفع، فالأعمار غالية، والأوقات ثمينة، فينبغي شغلها وملؤها بما يعود على الإنسان بالخير في دنياه وأخراه.

وهذه المسألة التي تعرضت لها وهي: (تعلق قدرة الله تعالى بالمستحيل لذاته)، الأمر كما قرأت وكما بحثت، فإن المستحيل لذاته ليس شيئا، وأنت تورد كلاما متناقضا، فتقول: أنا أعلم أن الله تعالى خالق كل شيء، المستحيل لذاته ليس شيئا، والعقل لا يفرق وجوده أصلا، فكيف نبحث بعد ذلك هل يقدر الله تعالى عليه أو لا يقدر عليه؟ وكيف نفرض بعد ذلك أن الله تعالى يقدر على إيجاده وهو شيء معدوم لا يمكن أن يوجد؛ ولا يقدر العقل وجوده بحال من الأحوال؟، ولهذا أنت ذكرت أمثلة، واستبشعت فيها فرض الوجود، فقلت: (لا أقصد بالمستحيل لذاته الأشياء التي تتعلق بذات الله كالشريك والولد)، فوجود شريك مع الله تعالى مستحيل لذاته، فالعقل لا يمكن أن يقبل أبدا بوجود هذا المستحيل، فكيف نسميه بعد ذلك شيئا؟ وكيف نبحث هل يدخل تحت قدرة الله أو لا يدخل تحت قدرة الله؟

فالمستحيل لذاته العقل لا يفرض وجوده، وليس شيئا، ولهذا لم تتعلق به قدرة الله تعالى، أما المستحيلات التي صارت مستحيلة بسبب العادة فهذه لأنها يمكن وجودها، والعقل يتصور وجودها، ويفرض وجودها؛ فإننا نقول إن الله تعالى قادر عليها، وإن كان مع هذه القدرة لا يفعلها، لكنه قادر عليها لو أراد فعلها.

نحن ندعوك –أيها الحبيب– إلى التأمل والتفكر الذي يثمر إيمانا ويزيد بصيرتك، فتفكر في أفعال الله تعالى الدالة على أوصافه من القدرة، والعلم، والحكمة، والرحمة، وابحث في هذا النوع من المباحث ليزيد إيمانك، وتنتفع بهذا النوع من النظر والبحث.

أسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات