السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة ولدي طفل، أعيش حياة جميلة مع زوجي، محافظة على صلواتي وأذكاري، حالتي النفسية جيدة جيدا، في بعض الأحيان أمارس أحلام اليقظة، وأحب متابعة المسلسلات والأفلام التي يكون محتواها أكشن وجرائم.
قبل شهر ونصف تقريبا كنت في البلكونه مع طفلي، وراودتني فكرة غريبة تقول لي: ماذا لو رميت طفلي من البلكونه؟ رغم خوفي الشديد على طفلي، توترت لماذا فكرت هكذا! وذكرت الله ونسيت الفكرة تماما، ولم تخطر في بالي مرة أخرى، أكملت حياتي بشكل طبيعي، وبعد شهر ونصف وعن طريق الصدفة شاهدت فيديو يتكلم عن الوسواس القهري الإيذائي، وأنها تخطر على بال المريض بأنه يقتل شخصا ما، هنا توترت وخفت أنني مصابة بوسواس الإيذاء، رغم أنها لم تخطر في بالي إلا مرة واحدة، أشعر بخوف بعد مشاهدة هذا الفيديو، هل أنا مريضة بالوسواس القهري؟ ولماذا فكرت بهذه الفكرة الغريبة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك –أختنا الفاضلة– عبر إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، وأحمد الله تعالى على أنكم تنعمون بحياة أسرية جيدة، ونسأله أن يديم عليكم هذه النعمة، وأحمد الله تعالى على محافظتك على الصلاة والذكر، وأحمد الله تعالى على نفسيتك الطيبة بالرغم من أحلام اليقظة، ومن منا لا يحلم أحيانا ويسترسل مع أحلام اليقظة في هذا الواقع الذي نعيش فيه!
أختي الفاضلة: نعم، هناك شكل من أشكال الوسواس القهري والذي ذكرته بأنه الأفكار القهرية الإيذائية، حيث تأتي على الإنسان فكرة أنه ماذا لو عرض شخصا آخر طفلا أو راشدا للأذى، وغالبا يأتي هذا بما وصفت، تأتي للأم فكرة ماذا لو فتحت النافذة وألقت بطفلها، أو ماذا لو دفعت بالطفل أمام السيارة، أو ماذا لو حملت سكينا وآذت ذلك الطفل؟ كلها –أختي الفاضلة– وأمثالها أفكار قهرية مزعجة، غير معقولة، وغير منطقية، ودعيني أقول لك بما هو أكيد في الطب النفسي: إن هذا لا يعكس أبدا عدم محبتك لطفلك، بل على العكس، عادة يصيب الإنسان بأعز ما عنده، فهذه الفكرة القهرية التي تأتيك إنما هي دليل خوفك الشديد على طفلك هذا، الذي أدعو الله تعالى أن يحفظه ويقر به عيونكم.
أختي الفاضلة: دعيني أيضا أذكر لك حقيقة أخرى، أن هذه الفكرة بالرغم من أنها مزعجة مؤلمة إلا أنها تبقى فكرة، والفكرة هذه القهرية لا تتحول إلى عمل وتطبيق، فاطمئني من هذا الجانب، وخاصة أن الفكرة القهرية هذه لا تعكس إلا حبك ورعايتك لطفلك هذا، فاطمئني من هذا الجانب، ولا يمكن أن تأتي للإنسان لحظة يفقد السيطرة على نفسه ويجد نفسه منفذا لهذه الفكرة القهرية، اطمئني -أختي الفاضلة– من هذا الجانب.
الآن السؤال: ماذا علينا أن نفعل؟ هناك طريقان:
الطريق الأول: أن تحاولي دفع هذه الفكرة وتذكري نفسك بأنها مجرد فكرة قهرية، وبأنه لن يحصل أي أذى لطفلك، والحمد لله على ذلك.
الطريقة الثانية: إذا استمر انزعاجك من هذه الأفكار أو بدأت تزداد، فأنصحك عندها ألا تترددي أو تتأخري بأخذ موعد مع عيادة الطبيب النفسي، ليؤكد التشخيص ويصف لك أحد الأدوية المضادة للوسواس القهري، وهذا الدواء لن تحتاجي أن تأخذيه طبعا مدى الحياة، وإنما لعدة أشهر، حتى تختفي أو تخف كثيرا هذه الأفكار القهرية المزعجة.
وأطمئنك أن هذه الأدوية لا تحدث اعتيادا أو إدمانا، ومتى ما تم التعافي يمكن إيقاف هذا الدواء.
أريد أن أذكرك أيضا –أختي الفاضلة– أن هذا الوسواس القهري أحيانا ينتقل من شكل إلى آخر، فغير الأفكار المتعلقة بالإيذاء قد يأتي بأفكار لها علاقة بالدين والصلاة والوضوء والقرآن والذات الإلهية، أو غيرها من الأمور المزعجة غير المنطقية.
فقط أحببت أن أذكر لك هذا في حال –لا قدر الله– تغيرت طبيعة مضمون الأفكار القهرية، أن تبادري وتستشيري الطبيب النفسي حيث تسكنين.
ولا يفوتنا أن نذكرك أيضا بالابتعاد عن هذه المسلسلات والأفلام التي قد يكون لها نصيب في مثل هذه الوساوس في عقلك، ولو لم تكن كذلك لكفى أنها تسبب الإدمان وتأكل الأوقات؛ أنت أم وزوجة ووقتك ثمين؛ يمكن أن تنظميه، وتطوري نفسك في مجالات شتى، فتحفظين شيئا من القرآن، وتتعلمين التجويد، وتقرئين في التفسير؛ فهذا مما يقربك إلى الله سبحانه وتعالى، ويمكن أيضا أن تطوري نفسك في مجال التربية، أو أي هواية نافعة لك ولمجتمعك.
وأدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية، وأن يقر الله عيونكم بطفلكم هذا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.