السؤال
السلام عليكم.
منذ فترة كلما أظن بشخص شيئا ما يتغير في اليوم التالي، مثلا: كنت أقول إن أمي لا تقارنني بأحد، وفي اليوم التالي قامت بمقارنتي، وكنت أقول: أبي لا يقوم بمضايقتي وفي اليوم التالي فعل، ما الذي يحدث فكلما قلت أي شيء في نفسي عن عائلتي بالذات يقومون بعكسه في اليوم الآخر؟ وحتى أنني بدأت أعيبهم في نفسي لكي يصبحوا أفضل أو لا أفكر بهم إطلاقا، ولا أعلم ما الذي يحدث؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
أرجو أن تعلمي - بنتي الفاضلة – أن سوء الظن محرم من الناحية الشرعية، وأن الإنسان ينبغي أن يحسن الظن بالآخرين، ويحمل كلامهم وتصرفاتهم على أحسن المحامل، ويلتمس لهم الأعذار، فسوء الظن مرفوض من الناحية الشرعية، ويجر وراءه كثيرا من المشكلات، لأن سوء الظن يحمل على التجسس، ويوصل إلى الغيبة والنميمة، ويملأ النفوس من الحقد والضغينة وغيرها من أمراض القلوب، وهي من المحرمات، قال ربنا تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}.
فأرجو أن تتغير عندك هذه الصفة، ودائما الإنسان أيضا ينبغي أن يظن الخير ويتفاءل بالخير، ويحمل تصرفات الناس على أحسن المحامل، (التمس لأخيك سبعين عذرا، أو مائة عذر، فإن لم تجد عندها نقول: لعل عنده عذرا لا نعرفه)، فالإسلام يضيق هذه الدائرة.
وعليه أرجو قطع مثل هذه الأفكار، والانتهاء عنها تماما، والاشتغال بإصلاح النفس، واعلمي أن من أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها، والذي يسيء الظن يتعب نفسه، والذي يقارن مع الآخرين أيضا هو ظالم، لأن المقارنة ظالمة، المقارنة بين إنسان وإنسان فيها الظلم؛ لأنا لا نعرف الحقائق عن الطرفين، وإذا قارناهاما مع غيرهما فهذا ظلم لهما؛ لأنا لا نعرف من الغير إلا ما ظهر.
وبالتالي أرجو أن تنتبهي لهذه المسألة، ودائما الإنسان يشتغل بإصلاح نفسه، وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)، فلا تفكري في الناس طويلا، واشغلي نفسك بعبادة رب الناس، وهي الغاية التي خلقنا لأجلها، وهذا الذي يحدث نحتاج إلى أن تقطيعه من جذوره، فكلما جاءتك هذه المشاعر السالبة فاطرديها بحسن الظن، واطرديها بالاشتغال بذكر الله تبارك وتعالى، ادفعيها أيضا بالاهتمام بالنقائص التي عندك، فإن من الكمال للإنسان أن ينظر إلى عيوبه فيجتهد في إصلاحها وتصويبها وتصحيحها، لأن هذا هو الذي يحاسب عليه، فلسنا مسؤولين عن أحد، ولا تزر وازرة وزر أخرى.
السؤال مهم، وننبه مرة أخرى إلى أن سوء الظن لا يجوز، وسوء الظن فيه الظلم دائما، ونسأل الله لنا ولك ولهم التوفيق والسداد.