السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب عمري 22 سنة، مغترب منذ أكثر من 5 سنوات وحياتي بالغربة، لم أجمع شيئا من المال بسبب كثرة مساعدة أهلي بسوريا لسوء الأوضاع، ولا يبقى لي إلا ما يكفي لشراء طعام وشراب ومستلزمات المعيشة الأساسية.
ومنذ فترة فقدت عملي الذي استمر فترة 4 سنوات، والعمل الجديد بأقل من نصف الراتب السابق، والذي قيمته تكفيني فقط لمصاريفي الأساسية من إيجار وطعام ومواصلات فقط، وخاصة بعد الغلاء، وأشعر بالحنين لأهلي جدا -والحمد لله- ملتزم بصوم، وقيام الليل، وأخاف الحرام، وأجاهد نفسي قدر المستطاع، وأدعو كل يوم بشكل كبير جدا، ومع ذلك فقدت عملي وانتقلت إلى حال أسوأ، ومن شدة حزني لا أعرف كيف أكلم أهلي لفترات طويلة، وأهلي كلهم لا يصلون، حاولت أن أنصحهم كثيرا من غير فائدة.
ما نصيحتكم لي؟
آسف على الإطالة، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيهم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأن يوسع رزقك، وأن يقر عينك بهداية أهلك إلى الحق والصواب.
أرجو أن تعلم أن حاجة أهلك إلى الهداية تفوق حاجتهم إلى الطعام والشراب، فاجتهد في دعوتهم إلى الله تبارك وتعالى، وادع الله لهم بالليل والنهار، وقدم لهم النصائح، فإن الصلاة هي مفتاح الرزق لك ولهم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينك بهدايتهم وصلاتهم وصلاحهم، ونبشرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم)، فكيف إذا كان الرجل أو كانت المرأة هم الأب والأم والأهل، أغلى ما يملك الإنسان في هذه الدنيا.
نحن نؤكد لك أيضا وندعوك إلى الاستمرار في قيام الليل، والصيام، وكثرة اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وأيضا البعد عن المعاصي؛ لأن هذه مفاتيح للخيرات، واعلم أن الرزق له مفاتيح، أولها الاستغفار، والبعد عن الذنوب، فإن للمعاصي شؤمها وآثارها المؤلمة، (إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
فتعوذ بالله تبارك وتعالى من شيطان يريد أن يوصلك إلى اليأس، عد إلى طاعتك لربك تبارك وتعالى، وبالنسبة للعمل: ابذل الأسباب، ثم توكل على الكريم الوهاب، واعلم أن الله هو الرزاق، وأنه خلقنا لعبادته فقال: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، ثم قال: {ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}، فمسألة الرزق علينا فيها أن نسعى، ونحن كلفنا بالسعي، والرزاق هو الذي يتولى إطعامنا سبحانه وتعالى.
فاجتهد فيما خلقك الله لأجله، وهو العبادة والطاعة، ولا تقصر في التواصل مع الأهل أو في النصح لهم، أو في مساعدتهم بما تستطيع، وإذا كنت لا تستطيع فإن الله لا يكلفك ما لا تستطيع، كما قال ربنا: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، وما تبذله لأهلك لن يضيع، بل إنا نجد من يقوم بذلك يكونون موفقين في حياتهم ويفتح الله عليهم من أبواب الرزق ما لا يعلمه إلا الله، فاجعل اهتمامك بصلاتهم وصلاحهم هو الأساس، لأن هذا مصدر خير ورزق لك ولهم، وعليكم بكثرة الاستغفار، فإن الله يقول: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا}.
نسأل الله أن يرد أهلك إلى الحق ردا جميلا، وأن يفتح عليكم أبواب الرزق والخير، وأن يثبتنا وإياكم على الحق حتى نلقاه.