أمي ذات شخصية صعبة وعصبية، فكيف أتعامل معها؟

0 29

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

لدي مشكلة أعاني منها نفسيا وعصبيا، مشكلتي مع أمي، هي شخصية عصبية زيادة، طيبة أيضا، وكل ما يهمها في هذه الحياة هم أبناؤها، لكنها أيضا غالب الوقت أرى في عينها كرها لنا وللبيت.

لا أستطيع أن أتحكم في نفسي أو أتحكم في غضبي تجاه أمي، كانت قاسية معي جدا، بينما أختي الكبرى لا، وأرى نفس التعامل تعامله لأختي الصغرى، حيث إنها قاسية معها، بينما أخي الصغير تعامله بشكل جيد.

هذا يزعجني كثيرا، ولا أريد أن تصاب أختي باكتئاب مثلما حصل معي بسببها، أنا أعلم أن صراخي في وجهها يعتبر من عقوق الوالدين، لكني أخاف على أختي منها.

إنها حقا تقسو عليها صباحا ومساء، قبل الذهاب إلى المدرسة، وبعد رجوعها، حتى إذا كانت تتكلم تدعو عليها، وتقول لي: إني فيروس في هذا البيت، وإني أنقل العدوى لأختي الصغيرة أيضا.

إنها لا تعرف كيف تتعامل معي، ومع أختي كأم، حقا، فأحيانا تغضب بدون سبب، وتدعو علينا بدون سبب.

أحيانا تكون نائمة وتدعو علينا وهي نائمة، الآن أشعر أنها لا تتقبلني، وحاولنا أنا وأختي الكبيرة نصيحتها أن تغير تصرفاتها، وتقرأ عن كيفية تربية الأولاد، لكنها لا تتقبل الأمر بأنها مخطئة، وتغضب وتصرخ من جديد.

إننا على هذه الحالة منذ مدة كبيرة، حتى إني أنزعج وأحزن عندما تسميني فيروسا في هذا البيت، أشعر أنها لا تهتم لنفسيتي، ولا لنفسية أختي، لا أعلم الحل ولا أعلم كيف أتحكم في نفسي وفي غضبي؛ لأن هذا يؤذيني أيضا!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هداية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل، ونسأل الله أن يعينك على بر الوالدة، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا يخفى على أمثالك من بنات فاضلات أن الصبر على الوالدة لون من البر لها، وإذا لم يصبر الإنسان على والدته فعلى من يكون الصبر، ونحن بلا شك نقدر الصعوبات التي تواجهك وتواجه شقيقتك الصغرى، ولكن نتمنى أن تتفهموا ما يحصل من الوالدة، وتذكروا أن الشريعة تدعوكم إلى أن تقوموا بما عليكم، فإذا قصرت الوالدة فلا يحل لكم أن تقصروا.

اجتهدوا في أن تقوموا ببرها أولا، واحرصوا على كثرة الدعاء لأنفسكم ولها، وتجنبوا الأمور التي تزعجها وتثير غضبها، واطلبوا مساعدة الوالد والشقيقة الكبرى وكل من يمكن أن يؤثر، وحبذا لو ناقشوها في غيابكم، ليس بحضوركم، يتكلمون معها حتى تحسن طرائق تعاملها، ولكن من المهم أن تستمروا أنتم على ما يرضي الله تبارك وتعالى.

نحن ننزعج من قولك أنك تصرخين في وجهها، لأن هذا عقوق، وهذا أيضا لا يزيد الأمور إلا سوءا، فالأفضل من ذلك أن تتفادي هذا الصراخ أمامها، وأن تتفادي الاحتكاك معها، وأن تجتهدي دائما في الدعاء لها، وتجتهدي في البعد عن كل ما يثير غضبها.

لا شك أنك والشقيقة الصغرى؛ كل واحدة منكن تعرف الأمور التي تزعج الوالدة، متى تغضب الوالدة؟ ومتى تغضب جدا؟ فإذا تفادينا هذه الأمور خففنا من هذا الإشكال الموجود داخل البيت.

إذا كانت الوالدة تسميك فيروسا أو نحو ذلك من الكلمات المزعجة فلا تبالي؛ فالإنسان يعرف نفسه ويعرف قدره، وحاولي أن تشجعي الصغيرة أيضا على أن تتأقلم وتتكيف، ونحن على يقين من أن هذه الوالدة رغم القسوة الظاهرة منها إلا أنها تظل والدة، والإنسان قد يبتلى بوالد أو والدة فيه شيء من الصعوبة، عند ذلك ينبغي أن يتذكر الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى.

المطلوب منا هو أن نؤدي ما علينا، والمتأمل لآيات البر في سورة الإسراء: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} سيجد في ختامها: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}، قال العلماء: "في الآية تسلية لمن يقوم بما عليه – أو تقوم بما عليها – ومع ذلك لا يرضى الوالد ولا ترضى الوالدة".

إذا تذكرنا أن البر عبادة لله تبارك وتعالى، وجعلنا همنا رضا الله تبارك وتعالى؛ فإن هذا مما يخفف علينا من الضغط النفسي.

أكرر دعوتي لك وللشقيقة الصغرى بأن تقوموا بما عليكم، تتفادوا الاحتكاك مع الوالدة، ولا تزعجوها بكثرة الكلام، ودائما حاولوا أن تنظروا إلى الجانب الإيجابي، وأكرر دعوتي لكم بطلب مساعدة الوالد والخالات والأخت الشقيقة الكبرى، وكن من يمكن أن يؤثر على الوالدة تأثيرا إيجابيا، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.

لعلنا أيضا بحاجة إلى أن نذكر أن الإنسان عندما يتعامل مع الوالد أو الوالدة ما ينبغي أن يشعر أنه ند، هذا والد، هذه والدة، نحن من ينحني للعاصفة، نحن الذين ينبغي أن نتحمل منهم، أما أن يجادل الإنسان والده أو والدته فهذا مما لا نرجوه من أمثالك من الفاضلات.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ونؤكد أن الحياة يمكن أن تمضي، أو نخفف هذه الضغوط علينا، وعليه عندما نتفادى أسباب الشجار وأسباب الاحتكاك، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يهدي الوالدة لما يحبه ربنا ويرضاه.

إذا كان هناك مجال أن تتواصل مع الموقع وتقول ما عندها؛ حتى نعطيها التوجيهات والإرشادات، فهذا أيضا أمر حسن، ونسأل الله أن يعينكم على الخير، ونكرر لك الشكر على التواصل مع الموقع، وهذا يعطي مؤشرا بأنك حريصة على أن تعملي الأمور التي ترضي الله، ونسأل الله أن يكتب لك الأجر والثواب، وأن يعينك على التخفيف على هذه الشقيقة الصغرى، وتعاوني معها حتى لا تتأثر نفسيا كما حصل لك التأثر النفسي، والإنسان إذا عرف طبيعة من يتعامل معه فإن عليه أن يداريه، والمدارة هي أن نعامل كل إنسان بما يقتضيه حاله.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات