السؤال
السلام عليكم.
مررت بكامل أنواع الاكتئاب في حياتي ونوبات الهلع والضغط النفسي، والآن أحببت فتاة بشدة وتعلقت بها، وانفصلنا بسبب مشكلة بدأت منها وانتهت بي، أحبها كثيرا، ومنذ فراقها يقتلني الشوق والحنين، أحبها كثيرا، لا أستطيع نسيانها، لا أستطيع التوقف عن التفكير بها، وأفكر أحيانا بإنهاء حياتي والانتحار، لا أرى سبيلا إلا ذلك.
أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Salah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يهديك إلى أحسن الأخلاق والأعمال فإنه لا يهدي إلى أحسنها إلا هو، وأن يصرف عنك سيئ الأخلاق والأعمال فإنه لا يصرف سيئها إلا هو.
بداية أرجو أن تعلم أن نفسك غالية؛ ولأنها غالية ينبغي أن تشغلها بذكر الله وطاعته، والمهمة التي خلقنا لأجلها (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون*ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون)، واعلم أن الطمأنينة بحث عنها الناس مع النساء، ومع الأموال، ومع الوظائف، فلم يجدوها؛ لأن الطمأنينة مكانها واحد: (ٱلذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر ٱلله ۗ ألا بذكر ٱلله تطمئن ٱلقلوب).
عليه أرجو أن تجعل همك الأول المواظبة على ذكر الله وشكره وحسن عبادته، واعلم أن في هذا العلاج قهرا لعدونا الشيطان، ونسأل الله أن يعينك على بلوغ العافية.
وهذا لا يمنع أن تعرض نفسك على طبيب مختص، ونحذرك من مجرد التفكير في الانتحار؛ لأن فيه خسارة الدنيا والآخرة، ونؤكد لك أن هذه الفتاة التي كانت عندك وحصل بينكما التعلق ثم ذهبت عنك يمكن أن يرزقك الله بمن هي أفضل منها، ولكن من المهم أن تبدأ فتجعل همك أن تعمر قلبك بحب الله تبارك وتعالى، وبعد ذلك تسأل الله بإلحاح وصدق، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
وإذا كانت هذه الفتاة المذكورة قد حصل التعلق بها، ثم حصل الخصام والخلاف، فاعلم أن قلبك وقلبها وقلوب العباد جميعا بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، وما عند الرحمن من توفيق وخير لا ينال إلا بطاعته سبحانه وتعالى، كما أن هذا الكون ملك لله ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، ومما يعينك على نسيان هذا الذي حصل: الاشتغال بطاعة الله تبارك وتعالى، عمارة القلب بحب الله، وإدراك أن هذه الحياة لا يستطيع فيها الإنسان أن يمضي كما يريد، أيضا ضرورة أن تدرك أن الإنسان لا يدري أين يكون الخير، فإن الله يقول: (وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم...)، ففوض أمرك لله تبارك وتعالى.
وننصحك بأن تؤسس علاقاتك العاطفية على أسس شرعية، فالبدايات الصحيحة توصل إلى النتائج الصحيحة، وأي حب ينشأ بطريقة غير صحيحة يعتبر مصدرا للكدر والقلق، فتب إلى الله واحرص على المجيء لبيت الفتاة من الأبواب، ونسأل الله أن يقدر لك ما فيه الخير لك، فإذا كانت الفتاة ذات خلق ودين، فلا مانع من أن تبذل الأسباب من أجل أن تفوز بها، وبذل الأسباب يكون أولا بالدعاء أن يجعلها الله من نصيبك إن كان فيها خيرا، وتصحيح ما بينك وبين الله؛ لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين خلقه، ثم معرفة أسباب الخصام، والإقدام على خطبتها من أهلها لتكون العلاقة مبنية بناء صحيحا، والتزام الشرع في تنظيم هذه العلاقة.
وننصحك أيضا: ببذل الأسباب، وأن تعرض نفسك على طبيب مختص، وتكثر من تلاوة القرآن وذكر الرحمن، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به، والإنسان عليه أن يبذل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى، ونكرر تحذيرنا من مجرد التفكير في مسألة الانتحار، فإنك تخسر بذلك -عياذا بالله- الدنيا والآخرة، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن طالت أعمارهم وحسنت أعمالهم.