السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رسالتي موجهة للدكتور محمد عبد العليم.
يا دكتور! بدأت مشكلتي منذ الصغر، حيث كنت أعاني من رهاب اجتماعي متفاوت الدرجات، ولم يكن يعوقني كثيرا، وكان يصيبني بنوبات اكتئاب خفيفة تستمر شهرا وتذهب، وهكذا استمر الحال.
وفي 2020 أصبت باكتئاب شديد وإرهاق وتعب، وأفكار سلبية ونسيان وضعف تركيز، وشد عضلي شديد خلف الرقبة، فقدت متعة الأنشطة والمهام التي كنت أحبها، وتجاهلت الموضوع، فخف الاكتئاب، ولكن أصبت بوسواس قهري وتوهم مرضي، فكل عرض أصاب به، أبحث عما يتطابق معه من الأمراض، فأتوهم إصابتي بالقولون أو الغدة الدرقية أو غيرها، وأنا سليم من هذه الأمراض.
كذلك أعاني من الأفكار السلبية إلى يومنا هذا، خصوصا عند الخروج من البيت، أنظر إلى الدنيا أن لا متعة فيها، وهي متعبة ومملة، وازداد الأمر سوءا، وحاولت تجاهل الأمر، وقمت بعمل الحجامة، وقد شعرت بالراحة في أول أسبوعين، وبعد ذلك رجع القلق والتوتر أسوأ مما كان، ولكن الرهاب خف، والشد العضلي خلف الرقبة صار أسوأ، فعندما أحرك رقبتي أشعر بألم شديد.
مرت الأيام إلى 2020، فشعرت بخوف غير طبيعي، أخاف من أبسط الأشياء، أحس أن جسمي يقشعر، ودقات قلبي تزداد، ويزداد الشد العضلي خلف الرقبة.
راجعت الطبيب، وشرحت له حالتي، فوصف لي الزولفيكس 50، والإمتيل 25، ولم أبدأ بالعلاج، فأنا خائف من الأدوية، وقد أصبت مؤخرا بالأرق والصداع، وثقل عند الاستيقاظ من النوم، ساعدوني.
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أخي: رسالتك واضحة جدا، وقد أشرت إلى تسلسل الأعراض، وكيف أنها بدأت معك منذ الصغر، وكان الخوف هو أول هذه الأعراض، وطبعا الخوف في أثناء الطفولة متفاوت، وبعد ذلك ظهرت لديك أعراض اكتئاب وأعراض وسواسية، مع أعراض (نفس جسدية)، والتي تمثلت في الآلام العضلية المختلفة، وما ذكرته من أعراض أخرى.
أخي الفاضل الكريم: لا أريدك أن تعتبر حالتك حالة معقدة، أو أنك تعاني من عدة تشخيصات، الأمر في غاية البساطة، لديك قلق مخاوف وسواسي بسيط، أدى إلى ظهور اكتئاب ثانوي مصحوب بأعراض جسدية.
العلاج - أخي الكريم - هو كالتالي:
أولا: أن تتفهم أن هذه الحالة ليست خطيرة.
ثانيا: عليك بالاجتهاد في نمط حياتك لتجعله نمطا إيجابيا، خاصة فيما يتعلق بالتفكير، حيث إن الأفكار السلبية هي التي تدفعك نحو الأعراض الاكتئابية، لذا يجب أن تقطع تماما الفكر السلبي، وتستبدله بفكر إيجابي، ونمط الحياة الإيجابي يتطلب أيضا: ممارسة الرياضة باستمرار، وأنا متأكد أن الرياضة سوف تأتيك بخير كثير، كل هذه التقلصات العضلية التي تحدثت عنها علاجها يكون عن طريق ممارسة الرياضة.
على النطاق الاجتماعي: لا بد أن تحرص على واجباتك الاجتماعية، وتكون شخصا فعالا ومفيدا لنفسك ولغيرك، اللقاءات الجماعية مهمة جدا، وذلك من خلال: أن تشارك في المناسبات، وعليك أيضا بالصلاة مع الجماعة فهي -إن شاء الله تعالى- تؤدي إلى تأهيل نفسي كبير، وذلك بجانب الأجر العظيم الذي -بحول الله تعالى- يكون لك رصيدا في الآخرة.
أخي الكريم: بقي أن أقول لك إن العلاج الدوائي مكمل للإرشادات السلوكية التي ذكرناها لك، والدواء الذي ذكرته والذي يسمى (زولفيكس zolfix) هو الذي يسمى علميا (سيرترالين Sertraline)، علاج فعال جدا لعلاج القلق والخوف والوسوسة والاكتئاب. تبدأ بجرعة خمسة وعشرين مليجراما، وليس خمسين مليجراما، أي تتناول نصف الحبة يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة يوميا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله، السيرتراين - أو الزولفيكس - دواء سليم جدا، وغير إدماني، وغير تعودي، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.
بالنسبة للـ (أمتيل): لا داعي له، أود أن أستبدله لك بدواء قد يكون أنفع فيما يتعلق بالآلام الجسدية والتقلصات العضلية، الدواء يعرف باسم (دوجماتيل Dogmatil) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (سولبيريد Sulpiride) أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما (كبسولة واحدة) في الصباح لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله، وهو أيضا سليم وفاعل -بحول الله وقوته-.
إذا أرجو أن تتفهم حالتك حسب ما شرحناه لك، وأن تجتهد كثيرا في أن تجعل حياتك إيجابية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.