أسرفت على نفسي بالمعاصي وأتمنى التوبة النصوح، فكيف ذلك؟

0 2

السؤال

السلام عليكم.

انغمست كثيرا في المعاصي عن طريق مشاهدة الأفلام الإباحية، وتعلقت بها كثيرا، مما نتج عنها ممارستي للعادة بكثرة، ولم أكن كذلك من قبل، ثم قررت التوبة، واستطعت التحكم بنفسي لمدة 4 أشهر ونصف دون ممارستها، ولكن لا أدري ماذا حصل لي؛ فقد رجعت لها بقوة وشهوة أكبر بكثير، مع علمي بأن الله يراني، ولكن شهوتي كانت أكبر، مما أدى إلى أنني ابتعدت عن ربي، وأصبحت غير محافظ على صلاتي، ولا أقرأ القرآن.

لقد انغمست في المعاصي، وأصبحت بعد الممارسة ينتابني شعور بالكره لنفسي، وللحالة التي أنا فيها، فأستغفر ربي، ثم عند فتح الهاتف تظهر لي مقاطع عن التوبة، وتحذر من ارتكاب المعاصي، وكأنها تذكرني بالتوبة قبل فوات الأوان، وأني لم أفعل شيئا لآخرتي، وكيف سأواجه ربي وأنا على تلك الحال؟!

كما أنه في هذه الأيام السالفة توفي عدد من الشباب -ممن هم في مثل عمري-، فأحدث نفسي: ماذا لو كنت أنا مكان المتوفى؟!

أتمنى أن أتوب، وأرجو منكم الدعاء لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نبدأ من حيث انتهيت -أيها الحبيب-: وهو طلبك الدعاء لكل من قرأ سؤالك، فنحن ندعو الله تعالى لك، ونسأله سبحانه وتعالى أن يتوب عليك، وأن يلهمك رشدك، ويقيك شر نفسك، وأن يزين في قلبك الطاعة والإيمان، ويكره إليك الكفر، والفسوق، والعصيان، وأن يطهر قلبك، وأن يحصن فرجك.

وثانيا: نحن لا نزال نرى فيك بوادر الخير، وأسباب النجاة، وندعوك إلى استغلال ما بقي في قلبك من الخير والإيمان، للانطلاق نحو مرضاة ربك، وتصحيح المسار قبل أن يفوتك الوقت، فتندم حين لا ينفع الندم، فتألمك من هذه الحال التي تعيشها، وكراهتك لنفسك، ولهذه الحال، يدل على أن في قلبك إيمانا، وأنك على شيء من الخير، فاسع في زيادة هذا الخير قبل أن يضمحل وينتهي.

واستغل هذا النور الذي لا يزال في قلبك قبل أن ينطفئ، وسارع إلى ربك، واشكره سبحانه وتعالى على نعمة الإمهال والستر، فقد أمهلك، ولم يؤاخذك بذنوبك، ولو آخذك بها لهلكت، وستر عليك، ولو فضحك لكرهك الناس أجمعون، ولكن يعاملك الله سبحانه وتعالى باللطف، والرحمة، والبر، فاشكر نعمته عليك، واجعل من هذه المعاملة الإلهية لك باعثا لك على الحياء من الله تعالى، والرجوع إليه، فإنه ودود رحيم، يحبك، ويريد لك الخير، ولهذا يهيئ لك من الأسباب ما يدعوك إلى التوبة والإقلاع.

ما ذكرته -أيها الحبيب- من إتيان الرسائل إليك، والفيديوهات التي تحثك على التوبة والرجوع إلى الله؛ فهي شيء من الأسباب المادية التي يهيئها الله تعالى لك لترجع إلى ربك، فبادر -أيها الحبيب- واعلم بأن قضاء الشهوات بالطرق المحرمة لا يزيدك إلا شقاء وتعاسة، وتذهب هذه اللذات، وتبقى آثارها، فالسيئات مكتوبة، وكما قال الله: {أحصاه الله ونسوه}، فالملائكة تكتب، وصحفك تمتلئ بهذه الذنوب والجرائم، واللذات التي تقضيها تنقضي وتذهب، فأنت اليوم لا تشعر بلذة هذه المعاصي التي كانت بالأمس، ولكنك ستتحمل نتائجها وعواقبها، والنظر في هذه الأمور يدعوك إلى التوبة، ويسهل عليك الإقلاع عن هذه المعاصي.

وأنت مطالب -أيها الحبيب- بالصبر، فإن الله تعالى خلقنا ليبتلينا، فلا بد من الصبر على اجتناب معاصي الله، ولا بد من الصبر على القيام بطاعة الله
والصبر مثل اسمه مر مذاقته ** لكن عواقبه أحلى من العسل

واللذات الحقيقية -أيها الحبيب- تنتظرك في مستقبلك، سواء في مستقبلك الدنيوي إذا يسرها الله تعالى لك في الدنيا، أو في مستقبلك الأبدي الأخروي، أما هذه اللذات المحرمة، فما هي إلا إشعال للنار، ورمي لك في مستنقعات التعاسة والشقاء، فارحم نفسك، وبادر إلى إصلاح أحوالك، وتب إلى الله تعالى من الجرائم الكبيرة: كقطع الصلاة، والتهاون فيها.

وأما ممارسة العادة السرية: فإنك إن أخذت بالأسباب للإقلاع عنها، ولو مارستها في بعض الأحيان؛ فإن هذا الذنب يسير أمام هذه الجرائم الكبيرة: من قطع الصلاة، أو التفريط فيها، وحاول الأخذ بالأسباب التي تعينك على توبتك، وأول هذه الأسباب:

- تغيير البيئة التي ترتكب فيها هذه المعاصي؛ بأن تقطع صلتك بكل الأدوات التي تثير فيك هذه الغرائز، وغير صحبتك وأصدقائك، وابحث عن الرفقاء الطيبين، والأصدقاء الصالحين، واشترك في القنوات التي فيها خير وإعانة على الخير؛ فإن تغيير هذه البيئة والأصحاب، وقضاء أوقاتك مع من يذكرك بالله، ويأخذ بيدك إلى الطاعة، سيسهل عليك -بإذن الله تعالى- التوبة، وإصلاح الحال.

- وغض بصرك -أيها الحبيب- ما استطعت إلى ذلك سبيلا؛ فإذا فعلت هذا، وتوجهت إلى الله تعالى بصدق ليعينك على التوبة، فإن الله لن يخذلك، وسيتولى إعانتك، فهو لا يرد من دعاه، فمن توكل عليه كفاه، ومن اتقاه جعل له مخرجا.

- حاول -أيها الحبيب- إصلاح أحوالك كلها، ولكن بادر أولا بإصلاح ما هو أعظم فسادا، وبادر بالمحافظة على الصلاة في جماعة، والتعرف إلى من يعينك على طاعة الله، والتواصل معهم، وبذلك ستعود إلى الحالة التي يرضاها الله تعالى، ولو بالتدريج.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن عليك بالتوبة النصوح، وأن يصلح أحوالك كلها.

مواد ذات صلة

الاستشارات