فقدت الشعور بكل ما هو ممتع بعد وفاة والدي.. فهل سيزول هذا الشعور؟

0 21

السؤال

السلام عليكم

بارك الله فيكم، وجزاكم عنا خيرا.
هل يمكن أن يستمر فقدان الشعور بكل ما هو ممتع من أبسط الأشياء إلى أكثرها بعد فقدان أبي؟ فقد مر عامان وما زلت لا أشعر بشيء، لا أقول أني أشعر بالحزن، بل لا أشعر بشيء، رغم أني أصبحت راضية تماما، والحمد لله، لكني لا أشعر بخشوع الصلاة، ولا الدعاء، ولا حب التعرف على الأصدقاء، ولا الرؤى المبشرة، كما كانت في السابق، ولا الاحتفال، ولا العيد، ولا غيره.

رغم أني لست متشائمة مطلقا، إنما أشعر بأن الأمر خلل داخلي رغما عني، لكني لا أريد تناول أدوية نفسية نهائيا.

أبذل كل الجهد للتخلص من هذا الشعور بعيدا عن الدواء، أذهب إلى أماكن جديدة، وأجرب أشياء وأنشطة جديدة، وأقنع نفسي بتغيير كل الواقع، لكني ما زلت عاجزة عن التحكم في شعوري المتبلد.

فهل سيزول هذا الشعور؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - أختنا الفاضلة - عبر إسلام ويب، وندعو الله تعالى أن يرحم والدك ويسكنه الدرجات العليا، وأن يحسن إليه، وأن يلهمك الصبر.

نعم - أختي الفاضلة - وفاة الأب يمكن أن يكون حادثا صادما كبيرا في حياة الإنسان، كما هو حاصل معك، والناس في هذا ثلاثة أنواع: هناك من يصاب بالصدمة ثم يتجاوزها، وهناك من يعاني فترة طويلة، كما قال تعالى: {وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم}، والنوع الثالث - وهو حاصل معك - أنك تشعرين بشيء من عدم الشعور بالحزن، وما يسمى بـ (تبلد المشاعر)، وإن كان مصطلحا لا أحبه، وإنما يصاب الإنسان بشيء من الذهول من هول الصدمة.

ولكن دعيني أطمئنك أن هذا لن يدوم طويلا، وسيزول هذا الشعور، أولا: بأن تشعري بألم فقدان الوالد - رحمه الله تعالى - ومن ثم التكيف مع الحياة بشكل طبيعي بعد غياب الوالد ودون وجود الوالد إلى جانبك، فهذا الشيء الطبيعي.

وسرني أنك تحاولين القيام وتجريب أشياء جديدة، وأعمال جديدة، وأنشطة جديدة، محاولة أن تقنعي نفسك، ولكن أنصحك هنا ألا تبالغي في محاولاتك هذه، فأحيانا الإنسان عندما يحاول أن يحصل على شيء فإنه يبعده عنه، كالذي يحاول أن ينام إلا أنه يبذل جهدا كبيرا في أن ينام فلا يجد نفسه إلا في أرق، بعيدا عن النوم.

مارسي حياتك بشكل طبيعي، أمورك اليومية بشكل طبيعي، داعية الله تعالى أن يرحم الوالد، أظهري في حياتك وفي نفسك ما يحب الوالد لك، بأن تعيش حياة مطمئنة مريحة بعد أن بذل جهده في التربية وفي التنشئة.

أدعو الله تعالى لك بانشراح الصدر، وسلامة المشاعر، وأن يرحم الله والدك، ولا تنسي - أختي الفاضلة - أن ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، ومنها: (وولد صالح يدعو له)، ادعي لوالدك بالرحمة والمغفرة والإحسان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات