السؤال
السلام عليكم.
لدي أخت مريضة بالفصام منذ أكثر من 20 عاما، ولكنها للأسف غير ملتزمة بالعلاج، والكل يخاف منها، وتأخذ علاجها بالحيلة دون انتظام، فبدلا من أخذها لإبرة شهرية، فإنها تأخذها كل 4 أو 5 أشهر، وأي شيء يزعجها يجعلها تصرخ، وتعمل مشكلة.
الإشكال أني لست مقيمة عندهم، وأريد إجبارها على أخذ الإبر، ولكنني أخشى من صراخها العالي، وفكرة أن مريض الفصام ينسى؛ فإني لا أراها تنسى، كما أنها لا تستحم، وأحيانا تتبول على نفسها.
كنت أخوفها بالشرطة، فتخاف وتسكت، أريد أن أجبرها على إبر العلاج، ولكن أخشى من صراخها، أو أن تؤذي أحدا، فما نصيحتكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأشكرك على الثقة في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر أختك، والتي أسأل الله تعالى أن يعافيها، حيث إنها تعاني من مرض الفصام، ومرض الفصام له عدة درجات.
هذه الأخت يظهر أنها في المرحلة المتوسطة إلى المرحلة الشديدة، وأتفق معك تماما أن أحد الأسباب الرئيسة التي تقلل من استجابات مرضى الفصام للتعافي هو عدم الانتظام في العلاج.
هذه الأخت بالرغم من أنها ليست مقيمة عندكم، الذي أراه هو أن يتم إدخالها إلى المستشفى النفسي، وذلك من أجل تثبيت القواعد الطبية العلاجية الرئيسية، ما دامت تتبول على نفسها في بعض الأحيان، وما دامت لا تهتم بنظافتها الشخصية، فهذا يعني أن الفصام قد أطبق عليها.
وإدخالها للمستشفى لمدة أسبوعين أو ثلاثة سوف يتيح للفريق الطبي النفسي العلاجي أن يعالج الخطة العلاجية الآنية، ثم الخطة العلاجية على المدى البعيد، والخطة العلاجية المستقبلية لا بد أن تشمل: إعطائها العلاج عن طريق الإبر.
في بعض الدول هنالك ما نسميه بالخدمة النفسية المجتمعية، حيث إن الفرق العلاجية النفسية تأتي للناس في بيوتها، خاصة الذين لا يفضلون الحضور للعيادات، أو لا يلتزمون بعلاجهم.
المهم أنها سوف تستفيد كثيرا من دخول المستشفى، وسوف يتم -إن شاء الله تعالى- العلاج، واختفاء معظم هذه الأعراض الفصامية، وربما تصل لدرجة معقولة من الاستبصار تجعلها تتفهم أهمية العلاج، وهذا في حد ذاته يساعد كثيرا.
من ناحية الإبر -فالحمد لله-: توجد إبر ممتازة جدا الآن، هنالك الجيل الأول من هذه الإبر، ثم الجيل الثاني، والآن نحن في الجيل الثالث، وهناك دواء يعرف باسم (باليبيريدون Paliperidone) هذا اسمه العلمي، واسمه التجاري (افيجا Invega)، أو (سيستينا Cystina)، هذه الإبر تعطى مرة في الشهر، وبعد أن تستقر حالة المريض -بعد ثلاثة إلى أربعة أشهر- تعطى الإبرة بتركيبة معينة مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، والآن شركة (جانسن Janssen's) التي اكتشفت هذا العلاج أتت بإبرة معدلة، وهذه يتناولها المريض مرة واحدة كل ستة أشهر، يعني بمعدل مرتين في السنة، وهذا من وجهة نظري أمر ممتاز جدا، يجعلنا نضمن أن المريض قد أعطي له الدواء على الأقل بنسبة ستين إلى سبعين بالمائة (60 : 70%)، سوف تكون فعالية الدواء، وهذا أمر جيد جدا.
حقيقة يعاب على الإنفيجا أنه مكلف بعض الشيء، وإن كانت الآن شركة الدواء بدأت تقلل قليلا من السعر، لكن إذا حسبنا التكلفة الكلية سوف نجد أن هذه الإبرة مهما كان ثمنها فهي أيضا أرخص كثيرا، ويمكن أن تعطى إبر أخرى، وهنالك إبر أقل تكلفة.
عموما: هذا هو الذي أراه من حيث علاج هذه الأخت، دخول المستشفى لتثبيت الحالة، ووضع الخطة العلاجية المستقبلية.
والمريض حين يشعر بالسلطة العلاجية -والطبيب هو مركز السلطة العلاجية- يستكين، ويستجيب، ويستطيع الطبيب الحاذق أن يبني علاقة بينه وبين مريضه تقوم على الثقة، والتقدير، والاحترام، والتعاون فيما يتعلق بالخطة العلاجية.
ومن جانبكم قطعا سوف تعاملونها المعاملة الطيبة، لا تجعلوها شخصا هامشيا في الأسرة، أعطوها بعض المهام، تكلموا معها، المؤانسة، التشجيع ... هذا كله فيه خير -إن شاء الله-.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.