كيف أتعامل مع أناس يظلمونني ويسخرون مني؟

0 4

السؤال

السلام عليكم

أحفظ جل كتاب الله، وقد كان لي الحظ الوفير من قراءة القرآن، والالتقاء بالمشايخ الثقات، تعرضت للأذى من العديد من حفظة كتاب الله ظلما وجهلا، وسذاجة مني، وحسبي الله ونعم الوكيل، بل إن منهم من قال لي كلاما وظهر لي بأنه صوفي، وبعضهم أشعري، وبعضهم جاهل، وكلامه سطحي في الدين.

حاسبت نفسي كثيرا، ولكن لم أجد خطأ، وعندما لاحظت أن أحدهم اعتذر لي، وقال إنه مقصر، قلت نعم أنت مقصر، وأنا أسامحك، فقد كان يتجاهلني دون سبب، وتعرضت للظلم غير الخفي، حتى إن هناك أناسا أظهروا أنهم أحسن مني، وهم لا يعرفون بأني حافظ لكتاب الله، ومقيم لأوامر الرسول بعون الله، وعندما أقول هذا النص يقولون هل أنت صحابي؟! ويسخرون مني، وبعد فترة التزموا، ولكنهم كانوا يظلموني، فأقول في نفسي: هل غفر الله لهم ظلمهم لي، وسخريتهم مني، وأنا لم أسامحهم؟

قصصت للطلبة الذين معي بعض القصص التي تغضبني، فوجدت أن دكتور الجامعة يفعل هذا معي، فحزنت وقلت لماذا يستفزني ويسخر مني؟

صارت نفسي متعبة، بسبب كثرة هموم الدنيا، ويقولون لي أنت مدلل، وأبوك كذا وكذا، لذلك أنت عاق، ويحطموني بكلامهم.

علما بأني لم أدع على أحد إلا وجدت دعوتي أصابته، حتي ولو بعد حين، حتى إنه بعد فترة ظهرت للناس الكثير من الحقائق، -والحمد لله- ولكن لم يعتذر لي أحد، بل زعموا أنهم لم يفعلوا أي شيء معي، فقلت لهم وأين الجدال الذي أجبرت عليه، والكلام والظلم والكثير؟ فقالوا لي لم يحصل شيء.

أخبرت الكثير منهم عن أحلامي، وأني رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إنه مريض، ويقول: أمرضتني أمتي، فحزنت وبكيت، وحضنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وما إن حضنته وقبلته على جبينه حتى وقفت بجانبه، فإذا هو صلى الله عليه وسلم يقوم صحيح البدن، وبعض الرؤى عن النبي كأني رأيت الناس يردون الحوض، ويشرب خلق كثير، وأنا متردد، حتى أتاني الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخذ بيدي، ودخلت الجنة.

لما أخبرت الكثير بما رأيت سخروا مني، ولم يظنوا أني حافظ لكتاب الله، وأقوم الليل، وأنفق بالسراء والضراء، وذاكر لله.

أريد نصيحتكم، وتصبيركم، ما علمت نفسي إلا الحق، حتى إني أتكلم بالدين، ويسخرون مني أنا بالذات، وعندما يتكلم صديقي في التحفيظ سابقا يصدقونه، وأحيانا يمارس علي التشويه، ولكن -الحمد لله رب العالمين- فسمعتي ما زالت طاهرة، ولكن هناك أناس ظلموني، ولم يعتذروا، وهذا ما أحزنني، حتى أني أحضرت شيخا فقال لي: أنت بك عين وحسد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- ونشكر لك التواصل والسؤال، وإنما شفاء العي السؤال، ونهنئك على حفظ كتاب الله، وعلى ما أنعم الله عليك من النعم، ونسأل الله أن يعينك على شكرها، لتنال بشكرك لربك المزيد.

لا يخفى عليك أن (المؤمن - أو المسلم - الذي ‌يخالط ‌الناس ويصبر على أذاهم، خير - أو أفضل - من المؤمن الذي لا ‌يخالط ‌الناس ولا يصبر على أذاهم).

إذا كنت -ولله الحمد– كما ذكرت؛ فاحمد الله أنك مظلوم مأجور ولست بظالم لأحد، فاستمر على ما أنت عليه من الخير، واشغل نفسك بتلاوة كتاب الله تبارك وتعالى، وبكثرة اللجوء إليه، ولا تقف طويلا أمام كلام الناس وإساءاتهم المقصود منها وغير المقصود.

اعلم أن الإنسان عندما يسيء لأخيه يعطيه من حسناته أو يأخذ من سيئاته، ليكون – والعياذ بالله – مفلسا يوم القيامة، كما ورد في الحديث: (إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا ‌من ‌حسناته ‌وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه).

تجنب الجدال معهم، ولا تقف طويلا أمام المواقف التي تحصل منهم، واحرص دائما على ذكر الله وكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

بالنسبة للأحلام التي شاهدتها: لست معبرا للأحلام، ولكن أرجو أن يكون فيها الخير، واحرص دائما على التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم، والسير على خطاه وهداه، ولا تقارن نفسك بالآخرين، وإنما اجتهد في أن تكون قائما بما عليك، والإنسان عليه أن يؤدي ما عليه ويسأل الله تبارك وتعالى الذي له.

الإنسان في هذه الدنيا لا بد أن يواجه صعاب، لكن إذا تذكر الأجر والثواب فإن كل ذلك يهون، ونسأل الله أن يعينك على الخير، واستمر في تلاوة كتاب الله والمحافظة على ما حفظت، وتزود بالعلم الشرعي، ولا تحاول أن تجادلهم؛ لأن الجدال ليس فيه خير إذا كان عقيما ولا ثمرة من ورائه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا زعيم ببيت في ‌ربض ‌الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه).

نسأل الله أن يعينك على الخير، وأنت ولله الحمد على خير، ولا مانع من أن تقرأ الرقية الشرعية على نفسك، أو تأتي بقارئ متخصص ليقرأ عليك، ونسأل الله أن يكتب لك السلامة والعافية.

مواد ذات صلة

الاستشارات