دائم التعب والضيق وأحب الوحدة وأبكي دون سبب!

0 27

السؤال

كنت دائم التعب والضيق، وأحب الوحدة، ومشاكلي أنا وأبي كثيرة، وأبكي بدون أسباب، علما أن بعض الناس عملوا لي أعمالا فيها أذية كثيرة عند السحرة وأنا لا أعرف، وقد قابلت عدة أشخاص فأخبروني أني ملبوس، وعند النوم لا أشعر بجسدي، والكلية اليمين عندي دائمة الألم، والعلاج لا يفيد بشيء، فماذا أفعل؟ علما أني من حين لآخر أقوم بعمل جراحة للكلية اليمنى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - أخي الفاضل - عبر إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال المتعدد الجوانب.

أخي الفاضل: ذكرت عدة جوانب في سؤالك، وربما ليست بالضرورة متعلقة ببعضها، فمن جهة ذكرت أنك تشعر بالتعب والضيق والوحدة والبكاء، فنعم هذا ربما يعكس طبيعة شخصيتك، وربما حالة من الاكتئاب النفسي، إلا أنك لم تعطنا تفاصيل أكثر في هذا لنؤكد تشخيص الاكتئاب النفسي.

وهناك أيضا جانب صعوبة العلاقات مع والدك، لا أدري إن كنت تتحدث عن شيء في الماضي أو في الحاضر، وهذا يحتاج إلى تفكير ومحاولة لعلاج هذه العلاقة.

ثالثا: تتحدث عن اعتقادك بأن الناس قد عملوا لك أعمالا، وأنهم يقولون لك أنك ملبوس.

أخي الفاضل: لا تشكل حياتك بناء على كلام الناس لك، فكثير من الناس يقولون كلاما ولا يدركون أبعاده، فحاول أن تخفف التأثر بمثل كلام الناس هذا.

رابعا: تتحدث عن عدم الشعور بجسدك عند النوم، فهذا أمر طبيعي، فكل إنسان وهو في مرحلة الدخول في النوم يشعر وكأنه غاب عن هذا العالم، ورويدا رويدا يغط في نوم عميق، وبالتالي لا يعود يشعر بجسده، وربما أنت تشعر بشكل معين من هذا الأمر، كونك - كما يبدو - حساس وسريع التأثر.

خامسا: تحدثت عن وجود آلام الكلية اليمنى، وأنك تقوم بإجراء بعض العمل الجراحي للكلية اليمنى بين الحين والآخر: كنت أتساءل في نفسي ما هي أنواع هذه الجراحات التي تجريها بين الحين والآخر؟ على كل: هذا ليس في تخصصي، وأترك هذا لطبيب الكلى أو طبيب المسالك البولية، فهو أدرى بهذا، وإن كان هذا غريبا أن يقوم الإنسان بعملية جراحية كل فترة وأخرى -يمكنك معاودة الكتابة إلينا عن حالتك هذه بشيء من التفصيل ليجيبك أخصائي المسالك وطبيب الكلى-.

أخيرا - أخي الفاضل - أنصحك بأن تكثر من النشاط البدني الرياضي، فمثل سنك يجب أن يكون عنده برنامج يومي للنشاط البدني أو الرياضي، وطبعا هذا له علاقة بطبيعة عملك، كونك محاميا، فأنت في مكاتب معظم الوقت فلابد من الحرص على الرياضة لتخف عندك كل هذه الأعراض.

أخيرا: إذا طالت المعاناة - وخاصة من شعورك بالتعب والضيق وحب الوحدة - فيمكنك أن تراجع عيادة الطبيب النفسي.

أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
+++++++++++++++++
انتهت إجابة د. مأمون مبيض استشاري الطب النفسي وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي المستشار الشرعي والتربوي:
+++++++++++++++++
نجدد الترحيب بك – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك عاجل العافية، وأن يصرف عنك كل مكروه.

قد أفادك الأخ الفاضل الدكتور مأمون بما ينفعك من نواح كثيرة، ونزيد هنا أن نؤكد على أمور:

أولا: ينبغي أن تحذر – أيها الحبيب – من تسلط الأوهام عليك بأنك مصاب بالسحر أو مصاب بالعين أو غير ذلك؛ فهذه الأوهام أثرها السلبي على الإنسان وعلى نفسيته أمر ظاهر لا يخفى، ونؤكد ما قاله الدكتور مأمون ألا تعتمد على كلام الناس وتشخيصهم لحالتك، واعلم أن كل شيء يجري وفق قدر الله سبحانه وتعالى، ولا يحصل شيء في هذا الكون إلا بإذنه، فاربط قلبك بالله، واعتصم به، وأحسن التوكل عليه، فإن الناس لو اجتمعوا على أن يضروك فإنهم لا يقدرون على ذلك إلا بما أذن الله تعالى به، وهذه العقيدة الثابتة الراسخة تورث الإنسان المؤمن الطمأنينة والسكينة والشجاعة وحسن الظن بالله تعالى، وتطرد عنه القلق والخوف، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عمه عبد الله بن عباس وهو غلام شاب، قال: واعلم ‌أن ‌الأمة ‌لو اجتمعوا على أن ينفعوك، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف، فلا تبال كثيرا من هذه الأوهام، ولا تستسلم لها.

ثانيا: نوصيك – أيها الحبيب – بالتحصن بذكر الله تعالى؛ فإن ذكر الله تعالى حصن حصين، يتحصن به الإنسان من شرور الشياطين، شياطين الإنس أو شياطين الجن، فداوم على الأذكار وخاصة الأذكار المؤقتة بوقت خلال اليوم والليلة، أو المربوطة بعمل من الأعمال، فداوم على أذكار الصباح والمساء، والنوم والاستيقاظ، ودخول الخلاء والخروج منه، والأذكار بعد الصلوات، وأكثر من قراءة آية الكرسي، وقول كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، أكثر منها بقدر استطاعتك، فإنها حرز أكيد من الشيطان.

ثالثا: لا بأس أن تستعمل الرقية الشرعية؛ فإنها أذكار وأدعية تنفع الإنسان مما قد نزل به، وتحصنه مما لم ينزل به، ولا تحتاج فيها إلى كبير شيء، إلا أن تربط قلبك بالله وتدعوه وأنت موقن بالإجابة ومقبل عليه، فاقرأ على نفسك آيات القرآن الكريم، سورة الفاتحة، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وآية الكرسي {الله لا إله إلا هو الحي القيوم ...} [البقرة: 255]، والآيات التي فيها ذكر الشفاء، كقوله سبحانه وتعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} [يونس: 57]، وقوله سبحانه وتعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} [الإسراء: 82]، وكقوله سبحانه وتعالى: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} [فصلت: 44]، وسورة الإخلاص: {قل هو الله أحد}، و{قل أعوذ برب الفلق}، {قل أعوذ برب الناس}.

هذه الآيات والسور اقرأها على شيء من الماء، وانفث فيه – يعني أخرج النفس مع قليل من الريق بعد قراءتها – واشرب من هذا الماء، واغتسل به، فإنه نافع بإذن الله تعالى، واقرأ كذلك الأحاديث التي علم فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته الرقية، كقوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بكلمات الله التامة ‌من ‌كل ‌شيطان ‌وهامة ومن كل عين لامة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق، وكقوله: اللهم ‌رب ‌الناس، ‌أذهب الباس، اشفه وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما فقد كان صلى الله عليه وسلم يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى، وغيرها من الأدعية الواردة في السنة النبوية الشريفة.

هذه الرقية الشرعية – أيها الحبيب – كما قلنا أذكار وأدعية تنفع بإذن الله تعالى مما نزل بالإنسان ومما لم ينزل به.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعافيك، وأن يصرف عنك كل مكروه.

مواد ذات صلة

الاستشارات