ذنوبي السابقة تشعرني بالضيق رغم توبتي، فهل من توجيه؟

0 4

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 18 سنة، تبت إلى الله -الحمد لله-، وأحافظ على الصلاة، وأكثر من ذكر الله، وقراءة القرآن، وأسعى جاهدا إلى تجنب الوقوع في المعاصي، لكني في الماضي ارتكبت العديد من المعاصي والذنوب، حيث إني تركت صلاتي، واغتبت الناس، ولهوت كثيرا، ولم أبال بآيات الله، وكنت أمازح أصدقائي في أمور الدين.

كنت غافلا والآن ندمت ندما شديدا، وأنا حريص على عدم تكرار هذه الأخطاء، لكني أشعر بالضيق كل يوم، وأخشى أن لا تقبل توبتي، فما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Younesn حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يثبتك على الحق حتى تلقاه، إنه جواد كريم بر رحيم، وبخصوص سؤالك فإننا نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: إننا نحمد الله إليك حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه أن وفقك للتوبة، وأن يسر لك أمر الهداية، وهذا الرجوع إلى الله هو دليل خير فيك، وعلامة على أن الله تعالى أراد بك الخير، فاشكر نعمة الله عليك بأن ألهمك التوبة والرجوع إليه، وسل الله الثبات على الحق.

اعلم -أيها المبارك- أن التوبة يقبلها الله تعالى من أي مذنب إذا ما توافرت شروطها، وكان صاحبها صادقا في توبته مقبلا على ربه، فالله يقبل التوبة بل ويفرح بها، فاطمئن وتذكر قوله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}، فليس هناك ذنب أكبر من التوبة، والتوبة تمحو ما قبلها أيا كان هذا الذنب، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له".

أحسن الظن بالله، وثق أن الله سيغفر لك، فإنه يقول عن نفسه سبحانه وتعالى: {أنا عند ظن عبدي بي}.

ثانيا: للتوبة الصادقة المقبولة شروط متى ما توافرت فإنها مقبولة بأمر الله تعالى، وهذه الشروط هي:
1- إخلاص التوبة لله.
2- الندم على الذنب.
3- الإقلاع عن الذنب.
4- العزم على عدم العودة.
5- أن يوقع التوبة في وقت القبول -وهي بفضل الله- تقبل في كل وقت إلا في حالتين:
-إذا بلغت الروح الحلقوم.
-إذا طلعت الشمس من مغربها.
6- رد المظالم إن كان الذنب في حق آدمي، وكنت قادرا على رد المظلمة، حسية كانت أم معنوية، والحسية ما كانت متعلقة بالأموال، فإن استطعت أن تؤديها فافعل، وإن علمت أن مصارحتك لمن له مال قد يجلب مشاكل فأعطه المال دون أن تخبره بالعلة.

أما الحقوق إن كانت معنوية كالغيبة مثلا، فعليك أن تمدح من اغتبته أمام من اغتبته، وأن تدعو له بظهر الغيب، وأن تتصدق بصدقة عن من اغتبتهم، حتى وإن لم تذكرهم، والله بر لطيف سيقبل منك ويرضيك.

ثالثا: اعلم -أخي الحبيب- أن من أمارة قبول التوبة أن يوفقك الله لها، ثم يلهمك الدعاء، ثم يوفقك للعمل الصالح، فمن أطاع الله بفعل ما أمره به، وترك ما نهاه عنه فالله راض عنه، وقابل توبته.

من رأى من نفسه حب المعاصي والإصرار عليها، وعدم التوفيق لكثير من الخير، فهذا -والعياذ بالله- من دلائل غضب الله على العبد، نسأل الله السلامة.

أخيرا: أنت الآن على الخير وعلى الجادة، واعلم أن الشيطان لن يسلمك، فاحذر أن يصيبك اليأس أو يضعف انجذابك للطاعة، أو يشكك في قبول توبتك.

احرص على مصاحبة الصالحين، وأهل الدين، والابتعاد عن المعاصي وأهلها، وحافظ على الأذكار صباحا ومساء، واجعل لك وردا ثابتا من النوافل، ولو ركعتين في الليل، ووردا ثابتا من القرآن، ولو صفحات معدودة؛ فإن هذا هو الطريق الموفق السديد للفوز بمرضاة الله والجنة.

نسأل الله لنا ولكم وللمسلمين التوفيق لما يحب ربنا ويرضى، وأن يوفقك لكل صالح، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات