السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
منذ 6 أشهر، خطبت فتاة من معارف بعض أهلي، وبعد مدة قصيرة -شهر أو شهر ونصف- وقعنا على عقد الزواج، وتبقى لحفل الزفاف شهران، في البداية كانت العلاقة جيدة؛ إذ عرفت فيها العديد من الصفات الجيدة، فهي إنسانة معقولة، جدية، تسمع لكلامي، جيدة في حل بعض الخلافات الصغيرة التي تحصل، كما أنها تحبني، وتبذل جهدها في العلاقة، لكن بعد مرور الوقت أجد نفسي لا أرتاح معها عندما نتحدث في الهاتف، أو عند الخروج للنزهة، فطريقة حديثها ومرحها وحتى شخصيتها غير متوافقة معي، أجد فيها ميوعة في الحديث، وهناك فارق في مستوى الذكاء مما يسبب لي العزوف عن الحديث معها، وأحيانا أتهرب من لقائها، أو ألقاها على مضض، كما أني من النادر جدا أن أشتاق لها، وأيضا لا أبادلها مشاعر الحب.
صبرت كثيرا حتى أتأكد من مشاعري، وأيضا لبذل جهد أكبر في محاولة فهمها وتقبلها، لكني لم أستطع، فأنا أفكر في طلاقها؛ لأني أخاف أن نكمل حفل الزفاف، ثم يحدث طلاق بعد الدخول، وربما يكون ظلما لها.
وأيضا يوجد إشكال آخر: وهو أنها طالبة في مدينة أخرى بعيدة، تتطلب السفر إليها كل أسبوع، فمع نهيي لها عن السفر وحدها إلا أنها تصر على الذهاب لإتمام الدراسة؛ مما أحدث بيننا بعض المشاكل.
فما رأيكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يؤلف القلوب، ويصلح الأحوال.
لا شك أن العبرة بالبدايات، والعلاقة الجيدة التي بدأتم بها هي الأصل في هذا الموضوع، وما يحدث بعد ذلك من تشويش، أو ضيق فللشيطان دخل فيه، فالشيطان لا يريد لنا الحلال، الحب من الرحمن كما قال ابن مسعود، والبغض من الشيطان، الذي يريد أن يبغض لكم ما أحل الله لكم، والأسباب التي ذكرتها جزء منها إيجابي في كون المرأة ناعمة، وكون كلامها يعني حديثها منعما، فهذه هي الأنوثة التي يبحث عنها الرجل، وما يحصل بعد ذلك من بعض الأمور التي تتضايق منها كل ذلك ينبغي أن تدرك أنك لن تجد المرأة التي لا عيب فيها، كما أنها لن تجد الرجل الذي لا عيب فيه، وطوبى لمن تنغمس سيئاته القليلة في بحور حسناته.
وسعدنا أيضا لنجاحها في حل بعض الأشياء الخلافية، ولكونها تحبك وتحرص على أن تكمل معك هذا المشوار، ونريد أيضا أن تتساهل في مسألة الدراسة، وتجتهد في أن تكون إلى جوارها جهدك، وساعدها في أن تكمل مشوارها العلمي، ولا تستعجل في إظهار هذا الخلاف، فإن الانسجام الفعلي إنما يتحقق بعد أن يحصل الرابط الشرعي، وبعد أن تكونوا تحت سقف واحد، عندها ستتغير كثير من الأمور، وندعوك إلى الآتي:
أولا: كثرة الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، الذي بيده قلب الزوجة وقلوب النساء والرجال يصرفها ويقلبها.
الأمر الثاني: عليكم أن تحرصوا على طاعة الله، والتواصي بالحق والصبر.
الأمر الثالث: عليك أن تقرأ على نفسك أذكار الصباح والمساء والرقية الشرعية، كذلك ينبغي أن تدرك أن بنات الناس ليست لعبة، الإنسان لا يرضى مثل هذا لأخواته أن يبدأ علاقة، ثم بعد مدة يسيرة يقول: لا أريد، أو لا أريد أن أستمر.
أخيرا: ينبغي أن تدرك أن الانسجام الكامل يحتاج إلى بعض الوقت، بل يحتاج إلى سنوات من عمر الأزواج حتى يحصل الانسجام التام بين الأزواج، والحقيقة أنتم وكل زوجين الأرواح فيها جنود مجندة ما تعارف منها أئتلف، وما تناكر منها اختلف.
مرة أخرى: نعود لنذكرك بأن العلاقة التي بدأت جيدة، والبدايات الصحيحة هي التي نبني عليها، وإلا فالإنسان لا بد أن يجد في صديقه، أو في زوجه، أو كذا بعض الأمور التي لا تعجبه، وليس المطلوب أن نغيرها، ولكن المطلوب أن نتكيف معها، ونتنازل بعض التنازلات من الطرفين ليكون الملتقى في منتصف الطريق، فالصواب أن يقبل الإنسان زوجته كما هي، وأن تقبله كما هو، والشرط الذي بنيت عليه العلاقة هو الدين، وإذا وجد الدين فإن الدين يصلح كل خلل، ويكمل كل نقص، وكل عيب فإن الدين يصلحه، وكل كسر فإن الدين يجبره وما لكسر قناة الدين جبران.
نسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.