السؤال
إلى الشيخ الفاضل موافي عزب ...
نحن مجموعة أخوات مشكلتنا تكمن في فتياتنا المراهقات بأعمار الثانية عشرة والحادية عشرة والثالثة عشرة، إنهن يعجبن ببعض الأشخاص الذين يظهرون ببرامج التلفاز فكيف نمنعهن بطريقة مقنعة ومناسبة لأعمارهن؟
إلى الشيخ الفاضل موافي عزب ...
نحن مجموعة أخوات مشكلتنا تكمن في فتياتنا المراهقات بأعمار الثانية عشرة والحادية عشرة والثالثة عشرة، إنهن يعجبن ببعض الأشخاص الذين يظهرون ببرامج التلفاز فكيف نمنعهن بطريقة مقنعة ومناسبة لأعمارهن؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / أم المجد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونشكرك على اهتمامك بمشاكل بنات المسلمين، فجزاك الله أحسن الجزاء، وأجزل لك المثوبة والعطاء، وبيض وجهك يوم اللقاء، ووقاك وأسرتك كل مكروه وسوء.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإن الأمر فعلا يستحق قدرا كبيرا من الاهتمام؛ حتى لا تقع بناتنا فريسة لتلك الأوهام وتلك العلاقات الموهومة التي قد تدمر مستقبلهن وتصرفهن إلى علاقات من نوع آخر كالإعجاب بزميلاتهن أو مدرساتهن أو الجنس الآخر، وهذا كله يحدث نتيجة غفلة الأسرة عن بناتها وعدم اهتمامها بمشاعرها، والاكتفاء بالجوانب المادية والحسية فقط، رغم أن جانب المشاعر والعواطف يتمدد في مرحلة المراهقة على نحو كبير ويحتاج إلى شحنات قوية من العاطفة الجياشة والدفء العاطفي من الأسرة، خاصة الأم التي بمقدورها أن تنفذ إلى قلب ابنتها وضمها إلى صدرها وإشعارها بأنها محبوبة ومقدرة من جميع أفراد الأسرة.
فالثابت أن البيت المملوء بالعاطفة والتفاهم والحنان والهدوء لا تحتاج فيه البنت إلى ممارسة الحب أو تبادله مع أي شخص خارج محيط الأسرة، بل حتى لو تزوجت تشعر برباط روحي يربطها بأمها وأبيها وإخوانها، رغم أن زوجها يشبع لديها رغبات ضرورية، والسبب في ذلك هو ما غمرتها به الأسرة من حب وتقدير واحترام ومودة، وهذا أهم عامل من عوامل علاج هذا المشكلة ضرورة إشعار الفتاة بأنها محبوبة من الجميع، وضرورة محافظة الأم أو الأخت على سرها مهما كان، ومحاولة ربطها بالله ومراقبته في السر والعلانية، وبيان حكم هذا الإعجاب وأنه عبارة عن سراب لا حقيقة له، وأن الله سائلنا يوم القيام عن النظرة الواحدة فما بالنا بالنظرات المتكررة، وأن هذا المذيع أو الممثل لا يستحق كل هذا الإعجاب، وأن هناك من يستحق هذا التعلق وتلك المحبة وهو الله جل جلاله لما له علينا من نعم لا تعد ولا تحصى، وأن الله قد حدد لنا ضوابط المحبة لأن المحب يحشر مع من أحب يوم القيامة، وقد يكون هذا الشخص غير مسلم أو غير ملتزم وفوق ذلك فهو لا يشعر بمن تعطيه قلبها وتضيع الوقت في التغزل به، وأن الفتاة لن تجني من وراء هذا التعلق إلا الحسرة والندامة في الدنيا والآخرة، يجب أن تحاول الأم تحليل الموقف مع ابنتها بهدوء وبرود أعصاب وعدم ثورة أو إنكار شديد، وإنما تعطي فرصة لتخرج ما في نفسها حتى وإن كان مؤلما أو جارحا أو مخجلا، المهم أن تجتهد الأم في إخراجه وأن تشرح الأمر لابنتها بهدوء حتى تقتنع وتترك عن قناعة وليس عن خوف ومكر ودهاء، وفوق ذلك كله الحد من مشاهدة التلفاز إلى أضيق الحدود حتى ولو وصل الأمر إلى إغلاقه تماما أو إخراجه من المنزل حتى نغلق مداخل الشيطان، وألا يسمح للفتاة مثلا بزيارة صديقاتها أو جيرانها وحدها، وإنما تحرص الأم على أن تكون معها أو إحدى أخواتها؛ لاحتمال أن تكون هذه الجارة أو الصديقة هي سبب البلاء والفساد، وكم من فتيات يتذرعن بزيارة الصديقات لفعل كثير من الموبقات، ومعذرة أكرر مرة أخرى أن الفراغ العاطفي لدى الفتيات أكثر منه لدى الشباب، وأن الفطرة تقتضي ملء هذا الفراغ، وأن أسبابه كثيرة، منها ضعف البناء الأسري والاجتماعي، وقصوره عن الوفاء بالاحتياجات العاطفية للفتاة على نحو صحي وسليم، وحين تغيب الفرصة من الأصل أو تنعدم في الحصول على القدر المطلوب من الحب والحنان تصبح الأجواء مهيأة لانحراف النفس واضطراب المشاعر في بحثها عن حقها في الحصول على علاقة إنسانية تشعر معها بالدفء ولو من طرف واحد.
وهناك سلاح الدعاء الذي لا يفوته شيء، كذلك مجالس الذكر المنزلية التي تجتمع فيها الأسرة حول كتاب من كتب السير أو التراجم أو حتى قراءة القرآن وبعض القصص الهادف.
وكلي أمل في أن الأخذ بالأمور السالف ذكرها من شأنه أن يقي فتياتنا هذا الإعجاب المدمر الذي قد يمتد إلى مسافات بعيدة وعلاقات غير حميدة وعندها لا ينفع الندم .
مع تمنياتنا لكم بالتوفيق، ولفتياتنا بالسعادة والاستقرار والهدوء العاطفي والسلامة من كيد شياطين الإنس والجن، وبالله التوفيق.