أب يمنع ابنته الحجاب

0 563

السؤال

أرجوكم ساعدوني أنا في بلاد الكفر بغرض الدراسة، وعائلتي تعيش في بلد عربي، لبست الحجاب السنة الماضية والحمد لله، وكان ذلك حين تواجدي بأوروبا، لما عدت إلى بلدي في العطلة الصيفية، عارضت عائلتي ذلك خاصة أبي (هداه الله، كما أنه لا يصلي) أبي أمرني بنزعة بحجة أنه يخاف علي من مشاكل يمكن أن أتعرض إليها بأوروبا.ويري أنه سيكون لي عائقا في الدراسة والحصول علي شغل، كما اتهمني بأني سأحطم مستقبل إخوتي؛ لأن أختهم ترتدي الحجاب، ستعيق عليهم الحصول على عمل.
كان طوال العطلة يلاحقني مرة بنظراته الغريبة، ومرة بنعتي والتهكم من حجابي، ووصفي بصفات سيئة، إلى أن تمكن الشيطان من الوسوسة ونزعته بعد 4 أشهر من ارتدائه، وعدت ثانية إلى أوروبا، صديقاتي هناك ينصحنني بارتدائه من جديد، وأنا أخاف أن ألبسه وأنزعه من جديد، بل ماذا أفعل لو لبسته وعدت من جديد لبلدي وموقف أبي السابق؟

أعلم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وحاولت أن أبين ذلك لأبي (أي فضل الحجاب والالتزام) منذ حوالي شهرين فغضب علي ولم يتصل ني منذ ذلك الوقت (أي منذ شهرين)، وأمرني بأن لا أذهب للمسجد؛ لأن جماعة متطرفة تؤثر علي حسب رأيه؛ لكني أذهب وخفية (فهو لا يراني، لأني كما قلت أعيش بأوروبا لوحدي).

حين عودتي لبلدي بالحجاب اعتقدت أنهم سيفرحون، ولكن صدمت برأيهم، وكأني أتيت بشيء منكر، وأنا أعلم تمام العلم أن على كل فتاة مسلمة أن تحفظ وتصون نفسها بالحجاب، والامتثال لأمر ربها: (( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ))[الأحزاب:59].
في بعض الأحيان أحس برغبة كبيرة في ارتدائه حالا، وأحيانا وهو الأمر الذي يعذبني أتذكر كيف كان أبي يتهكم بي ويبشعه في نظري، فلا أحب لبسه ويوسوس لي الشيطان أني هكذا دون حجاب أفضل حالا، إنها وسوسة تعذبني، كما أني هنا أذهب مرة في الأسبوع إلى المسجد للالتقاء مع الأخوات، ونقوم بتلقي دروس في الدين. لكنني أصبحت أتكاسل للذهاب في الفترة الأخيرة لأن كل صديقاتي هناك إما محجبات أو منقبات (ما شاء الله)، وأنا الوحيدة التي تذهب للمسجد بالحجاب ثم تنزعه حين الخروج، أنا الوحيدة بينهن دون حجاب؛ لذلك أحس أنه لا يجب علي الذهاب، لأني أقل منهم، أحس أني منافقة.

صدقوني عقلي يقول: لي البسيه، ولكن قلبي لم يعد يحب ذلك كما فرحتي به في الأول، والسبب خوفي من ردة فعل أبي، كذلك خوفي أن ألبسه وأنزعه مرة أخرى كما سبق وفعلت، وأحيانا يوسوس لي الشيطان أني هكذا دون حجاب أفضل، ولا أحد في عائلتي يستطيع مساعدتي، والتكلم مع أبي.

ماذا أفعل؟ أخاف أن أموت فجأة وألقي ربي هكذا عاصية لأمره، فأنا حائرة، ومشوشة وأحس بأني لا أستطيع أن أصل لمستوى صديقاتي الملتزمات، وأنا غير متزوجة، لذلك لا أجد من يقف بجانبي أمام عائلتي فأمي مثلا غير محجبة، وشخصيتي ضعيفة أمام أهلي، وأخاف جدا من أبي، ولا أستطيع نقاشه بشيء، لقد كنت مند الصغر أخاف منه، ولا يعطيني فرصة لنقاشي، وتواصل خوفي منه إلى الآن، بصراحة أقول لكم إني لم أعد أحب أبي، ولا أرغب بأن أكلمه، رغم معرفتي بأن ذلك عند الله ذنب.
أنا محطمة ويائسة. أرجو أن يتسع صدركم لي، وجزاكم الله خيرا.



الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Anisa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله العظيم أن يرزقك السداد والثبات وأن يلهمك الرشد والصواب.
فإنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، ولا خيار للمؤمنة في أمر الحجاب فإنه شريعة العظيم الوهاب، قال تعالى: (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ))[الأحزاب:36].
واعلمي أنك لن تدخلي القبر مع والدك ولن يحمل عنك الوزر، وأنت مع ذلك مطالبة بالإحسان إليه ومصاحبته بالمعروف لأن الله سبحانه يقول: (( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا ))[لقمان:15]
ثم أمر بمتابعة أهل الإيمان فقال سبحانه: (( واتبع سبيل من أناب إلي ))[لقمان:15].
ونحن بدورنا نسأل أن يهدى هذا الوالد إلى الصواب، وأن يعينك على بره والصبر عليه والاجتهاد في الدعاء له لعل الله أن يرده إليه ردا جميلا ولن تضرك نظرات الوالد، واعلمي أن مهر الجنة غال فاتقي الله واصبري، ولا تفكري في الانقطاع عن الدروس ولا تبتعدي عن الصالحات وعودي إلى حجابك وصوابك، ولا تستمعي لوساوس الشيطان واعلمي أن خلع الحجاب خطيئة والتوبة كفارتها، ولا مانع من أن تخطئ المسلمة ثم تعود وإن تكرر ذلك حتى يكون الشيطان هو المخذول المدحور.

ولا يخفى عليك أن الفلاح في مخالفة الشيطان وطاعة الرحمن ولن يكون في ترك الحجاب خير أبدا .

وأرجو أن تسارعي بلبس الحجاب بمجرد قراءة هذه الأسطر واسألي أن يصرف عنك الكيد والشرور، واعلمي أن روحك بيد الله وكذلك روح والديك فاجعلي خوفك من الله الذي خلقك ورزقك وسواك في أحسن صورة، واحرصي على التشبه بزميلاتك ولست أقل منهن إذا صدقت توبتك .

ولا يخفى على أمثالك أن الإنسان لا يترك دينه من أجل الناس، وهم المؤمنة أن يكون رب العزة عنها راض، فإن من طلب رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن طلب رضى الله رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، وذلك لأن الله سبحانه يأمر جبريل عليه السلام أن ينادي في الملا الأعلى أن الله يحب فلانا فيحبه أهل السموات ثم يلقى له القبول في الأرض وهذا قول الله تعالى: (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ))[مريم:96]
فاتركي التردد واختاري رضى الله، ونحن سعداء باهتمامك وبالسؤال الذي يدل على ما في نفسك من الخير ونسأل الله أن يثبتنا على دينه حتى الممات.
فنسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبك.

مواد ذات صلة

الاستشارات