السؤال
سؤال: قبل الإسلام كان التعدد موجودا لكن بغير عدد محدد، وجاء الإسلام ووضع شروطا، وعددا معينا لمصالح كثيرة، منها: من أجل رعاية الأرامل والمطلقات والعوانس...والخ، فهل هذا صحيح؟
ولو كان صحيحا أن عدد النساء ليس أكثر من عدد الرجال، وكان مقاربا أو أقل، ولا توجد حروب بسببها يموت الرجال، والمطلقة والأرملة مثلها مثل غيرها يمكن أن تتزوج وتعيش حياتها، وعندما تبلغ المرأة سن اليأس يمكن أن تقوم بحاجة زوجها من فراش...والخ.
ليس فقط هذا، بل جميع المصالح التي تكون من مصالح التعدد، لو لم تكن موجودة، ولا يحتاج إليها المجتمع، المهم أنه لا يوجد شيء من هذا، فهل في هذه الحالة يكون التعدد موجودا في الدين الإسلامي أم لا؟
أنا دائما أفكر وأقول: لماذا أحل الله هذا وترك هذا؟ ولا أرتاح حتى أعرف الحكمة والسبب، وأشعر أني أكفر بسببها، وعندما أتخلص منها تأتي إلي فكرة أخرى مشابهة، لكن في موضوع آخر في الدين.
ماذا أفعل؟ فأنا بسبب كثرة التفكير أقول: هذا ليس عدلا، ثم أقرأ الشهادة، وأحاول التخلص من هذه المشكلة التي تصل بي للكفر أحيانا.
ساعدوني، فأنا لولا أني أكره أن أكفر، وأكره أن أشكك في الشرع لن أقول مشكلتي أبدا، ودائما أدعو ربي للتخلص من هذه المشكلة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ tabarak حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نحب أن نطمئنك -ابنتنا الكريمة- أنك على إسلامك، وأن دينك لن يتضرر بهذه الوساوس، فالشيطان يحاول أن يصرفك عن دينك ويشكك فيه، ولكن كراهتك لهذه الوساوس وخوفك منها دليل على وجود الإيمان في قلبك.
الشيطان لا ينصرف إلى الوسوسة إلا حين ييأس من الإنسان، ولذلك لما سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- أو سأله بعض الناس الذين يعانون من الوسوسة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة)، يعني لم يستطع إخراج الإنسان من دينه فلجأ إلى هذه الحيلة الخبيثة، والمكيدة الشيطانية، وهي الوسوسة، ومحاولة زعزعة هذه العقيدة.
كراهة قلبك لهذه الوساوس وخوفك منها دليل على وجود الإيمان فيه، فاطمئني على إسلامك ودينك، ولكن مع هذا أنت مأمورة شرعا أن تحاولي طرد هذه الوساوس عن نفسك، باتخاذ الأسباب الشرعية لذلك، وأولها: اللجوء إلى الله تعالى، والاستعاذة به وطلب الحماية منه، عندما تداهمك هذه الأفكار، فاستعيذي بالله.
ثانيا: عدم التفاعل مع هذه الوساوس، وعدم الانشغال بها، فلا تبحثي عن إجابات لأسئلتك، فكلما ألقت إليك سؤالا فاصرفي بالك، واشتغلي بشيء ينفعك من أمر الدين أو من أمر الدنيا، أما الانجرار وراء هذه الوساوس، والبحث عن إجابات فهو في الحقيقة ترسيخ لها في النفس، وتثبيت وتدعيم لوجودها.
النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمن ابتلي بشيء من الوساوس: (فليستعذ بالله ولينته)، يعني يترك الانشغال، فالإعراض عن هذه الوساوس إعراضا كليا هو أنجح الأدوية وأحسنها، وأقدرها على قلع هذه الوساوس، وإزالتها.
ثالثا: أكثري من ذكر الله تعالى، وخاصة كلمة التوحيد، ولذلك جاء في الحديث، ومن الوصايا لمن ابتلي بشيء من الوسوسة: (وليقل آمنت بالله)، فأكثري من ذكر: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).
نوصيك -ابنتنا العزيزة-: بالتحصن بذكر الله تعالى على الدوام في الصباح والمساء والليل والنهار، وعند النوم وعند الاستيقاظ، والملازمة لأداء الفرائض، كالصلاة والإكثار من قراءة القرآن، مع الانصراف عن الوساوس وعدم التجاوب معها، وبهذا السلوك ستصلين بعون الله تعالى إلى ما تتمنينه من العافية والسلامة والشفاء.
نرى -أيتها البنت العزيزة- أنه من ضمن الدواء لهذه الوساوس أن لا نجيبك عن هذه الأسئلة التي تفترضينها، فما هي إلا أثر من آثار هذه الوساوس، ولكن يكفيك الجواب الإجمالي، الذي يصلح جوابا لكل أسئلتك التي قد تتبادر إلى ذهنك، وهو أن تعلمي يقينا أن الله سبحانه وتعالى عليم حكيم، ومع العلم والحكمة بر لطيف، رحيم ودود، وهو شرع لعباده من الأحكام ما يتناسب مع أحوالهم ويحقق مصالحهم، فكل أحكام الله سبحانه وتعالى عدل، وكلها مصلحة، وشريعته كلها جاءت لتحقيق المصالح ورفع المفاسد، وهو يشرع من الأحكام ما يتناسب مع الحالات، فكوني على ثقة من عدل الله ورحمته، فهو أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، لا معقب لحكمه، يقضي ويحكم بما يشاء، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
عقولنا قد تقصر أحيانا عن إدراك الحكم الإلهية من وراء بعض الأحكام، ولكن مع هذا يقيننا بأسماء الله تعالى وصفاته هو الذي يجعلنا نسلم لهذه الأحكام، ونرضى بها وتطمئن إليها نفوسنا، وإن لم ندرك الحكم من ورائها.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصرف عنا وعنك كل مكروه.