أخشى أن أقع في الغيبة بسبب سماع شكاوى أختي، فما الحل؟

0 31

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أشكركم على جهودكم في الإجابة عن الأسئلة، والتي كثيرا ما أستفيد منها ويستفيد منها غيري.

لدي أخت أكبر مني بكثير ولديها مشاكل كثيرة مع أمي وإخوتي، ودائما ما تأتي وتشتكي لي ما فعلوا لها من أذى نفسي، وكيف عاملتها أمي وما إلى ذلك، ودائما ما أتفق معها لأني أعرف ما تمر فيه وكيف أن نفسيتها محطمة، لكنني خائفة أنها تعتبر غيبة في أمي وإخواني وأخواتي، وأنا خجلة من أن أصدها عن شكواها وخاصة أنها أكبر مني وتحبني وتهتم بي، فأجد صعوبة في إيقافها عن التشكي والتحدث عنهم، فماذا أفعل؟ وهل أنا آثمة على اتفاقي معها؟ وهل إذا تبت لا تقبل توبتي؟ لأني سمعت أن الغيبة والنميمة لا تقبل توبتها؟

أرجوكم ساعدوني، أنا خائفة؛ لأني في الآونة الأخيرة تبت والحمد لله من الكثير من المعاصي، وأريد الثبات على ديني، أرجو أن تدعوا لي أن أثبت على توبتي.

أعتذر عن الإطالة، لكني حقا خائفة أن كل حسناتي قد نسفت!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجهولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب. نشكر لك تواصلك مع الموقع ونسأل الله تعالى لك مزيدا من التوفيق والهداية والسداد.

ونهنئك -ابنتنا الكريمة- بما من به تعالى عليك من التوبة والإنابة، ونسأله سبحانه وتعالى أن يثبتك على ذلك، وندعوك -ابنتنا الكريمة- إلى الأخذ بالأسباب التي تثبتك على التوبة، ومن أهمها الصحبة الصالحة فاحرصي على التعرف إلى الفتيات الطيبات والنساء الصالحات، وأديمي التواصل معهن وحضور المجالس التي فيها ذكر ونفع ديني، فإن الصحبة من أعظم المعينات على استمرار الإنسان على الخير، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)، والإنسان مدني بطبعه، أي يتأثر بما حوله.

أما ما ذكرته -أيتها البنت الكريمة- من أن الغيبة والنميمة لا تقبل توبتها فكلام غير صحيح، فالتوبة مقبولة من أي ذنب كان مهما عظم ذلك الذنب، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (قل يٰعبادى ٱلذين أسرفوا علىٰٓ أنفسهم لا تقنطوا من رحمة ٱلله ۚ إن ٱلله يغفر ٱلذنوب جميعا ۚ إنهۥ هو ٱلغفور ٱلرحيم). فأي ذنب تاب منه صاحبه فإن الله تعالى يقبل توبته، وإذا كان الله تعالى يقبل توبة الكافرين والذين سبوه وآذوه سبحانه وتعالى فكيف بالذنوب التي هي أقل من ذلك؟

وأما ما ذكرت عن أختك فنشكر لك إحسانك لأختك وتخفيفك معاناتها، وهذا من حسن خلقك وأيضا هو جزء من حسن ديانتك، ونسأل الله تعالى أن يجعلك دائما مفتاحا للخير نافعة للخلق، وفي الوقت ذاته نشكر لك شعورك من الخوف من الوقوع في الإساءة لأمك وأخواتك وإخوانك، ونحن ننصحك -ابنتنا الكريمة- بأن تحاولي الإصلاح ونفع الطرفين جميعا، فحاولي أن تنقلي لأختك ما يخفف عنها هذه المشاعر السلبية تجاه أمها وأخواتها بأن تحدثيها بأنهم يحبونك، ويذكرونك بالخير عندما تغيبين، وهم حريصون على مصلحتك ولكنهم قد يسيؤون الطريقة ونحو ذلك من الكلام، فإن الكذب رخص به الشرع إذا كان المقصود به الإصلاح بين الناس، فقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم: (ليس الكذاب الذي ينمي خيرا) يعني الذي يقول خيرا ليصلح به بين الناس.

فبدلا من أن تقفي معها عند مشاعرها السلبية وعند شكواها وتظلمها، حاولي أن ترتقي بها فتكونين بذلك فاعلة للخير، قاصدة للنفع، وحاولي في الوقت نفسه أيضا أن تفعلي الشيء نفسه مع أمك وإخوانك وأخواتك، بأن تنقلي إليهم حب هذه البنت لهم وذكرها لهم بما فيه خير، وبهذا الصنيع -أيتها الكريمة- ستكونين قد قربت بين هذه القلوب، وحاولت إيجاد ألفة بينها وإبعاد الوحشة فيما بينها، ثم بعد ذلك يمكن بالتناصح بالحسنى رد كل إنسان عن إساءته وظلمه إذا كان يظلم الطرف الآخر.

لا تقعي في الغيبة بأن تذكري أمك أو أحدا من إخوانك بما يكره، لإرضاء هذه الأخت فهذه هي الغيبة المحرمة، أما إذا سكت فقط لأنك تقصدين بهذا السكوت الوصول إلى ما فيه خير وإصلاح بين النفوس وتخفيف معاناة؛ فنرجو -إن شاء الله- أن لا يكون عليك في ذلك إثم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات