السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعاني من الوسواس تجاه الآخرين بالظن والشك ونظرتهم تجاهي بأنهم سيسخرون مني تجاه شكلي، حتى أفقد الثقة بنفسي، وهذا يأثر علي أمام الناس، وأنا أعلم بأن هذه الأفكار غير صحيحة وأعلم بأنها من الشيطان، وفي بعض المرات أتغلب على هذا الوسواس، وأجلس مع الناس، لكن في بعض الأحيان أجد شكوكا بمجرد أن يتكلم شخص يبدأ الشيطان يوسوس لي: بأن الشخص يتكلم علي.
أذهب أسأل الشخص: لماذا تنظر إلي وتتكلم عني؟ ويقول لي: لم أنظر إليك ولم أتكلم فيك، لم تفعل لي شيئا حتى أتكلم عليك، فما رأيكم؟ كيف أتخلص من هذه الوساوس؟
والمشكلة تزداد سوءا بعد سوء، وأنا منعزل عن العالم بسبب الوساوس، المشكلة أصبحت مشكلتين، المشكلة الثانية هي: مع أهلي لا أحد يسمعني، والسبب هو أني لما ذهبت مع أهلي إلى معالج بالقرآن وسألوه عن حالتي؟ فقال: ابنكم يعاني من آثار المس لكن ليس فيه إلا الوسواس، وإذا ساعد نفسه ولم يلتفت إلى وساوس الشيطان فسوف يزول عنه الوسواس بعد فترة، وإن التفت إلى وساوس الشيطان حتى يقع أو يصاب بمرض نفسي، ومنذ تلك الفترة لا يسمع أهلي لي!
يقولون: أنت ليس بك أي مرض لنساعدك، أنت تعاني فقط من وساوس الشيطان، لقد سمعت ما قال لك المعالج! فإن أردت أن تساعد نفسك ولا تلتفت إلى الوساوس فسوف تزول، أما نحن فلن نتعب أنفسنا معك؛ لأن كل ما تقوله وساوس، فإنا حاولت أن أقاوم تلك الوساوس التي أعاني منها تجاه نظرات الناس تجاهي، بأني سوف أخجل ويحمر وجهي لو تحدثت مع أي شخص، وفعلا يحدث ذلك.
وأحيانا أخرى أتخطى نفس الموقف، حتى أن أصبح وجهي يحمر من أصحابي وأهلي، وأحيانا لو نظر إلي أي شخص أخجل بشدة، وأحيانا أخرى أتخطى هذه المواقف بكل ثقه، مع العلم أن المعالج أخبرني بأن الشيطان هو الذي يوحي إلي تلك الأفكار، يشكك في الناس بأنهم سينظرون إليك، وأن وجهك يحمر، وسيسخرون منك فلا تلتفت إلى هذه الوساوس.
أرجوك ساعدني بأي شئ، إني لا أخرج من البيت، ولا أذهب إلى الناس، أنا وحدي مع هذه الأفكار، فكيف أتخلص من الأفكار السلبية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Islam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهذه الحالة التي تعاني منها هي ناتجة عن ما يعرف بالشكوك الظنانية، أو ما يسميه البعض باضطراب الشخصية الباروني، أو يسميه البعض باضطراب الأفكار الاضطهادية.
حالتك -والحمد لله- لم تصل للمرحلة العقلية الشديدة، ولكن بالتأكيد لديك نوع من الظنان، ولديك هذه الاعتقادات أنك أنت المعني وأنك أنت المقصود في كثير من المواقف، وهذا بالتأكيد ناتج عن سوء التأويل.
لا أعتقد يا أخي أن للشيطان دخلا بهذا الأمر، وبكل أسف في مجتمعاتنا قد حملنا الشيطان والجن أمورا كثيرة، بالرغم من أن هذه الأمور يمكن تفسيرها تفسيرا علميا، ودائما الأمور العلمية هي الأمور اليقينية، أما حين نتحدث عن الشيطان والجن بالرغم من أنها حقائق، ونحن نعترف ونعرف ذلك كمسلمين، إلا أن هذا الأمر فيه الكثير من الأمور الظنية، فعليه أرجو أن تتبع المنهج اليقيني وليس االمنهج الظني، نقول هذا ونرى أن على كل مسلم أن يحفظ نفسه بذكر الله تعالى، هذا أمر ضروري حتى بالنسبة للأصحاء، المحافظة على الصلوات وتلاوة القرآن والأذكار -خاصة أذكار الصباح والمساء- إن شاء الله فيها خير وحفظ كثير، أرى أن هذا الذي تحتاجه أنت وأحتاجه أنا وكل مسلم، ولن يصيبك إن شاء الله أي مكروه.
العلاج بالنسبة لك يا أخي أيضا هو أن تحاول أن تحسن الظن، وأن تعرف أن هذه الحالة هي حالة نفسية مرتبطة بشخصيتك، أرجو أن تجد تأويلا آخر لما تظنه أنه أنت المقصود به، إذا كان هناك شخصان يدور بينهما حوار، لا تعتقد فقط أن هذا الكلام يخصك أو هم يتحدثون عنك، ربما يكون حديثهم في أمر آخر، فإذن دع فرصة للاحتمالات الأخرى.
بجانب ذلك الأدوية تعتبر علاجا أساسيا لحالتك، ومن فضل الله تعالى يوجد دواء يسمى ريزبريادون يعتبر من الأدوية الممتازة لعلاج مثل حالتك هذه، فعليه يا أخي أرجو أن تبدأ في تناوله، وهذا الدواء متواجد في كندا، ومن فضل الله تعالى أول الدراسات التي أثبتت فعالية هذا الدواء أتت من كندا في عام 1994، ابدأ بجرعة 1 ملج ليلا، وبعد أسبوعين ارفع هذه الجرعه إلى 2 ملج في اليوم، واستمر على ذلك لمدة ستة أشهر، ثم بعدذلك أريدك أن تخفض الجرعة إلى 1ملج ليلا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم يمكن أن تتوقف عن العلاج، مع الاجتهاد في إحسان الظن.
أتمنى لك عاجل الشفاء، وأنا على ثقة تامة أنك إن شاء الله سيكون هذء الدواء سببا في شفائك وحسن تواصلك وحسن الظن بالآخرين.
وبالله التوفيق.