السؤال
أنا فتاة في العشرينات، كنت أرفض الزواج وأشعر بالخوف والنفور منه، فرفضت من تقدم لخطبتي، حتى تقدم لي هذا الشاب نحسبه ذا خلق ودين، جميع من أعرف أخبرني ألا أتركه، فمن هم مثله قليلون في هذا الزمن، ولكني لا أتقبله ولا أتقبل شكله، فوزنه زائد.
صليت استخارة عدة مرات، حتى يقدم الله لي الخير، وقرأت الكثير من مشكلات الفتيات المشابهة لمشكلتي، فهناك من ينصح بأن تتركه حتى لا تظلم نفسها وتظلمه، لأنها إن لم تتقبله الآن فلن تتقبله بعد الزواج، وستظل تعيسة، وتطلب الطلاق، لأن الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف.
وهناك من ينصح بأن تكمل ولأنها بعد الزواج ستحبه (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، أجبرت نفسى ووافقت عليه، لأني خائفة أن لا يأتي شخص أفضل منه، وأندم، وقلت بأني قد أحبه، ولكني أشعر بانقباض في صدري، واكتئاب، ودائما حزينة، وأشعر بأني أريد من هو أفضل منه، ودائما أتصيد له الأخطاء، حتى أجد سببا لأرفض الخطبة، إذا تزوجته أشعر بالخوف من أن أظلم نفسي أو أعرضها لذنوب إذا لم أطعه، والخوف من المستوى المادي الذي سنعيش به، فهو أقل من مستوى أهلي، وأشعر بالخوف أن يكون كاذبا في محافظته على صلاته، فأنا أجده غير حريص عليها مثلي.
لا أعلم لماذا أشعر بالنفور الشديد منه؟ هل هي وساوس من الشيطان أم أنها نفسي التي لا تريده؟ لا أعلم ماذا أفعل؟ تعبت من كثرة التفكير والبكاء، هل هو نصيبي فيجب أن أرضى به وأصبر وأحتسب؟ هل هو نعمة من الله الأعلم بحالي، وأنا بفعلي هذا أرفضها؟
كيف أعلم نتيجة الاستخارة، وأن الله اختار هذا الأمر لي؟ أنا صرت مخطوبة، ولا أحب خطيبي، ووافقت عليه لأن أهلى أقنعوني به، وصليت استخارة عدة مرات، وما زلت أشعر بضيق في صدري.
أهلي يشعرون بالسعادة ويريدون مني الاستمرار في هذا الزواج، لأني إذا رفضته قد لا أجد من لديه مثل هذه الصفات، أحيانا أفكر بأن أقبل الزواج منه إرضاء لأهلي، ولأنهم الأعلم بمصلحتي، ولكن أحيانا أخرى أشعر بأني أظلم نفسي، وأنه يجب أن يوجد القبول، هل أجبر نفسي وأكمل في هذا الزواج وأنتظر حتى يصرف الله عني ما أجد؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.
ثانيا: نحن ننصحك - ابنتنا الكريمة - بتفويض الأمور إلى الله سبحانه وتعالى واستخارته، ثم مشاورة العقلاء من أهلك، فهم بلا شك يحرصون على مصلحتك ومنفعتك.
أما نصيحتنا نحن لك في الإقدام على الزواج بهذا الشخص أو رفضه؛ فنصيحتنا مبنية على واقعك وفرص الزواج بالنسبة لك، فإذا كانت فرص الزواج ممكنة وتتوقعين وجود خاطب آخر، فالرأي ألا تتزوجي بهذا الشخص ما دمت تجدين كل هذا الانقباض والنفور منه، فإن فراقه في هذه الحالة أيسر من أن يتم الفراق بعد ذلك، أو أن تقعي في تضييع حقوقه عليك، وأنت ذكرت في سؤالك أنك تسيئين المعاملة معه الآن، وتتصيدين له الأخطاء، فكيف إذا تم الزواج؟ فإنك بلا شك سيدعوك هذا الشعور الذي تجدينه من النفور والانقباض وعدم التقبل، سيدعوك ذلك إلى الوقوع في تضييع حقوقه، فإذا كنت تجدين كل هذا الانقباض وهذه الكراهية وهذا النفور؛ فالرأي ألا تتزوجي بهذا الشاب، وسيجعل الله لك عوضا عنه.
هذا النصح كله مبني - أيتها البنت الكريمة - على أنك متعقلة في الصفات المطلوبة في الزوج، غير مثالية في آرائك، فكثير من الفتيات تفترض في ذهنها شخصا مثاليا في بنية جسده، وفي أوصافه وصفاته وغير ذلك، فإذا جاءها شخص بغير تلك الصفات شعرت بالنفور، هذه المثالية تؤدي إلى تدمير مستقبل هذه الفتاة، فإنها في الغالب لا تجد من تتحقق فيه هذه الصفات، فينبغي أن تكوني متعقلة بقدر الإمكان لواقعك والظروف التي تحيط بك.
إذا كان هذا الشاب تجدين فيه صفات منفرة بالفعل لا تتقبلها نفسك، فالنصيحة هي ما قدمناه لك من قبل، أما إذا كان بصفات مقبولة ولكنها غير مثالية؛ فنصيحتنا لك أن تتأملي جيدا وتتفكري فيما لو فاتك الزواج بهذا الشاب ولم تجدي غيره.
نصيحتنا إذا - أيتها البنت الكريمة - أن تقارني بين الخيارات المتاحة لك، ورفضك لهذا الخاطب جائز شرعا، فلا يكلفك الله أن تتزوجي بمن لا ترتضينه وتختارين الارتباط به.
أما صلاة الاستخارة؛ فإن علامة ما يختاره الله تعالى هو أن تمضي في الطريق الذي يتيسر لك، فالاستخارة هي دعاء، فما ييسره الله تعالى لك بعد الاستخارة فهو إن شاء الله الأمر الذي اختاره الله تعالى لك. لا تنتظري علامة غير هذه العلامة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الخير ويقدره لك.