السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحببت شخصا فقيرا، وبيته صغير جدا، ولا مجال للضيافة فيه، ولكني أحبه، فهل أتركه أم أبقى بجانبه؟
إنه يحبني، وقد تزوجته معارضة لمن وقف في طريقنا، ولكن أهلي وافقوا بزواجي عليه، وتم عرسي، وبقي عنده من المهر مبلغ، ولم يسدده لوالدي، وكل فترة أبي يطالب بهذا المبلغ، وزوجي يغضب من هذا الموضوع، لكنه يهتم بي، ويخاف علي، ويحبني، وأنا أريده.
صرت دائما خائفة، ومتوترة من أن يحصل شيء ما بينهم، لكن والدي يقول: ابنتي متفوقة، وأنا ندمت أني زوجته إياها، لكني أنا أموت بدون ذلك الشخص، فماذا أفعل؟ وبدأت علاماتي تقل بفعل هذا التوتر والخوف، ودائما أكون مضطربة، فما الحل؟
أنا أقول: غدا سيرزقنا ربنا ويكرمنا ببيت كبير، ونعيش حياتنا، المهم أن يكون الشخص الذي معي يحبني ويحرص علي، وأنا أحيانا أتعب نفسيا بشكل غير طبيعي، وأكون في ضيق، ويهيأ لي أحيانا الانتحار، لكني إنسانة مؤمنة، ولا أستطع أن أفعل ذلك، فأرشدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونحيي ثناءك على زوجك، ونسأل الله أن يوسع عليكم في الرزق، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
بداية نشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الاستمرار، وأن يبارك لزوجك في رزقه، وأول ما نوصيكم به أن تكثروا من الدعاء والاستغفار، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والإكثار من الاستغفار، والاستقامة على هذا الشرع، فإنها سبب للخير والبركات، قال تعالى: (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا).
ندعوك أيضا للمحافظة على هذا الزوج، وعلى الجميع أن يعلم أن السعادة ليست في البيوت الواسعة، وليست في الأموال الكثيرة لكن السعادة هي منحة من الله، السعادة هي نبع النفوس المؤمنة بالله، الراضية بقضائه وقدره، السعادة في المواظبة على ذكر الله وشكره وحسن عبادته.
إننا إذ نشكر الوالد على حرصه عليك؛ لنتمنى أن يتفهم ظرف الزوج، ويتفهم أنك سعيدة، وأشعريهم بذلك، أشعري أسرتك بأنك راضية وسعيدة مع هذا الزوج، وشجعي زوجك أيضا حتى يجتهد في توفير المبلغ، لأن هذا من الأمور المهمة ولو على سبيل التقسيط.
إن الأداء لذلك من الأمور المهمة حتى لا يشوش هذا الأمر على والدك، مع أننا نذكر بأن المهر أصلا للفتاة، المهر كاملا هو حق للفتاة، ومن حق الفتاة أن تتنازل عنه، لكن حرص الأب على هذا المبلغ يدل على أنه يريد أن يعرف إلى أي مدى هو يهتم بك، وأنه إذا كان يحبك سيدفع هذا المهر.
الآباء يفكرون بهذه الطريقة في بعض الأحيان، ونحن نريد أن نقول: المهم هو أن تكوني سعيدة داخل بيتك مع هذا الرجل، وأرجو أن لا يأخذ الأمر عندك أكبر من حجمه، فشجعي زوجك على حسن استقبال طلب الوالد وعدم التضجر لذلك الطلب، وتفهم مشاعر الوالد أيضا الذي يريد أن يرى ابنته تكرم وتعز، ولا تبالي بالكلمات التي يقولها الوالد، فالإنسان هو الذي يحدد هل هو سعيد أو لا.
السعادة تنبع من داخل نفوسنا، ليس الشيء الذي يراه الناس من الخارج، بل هي تنبع من داخل نفوسنا ومن داخل بيوتنا، إذا عليك أن لا تقفي طويلا أمام طلبات الوالد، وأمام ردود هذا الزوج الذي ينبغي أن يحسن الرد، فهو صغير وينبغي أن يحترم الوالد، ويبين له أنه سيكرم ابنته، وأنه لن يقصر معها، وهو بحاجة إلى أن يكون صاحب الوعد الجميل، والكلام الجميل، ويقول: أبشر يا والدي إن شاء الله الأمور تتيسر، ونحو ذلك من الكلام، وأنت دورك كبير في أن تشعريهم دائما كأسرة أنك سعيدة مع هذا الزوج، وأنه يهتم بك، وأنك تقيمين حياتك معه على الخير، هذه معاني من المهم أن تصل إلى أفراد الأسرة، لأن الأسرة سيسعدون إذا علموا أنك سعيدة.
لا تعطي الشيطان فرصة، فإن الشيطان يجلب مثل هذه الصراعات لأجل أن يحزن أهل الإيمان، يريد أن يشوش عليك، فتعوذي بالله من الشيطان، وكل ما ذكرك الشيطان بالأشياء السلبية أو ذكرك بالنقائص فتذكري الإيجابيات، واحمدي الله على نعمة العافية، واجتهدي في دراستك، ويجتهد الرجل أيضا في البحث عن عمل إضافي يوسع به أو يزيد به أسباب الرزق.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونكرر الشكر وندعوكم إلى المحافظة على الأذكار، وعمارة البيت بتلاوة القرآن، والحرص على فعل الخيرات، والتوجه إلى رب الأرض والسماوات.
والله الموفق.