وسواس قهري وشك في وجود الله بسبب معلم يهودي

0 630

السؤال

أنا أرغب في الالتزام، ولكن عائلتي غير ملتزمة ولا تشجعني، كما أن المحيط الذي أنا أعيش فيه (بلاد الكفر) لا يشجع على ذلك، مع العلم أني أعيش في أوروبا وحدي، وعائلتي في بلد عربي.

المهم منذ حوالي 8 أشهر كنت أشعر أني سعيدة نفسيا بصلاتي ودعائي والمحافظة على الأذكار، وقراءة القرآن، ولكن منذ شهر تنتابني أفكار غريبة، أعوذ بالله منها! وأخجل من ذكرها لأحد.

مثلا في الدراسة لدينا محور يتعلق بالإسلام، وأستاذ المادة يهودي، دائما يشوه الإسلام بأفكاره المغلوطة، ويشكك في كل شيء، مثلا يشكك في أن القرآن ليس كلام الله.

أنا بصفتي مسلمة أحاول الدفاع بما أقدر وآتي بالحجج والبراهين، وأحاول إقناع أصدقائي الطلبة ( الكفار ) بالحقيقة، حتى أني حينما حاججت الأستاذ بإعجاز القرآن (عجائب القرآن) شكك في ذلك.

أنا أدافع كما قلت بما أقدر، ولكن المصيبة الكبرى أني في الفترة الأخيرة بدأت بدوري أشك بكل شيء! بأنه لا يوجد الله! وأن كل شيء مرده الصدفة ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من هذه الأفكار)، أقرأ القرآن والسيرة النبوية! لكني أشك! يا ويلي أنا خائفة! رغم استعاذتي وقراءتي للقرآن وصلاتي إلا أن الشك يطاردني، حتى أثناء الصلاة أو قراءة القرآن أو تواجدي في المسجد يوسوس لي الشيطان دائما، لماذا كل هذا؟ لمن تصلين؟ ألم نتفق أن الله غير موجود؟

وأثناء تواجدي في المسجد تدور الأفكار في رأسي! لماذا ترتدين ذلك النقاب؟ وما الذي تحكيه عن عذاب القبر؟ إنهم تائهون.

وفي الحقيقة أنا التائهة، أصبحت أخاف على ديني، والشك يساورني، لا أستطيع الانقطاع عن الحضور في محاضرة الأستاذ اليهودي الذي أحدث فتنة في ديني ( فالحضور إجباري ) والغريب أني أدافع وأحاججه ولكن قلبي لم يعد يؤمن بتلك البراهين.

أحس أن قلبي قد مات! كنت أسأل في الماضي الطلاب عن ديانتهم، البعض يقول: ديني المسيحية، والبعض يقول: ليس لدي ديانة، فلا أؤمن بشيء، كنت أعيب على الدين ( لا دين لهم ) والآن أعتقد أني سأصبح منهم.

أرجوكم أنقدوني، لا أريد أن أموت فجأة، وأنا أفكر هكذا.

أريد أن أعود كما كنت سابقا، رغم ما أقوم به مع أذكار، وحضور خطب يوم الجمعة، إلا أني لا أحس بشيء، أرجو أن لا يؤاخذني الله على كلامي هذا!.

ومنذ شهر كنت أريد أن أتزوج من شخص متدين ليعينني علي أمور ديني.
ولكن الآن لا أريد، وأفكر أني سأجعله تعيسا حينما يعلم أنه سيتزوج بواحدة مثلي! تشكك ولن تساعده على التقرب من الله تعالى.

لم أعد أستمع بتركيز للخطب، بل لا أرغب نقاش صديقاتي الصالحات المسلمات فيما يتعلق في أمور الدين، لأني أحس أني منافقة وأظهر ما لا أبطن.

أرجوكم ساعدوني، أنا أسأل نفسي: ما الدليل على وجود الله؟ أو ما الذي يثبت أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد وجد أصلا، القرآن السنة؟ أسأل نفسي:هل يعقل أن يكون جميع المشايخ والمسلمين والأئمة على خطأ؟ لماذا يحبون الإسلام لدرجة أن البعض ليفديه بروحه؟ هل هذه الأسئلة التي تدور بمخيلتي تخرجني من الإسلام إلى الكفر؟ (لا قدر الله!).

في الماضي قلت: لن أتأثر بقول الأستاذ اليهودي وتشكيكه، ولن يحدث فتنة في ديني، ولكن الآن حسبي الله ونعم الوكيل! قبل كنت أقول هذا القول مؤمنة بأن الله سينصرني، والآن أقول ذلك (حسبي الله ونعم الوكيل) ولا أعلم وأشك.

هلا ساعدتموني أرجوكم، وأتمنى الهداية من الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Anisa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فاحمدي الله الذي رد كيد الشيطان إلى الوسوسة، وشعورك بالضيق من تلك الهواجس والوساوس دليل خير فيك، بل ذاك صريح الإيمان، فنسأل الله أن يثبنا وإياك حتى الممات، وأن يصرف قلوبنا إلى طاعته.

ونحن لا نستغرب هذا الشر من هؤلاء الذين جندوا أنفسهم لحرب الأديان، وخاصة دين الإسلام الذين يبذلون في حربه الأموال، ولكن كما قال الله في كتابه: (( فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ))[الأنفال:36].

وكم تمنينا أن يختار من يذهبون إلى تلك البلدان ممن تمكن الإيمان في قلوبهم حتى يؤثروا ولا يتأثروا، ولا شك أن الباطل إذا وجد قلبا فارغا يتمكن فيه، وكم أنا مسرور بثباتك وإصرارك على محاورة ومجادلة أهل الباطل، وقد أسعدني سؤالك، ومرحبا بك بين إخوانك وآبائك.

وأرجو أن أذكرك بهذه القصة التي صفع بها طالب صغير رجلا من الملحدين، وذلك عندما قال المدرس لطلابه هل ترون السبورة؟ فقالوا: نعم، فقال لهم: إذن السبورة موجودة، وهل ترون الباب؟ فقالوا: نعم، قال: إذن الباب موجود، ثم قال لهم بمنطق البلهاء: هل ترون الله؟ فقالوا: لا، فقال بكل وقاحة: إذن الله غير موجود، فقال طالب وقال لزملائه: هل ترون السبورة؟ قالوا: نعم، فقال: إذن هي موجودة، ثم قال لهم: هل ترون عقل الأستاذ؟ فقالوا: لا، فقال لهم: إذن الأستاذ ليس عنده عقل!!

وقد ورد أن الإمام أبا حنيفة -رحمة الله عليه– ناظر بعض الملحدين، وحصل أن تأخر الإمام في عبوره لنهر دجلة، فلما وصل إليهم قال لهم: لم أجد سفينة لتحملني، وبينما أنا كذلك إذا بالأشجار تتقطع وحدها وتتخلص من أشواكها وتلتصق ببعضها حتى تكونت هذه السفينة التي ركبتها إليكم، فقال المنكر: كيف يمكن أن يحصل هذا؟ وهذا هو الذي تزعمون أنه يفهم وكذا، فقال الإمام رحمة الله عليه: عجبا لكم! ترفضون أن تصنع السفينة نفسها بنفسها وتزعمون أن الكون بكامله صنع نفسه!! وكانت هذه إحدى المناظرات التي حسمت قبل بدايتها، وإذا كانت البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير، أفلا تدل سموات وأرض على رب قدير؟

وإذا كان مصدر هذه الشرور هو ذلك الأستاذ اليهودي الذي جند لحرب الحق وأهله، فإن الأمر واضح ولا ننتظر من هؤلاء وأمثالهم غير هذا، وليت قومي يعلمون.

ونحن ننصحك بمواصلة الطاعات والاجتهاد في معرفة الحقائق من أهلها وليس من أمثال هؤلاء، وإذا جاءتك مثل هذه الأفكار فقولي آمنت بالله وتعوذي بالله من الشيطان، وحاولي العودة إلى بلدك وبيئتك المسلمة في أسرع وقت، واعلمي أن الرسول صلى الله عليه وسلم برئ من مسلم يقيم بين أظهر المشركين، وذلك لأن في الإقامة معهم خطر على دين الإنسان.

وأنت –ولله الحمد– جربت أيام الصلاة والذكر والتلاوة وعشت في طمأنينة وراحة وسعادة، ونحن ننصحك بالمسارعة في الارتباط بذلك الرجل الصالح، وإذا كان الحضور إجباريا فاجعلي من حضورك فرصة للتشكيك في أطروحات ذلك الشقي، وزودي نفسك بالمعلومات الصحيحة، ولا بأس من الاهتمام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في كتبهم ومناقشتهم في الأمور التي توجد في كتبهم، وبذلك سوف تنجحي في تحويل نفسك من موقع الدفاع إلى وضع الهجوم والكشف عن الأباطيل.

ولست يا أختي منافقة، فلا تسمعي لوسوسة الشيطان الذي يريد أن يحزن أهل الإيمان وليس بضارهم إلا بشيء قدره الرحيم الرحمن، واستمعي إلى قول ذلك الصحابي للنبي عليه الصلاة والسلام: (أحدنا يجد الأمر في نفسه لزوال السموات والأرض أحب إليه من أن يتفوه به، فقال عليه الصلاة والسلام: أوقد وجدتموه؟ ذلك صريح الإيمان، وقال: الحمد الذي رد كيده إلى الوسوسة وأمر بالتعوذ بالله من الشيطان الذي يقول للإنسان هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل (آمنت بالله).

واعلمي أن هؤلاء كاذبون فإنهم يصدقون الأخبار التي تأتيهم من الشرق والغرب دون أن يطالبوا بدليل، ويزعمون كذبا أنهم لا يؤمنون إلا بالمحسوس وهذا لون من الخديعة لأنفسهم، فإنهم يهربون من التكاليف ويركضون وراء الشهوات: (( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ))[الحجر:3].

ولا يخفى عليك أن هؤلاء الأشقياء يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، بل قال بعض أجدادهم قد نشك في نسبة أبنائنا لكننا لا نشك في صدق الرسول، واعلمي أنك دليل على وجود الله وقدرته، وأن ذلك الشقي الذي له سمع وبصر دليل على وجود الله، فإن الطبيعة بكماء خرساء فكيف تخلق السميع البصير من الناس؟ وأحسن من قال:
وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه الواحد

وليس المشايخ وحدهم الذين يؤمنون بالله ويصدقون بالرسول لكن حتى أمثال هؤلاء يوقنون بذلك في قرارة أنفسهم لكنهم يخافون على مصالحهم ومواقعهم.

ولن تضيع فتاة تردد (حسبي الله ونعم الوكيل)، فاستعيني بالله وتوكلي عليه.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات