أصبحت أفكر بأني لا أفهم عملي..فهل السبب تنمر زملائي؟

0 28

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب متزوج، لدي بنتان، تعرضت للتنمر والتقليل من شأني في العمل، والتجاهل لما أقوله في أمور العمل لمدة ٥ سنوات، حتى أنني كنت أواجه التنمر حينما يراني زملائي في العمل أدرس دورة تدريبية معينة.

بدأت مشكلتي في الأول من رمضان 1444، حينما تجاهلني زميلي، عندما أبديت رأيي بمشكلة معينة، فتجاهلني كأني لم أقل شيئا، بالرغم من أن حلي للمشكلة كان هو الصحيح، ومن غير سابق إنذار بدأت تأتيني أفكار بأني لا أفهم عملي، وأني غير مهم في عملي، وأن الدورات التدريبية لن تفيدني، ولن أفهمها بالأصل، الأفكار أصبحت تؤلمني، لدرجة أني دعوت الله أن يميتني حتى أرتاح.

انقطعت عن العمل لمدة ٢٠ يوما، ومن ثم ذهبت لطبيب نفسي، فقال لي بأنني مريض بالوسواس القهري، وصرف لي الطبيب أدوية الديبراليكس، والابيزول، والكويل، وأنا آخذها إلى الآن، وكل أسبوع أرقي نفسي بالرقية الشرعية، وأقرأ سورة البقرة، وأذكار الصباح والمساء.

كلما فكرت بتطوير نفسي تأتيني أفكار بأني لن أستطيع، وأني لا أفهم، وأني لا أمتلك عقلا، حتى أنني لن أستفيد من هذه الدورات، ولن أفهمها من الأساس.

فما هي مشكلتي؟ هل أنا مصاب بالوسواس القهري فعلا، أم أنه بسبب تآمر زملائي وتسلطهم علي؟

بارك الله فيكم، وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Anas حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: من وجهة نظري أن الذي تعاني منه فعلا هي أفكار ذات طابع وسواسي، لكن توجد لديك أيضا درجة بسيطة من الشكوك الظنانية؛ لذا أعطاك الطبيب الـ (ابيزول) كعلاج تخصصي جدا لعلاج الشكوك الظنانية المصاحبة لظاهرة الفكر الوسواسي القهري.

أخي: سوف تتحسن -إن شاء الله -، أنا أعتقد أنه يجب أن تعيد النظر في هذه الأفكار المطبقة عليك بأن زملاءك قد تنمروا عليك، أعط مجالا للشك، قل لنفسك: (ربما أنا قد بالغت في تقييمي في الموقف)، أنا مقتنع بما قلته لك، لكن أريدك بهدف العلاج أن تشكك بنفسك فيما تفكر فيه الآن، هذا يساعد على تشتيت الأفكار، وتفكيكها، وتشطيرها، هذا مهم جدا؛ فنحن كبشر في بعض الأحيان بالفعل قد نتفاعل مع بعض الأحداث الحياتية التي لا تروق لنا بصورة فيها مبالغة، هذا يحدث لي ويحدث لك ويحدث لأي إنسان آخر.

إذا سلوكيا يجب أن تقلل من حدة اعتقادك فيما حصل، هذا مهم جدا.

والأمر الثاني: هذا أمر من الماضي -أخي الكريم- الإنسان لا يعيش في الماضي، يعيش في الحاضر؛ لأن الحاضر هو الأقوى، حيث إننا يمكن أن نتحكم فيه، في طريقة أفكارنا، في مشاعرنا، في أفعالنا، اترك هذا الأمر تماما خلف ظهرك، وعش الحاضر بقوة، استمتع بعملك، لا تقف عن العمل.

أحزنني كثيرا أنك قد دعوت الله أن يميتك حتى ترتاح، فالمسلم -يا أخي- لا يدعو على نفسه بالموت أبدا، وأنا أعتقد أنك بالفعل كنت في لحظة ضيق شديدة، والآن -إن شاء الله تعالى- سيحصل الانفراج.

أقدم على الحياة بكل قوة، أقدم على الحياة بكل تفاؤل، وتناول أدويتك بانتظام، ويا حبذا لو نظم لك الطبيب النفسي جلسات نفسية مع الأخصائي النفسي، فقد تحتاج لبعض التوجيهات السلوكية للتعامل مع الفكر الوسواسي.

وأهم التوجيهات السلوكية أذكرها لك -بجانب ما ذكرته لك سلفا- هو: أن تحقر الفكر الوسواسي، وأن تصرف انتباهك عنه، وذلك من خلال الإتيان بفكرة أخرى تكون مضادة تماما للوسواس، فكرة متفائلة، وكذلك هذه الأفكار اربطها -أخي- بما نسميه بالمنفرات؛ لأن الشيء المنفر، الشيء الذي لا تحبه النفس يضعف الوسواس.

تمرين بسيط جدا دائما نذكره للإخوة والأخوات، وحقيقة أنا أطبقه مع الإخوة الذين يأتون في عيادتي، هذا التمرين بسيط جدا:

خذ هذه الفكرة الوسواسية، وتأمل فيها قليلا دون أن تحللها، ودون أن تسترسل فيها، ثم بعد ذلك قم بالضرب فجأة على يدك بقوة وشدة على سطح صلب مثل سطح الطاولة مثلا، من المفترض أن تحس بألم شديد، اربط هذا الألم في لحظته مع الفكرة الوسواسية، كرر ذلك عشرين مرة متتالية.

إيقاع الألم على النفس وربط ذلك بالفكرة الوسواسية يضعفها، الألم أمر غير محبب إلى النفس، والوسواس بالرغم من أنه سخيف لكنه يفرض ذاته على نفس الإنسان، وحين يلتقي ما هو مبغوض ومرفوض -وهو الألم مع الوسواس- يضعف الوسواس.

هذه تمارين طيبة وجميلة، والتي أحبها كثيرا، وأعلم أنها مفيدة.

بجانب ذلك -أخي الكريم- تجنب الفراغ، تواصل مع الناس، قم بواجباتك الاجتماعية، احرص على العبادة، وخاصة الصلاة على وقتها، خصص لك جزءا من الوقت لتلاوة القرآن، ويا حبذا لو دخلت في مشروع حفظ لأجزاء من القرآن، أو ليتك تحفظه كله.

الرياضة، ورياضة المشي، ورياضة الجري، ولعب كرة القدم مثلا مع بعض الأصدقاء؛ هذه كلها حقيقة تضعف الوساوس جدا؛ لأنها لا تترك لها الحيز الفكري، ويحدث استبدال تام للفكر الوسواسي بما هو أفيد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات