السؤال
السلام عليكم..
كنت أعمل في مدرسة ابتدائية وحريصة على عملي أشد الحرص، وكنت أحب وظيفتي حبا جما لدرجة أن عطائي ملحوظ من قبل الجميع، وشهادات الشكر والتقدير ملأت ملفي الوظيفي، وأدائي الوظيفي ممتاز ولله الحمد، وأحب تدريس الأطفال، بل أعشقه والله.
وفجأة أتاني نقل من الابتدائي إلى المتوسط، جن جنوني وانهارت نفسي وكدت أجن لولا الدعاء والصلاة، وحاولت جاهدة أن أعود للابتدائي ولكن دون فائدة، وآخر قرار قيل لي: لن ننقلك حتى تأتي بتقرير أنك مريضة بأي نوع من الأمراض.
فكرت أن أقدم تقريرا من أي مستشفى؛ ولكن خفت خوفا شديدا، ولكن من أجل تدريس الأطفال كدت أن أعمل أى عمل جنوني ( المهم أعود لتدريس الأطفال )، كرهت كل شيء من حولي.
أعلم أنكم ستقولون: هذا عامل نفسي لفترة وستتأقلمين على وضعك الجديد، وهي مسألة وقت، ومن هذا القبيل، ولكن أقول لكم: أنا لا أريد غير شيء واحد، كيف أعود لمدرستي الأولى الابتدائية فقط؟
والحالة التي أنا فيها ليست نفسية ولا أريد طبيبا نفسيا، كل الذي أريده كيف أعود لطالباتي وصغيراتي اللاتي خرجت من عندهن بأنهار من الدموع والأحزان؟ وما زلت إلى الآن أحلم بالعودة.
أرجوكم ساعدوني ساعدوني، أرجوكم لا تهملوا مشكلتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفرك ذنبك، وأن ينفع بك تلميذاتك وأهلك، وأن يلهمك رشدك ويعيذك من شر نفسك.
فإن المؤمن كالغيث حيثما وقع نفع، وإذا أخلص الإنسان في عمله فلن يهمه أين يوضع، ولا يبالي بمدح الناس أو ذمهم، وليست طالبات الإعدادي بأقل حاجة من طالبات الابتدائي، وهن الأحوج إلى المخلصات الداعيات المربيات.
ولا يخفى عليك أن القرار اتخذ رعاية للمصالح، وتقديما لمن تنجز وتعمل، وهو ينطوي على الاعتراف والتقدير لمجهوداتك.
ولا أظن أن الوظيفة تغيرت ولكن المهام ازدادت، وسوف يزيد معها الأجر والثواب إذا وجد الصدق والإخلاص، والعمل في تدريس طالبات المتوسطة فيه ثمار عاجلة، فهن في مرحلة ما قبل الأمومة، والاجتهاد في إعدادهن وتوجيههن يضمن لأمتنا الثمار النافعة العاجلة، فاجتهدي في دعوتهن إلى الله، وكوني لهن أما في الحنان وأختا في المحبة.
ونحن على يقين بأن نظرتك سوف تتغير تماما بعد الدخول إلى الجانب العملي وتنفيذ القرار، وليس في تقديم الشهادات الكاذبة خير، والكذب يخدش في أهليتك لهذه المهمة العظيمة، وشكرا لك على رفض ذلك الاقتراح الهزيل الذي لا يعمل به إلا من غفل عن الله وسؤاله وعقابه.
ولست مريضة، ولكنك تكرهين ترك ما ألفتيه من تدريس الصغيرات، وأرجو أن تعلمي أن هذا الانتقال إلى المتوسطة تيتح متابعة الغرس ومواصلة المهمة، ونتمنى أن يضع الله في طريقك طالبات الأمس حتى تواصلي معهن المشوار، ونحن نتمنى أن تكوني على قدر هذه الثقة، وأن تنطلقي في وظيفتك الجديدة بحب ونشاط، وبحرص على النجاح والفلاح.
وقد أسعدني فرارك إلى الذكر والصلاة، وأفرحني اختيارك لموقعك ومرحبا بك بين آبائك وإخوانك، وهذا اللجوء إلى الله دليل على أهليتك واستحقاقك للمهمة الجديدة، فدلي طالباتك على هذا الطريق وأخلصي في توجيههن فإنهن أشبه بالغريق، ونحن في عصر الشهوات والضياع، فاستمسكي بحبل الله وقولي لهن: هلم إلى الطريق!
ولأن المهام الكبيرة تحتاج للنفوس الكبيرة، فجددي العزم واستعيني بالله، وانطلقي في مدرستك الجديدة بإيمان وإصرار، ونسأل الله أن ينفع بك بلادك والعباد.
والله لي التوفيق والسداد.