التوتر والخجل يعوقان تقدمي في الحياة..فماذا أفعل؟

0 35

السؤال

السلام عليكم.

عمري 18 سنة، وأنا محافظ على الصلوات في المسجد -والحمد لله-، ولكن مشكلتي أني أعاني من التوتر والقلق بشكل مفرط، خاصة في التجمعات، لدرجة أني أصبحت أخجل من المشي في الشارع، والذهاب للمسجد، ولكني ما زلت أذهب رغم قلقي، لا أعرف طبيعة حالتي، هل هو بلاء أم مرض؟

أصبحت أعاني من رجفة في الجسم من شدة الخجل والخوف، وبدأت أخاف من المستقبل بشدة، لدرجة أني أتمنى أن تقوم القيامة، وينتهي هذا العذاب.

أخجل جدا من الفتيات، لدرجة لو مرت فتاة بجانبي يصيبني الهلع، وأنا مقبل على الزواج، وهذا الخجل أصبح يعوقني من خطبة أية فتاة، خوفا من التوتر، وعدم التحدث، والتلعثم وغيره.

أريد أن أكون إنسانا طبيعيا دون الذهاب للطبيب، وتناول الأدوية، وغير ذلك، وأريد أن أكون مثل الشباب قوي الشخصية، أتمنى الإجابة منكم بأسرع وقت.

وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

أخي: الذي تعاني منه هو نوع من قلق الرهاب - كما نسميه -، ويسمى أيضا بالرهاب الاجتماعي، حيث إنك تجد صعوبة في مواجهة التجمعات، أو -كما ذكرت- التعامل مع الفتيات، وأعتقد أن خوفك من الذهاب إلى المسجد ناتج من عدم ارتياحك للتجمعات بصفة عامة، ومن الواضح - أيها الفاضل الكريم - أنه لديك -الحمد لله- درجة من الحياء وشيء من الخجل، وكلها -إن شاء الله تعالى- سوف تعالج.

أنا أعتقد أن العلاج الدوائي بالنسبة لك مهم جدا؛ لأن شخصيتك تحمل جانب الخجل والإنطوائية، ومهما تحدثنا عن العلاجات السلوكية، أو عرضت نفسك لها، قد لا تستفيد منها كثيرا إذا لم تصحح المسارات الكيميائية في الدماغ؛ لأن الرهاب والخوف مرتبط بشيء من اضطراب يحدث لمادة تسمى (سيروتونين)، وهي إحدى الموصلات والناقلات العصبية الرئيسية في الدماغ.

فيا أخي الكريم: أنا أنصحك أن تتناول أحد الأدوية، وسوف أصفه لك، ولا حاجة لك للذهاب إلى الطبيب، وأنا أؤكد لك أن الدواء سليم وفاعل، وغير إدماني -إن شاء الله تعالى-، وسوف تجني منه فوائد كثيرة.

الدواء يسمى (سيرترالين Sertraline) هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريا (لوسترال lustral) أو (زولفت Zoloft)، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما، حيث إن الحبة تحتوي على خمسين مليجراما -، تناول جرعة البداية هذه لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم اجعل الجرعة حبتين يوميا - أي مائة مليجرام -، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، ويجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، علما بأن الجرعة القصوى - أي الجرعة الكلية - هي مائتا مليجرام - أي أربع حبات في اليوم - لكنك لست في حاجة لهذه الجرعة، بعد انقضاء الثلاثة أشهر، اجعل الجرعة حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة عشرة أيام، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام أخرى.

وبجانب السيرترالين أريدك أن تتناول دواء آخر بسيطا يسمى (إندرال Inderal)، ويسمى علميا باسم (بروبرانولول Propranolol)، أريدك أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرامات صباحا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

هذه هي الأدوية العلاجية الضرورية المهمة جدا، و-إن شاء الله- بعد ستة أسابيع من بداية العلاج، سوف تحس بتحسن كبير.

وبجانب العلاج الدوائي: لا بد أن تحقر فكرة الخوف، ولا بد أن تصحح مفاهيمك، فأنت لا أحد يراقبك - أخي الكريم -، وأنت لست بأقل من الناس، وأنت تذهب إلى المسجد وتحافظ على صلواتك، فأنت أفضل من كثير وكثير من الناس. لا بد أن تحس بقيمتك الذاتية، ولا تقلل من ذاتك أبدا، وأنا أؤكد لك أن لا أحد يراقبك، هذا مهم جدا.

وبالنسبة للفتيات -أخي الكريم-: أراحك الله من هذا الجانب، طبعا أنا لا أقول لك لا تتعامل المعاملة الشرعية مع الفتيات، لكن يجب ألا تحمل هما لهذا الموضوع، وأنا أعتقد أن تفاعلك فيه شيء من المبالغة، والفتاة - يا أخي - انظر إليها أنها هي أختك، هي زوجتك في مستقبلك، والمرأة عامة هي أمك وهي أمي، فيجب أن يكون هنالك نوع من الارتقاء المعرفي الوجداني، لا تتخوف أبدا -أخي الكريم-، واجعل نفسك كقيم على الفتاة التي تراها، تدافع عنها مثلا في حالة تعرضها لخطر أو لشيء من هذا القبيل، لا تقلل من قيمة ذاتك أبدا.

أما بالنسبة للخطوبة والزواج: فهذا أمر جميل، أقدم عليه دون أي تردد، وأسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة، اجتهد - أخي الكريم - في القيام بالواجبات الاجتماعية، لا تتخلف أبدا عن المناسبات، تقديم واجبات العزاء، المشاركة في المناسبات كالأفراح والأعراس، زيارة المرضى، تفقد الجيران، تفقد الأرحام، أن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل مع بعض أصدقائك؛ هذه كلها تؤدي إلى البناء النفسي الإيجابي السليم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات