السؤال
صديقتي كانت مقبلة على الانتحار منذ عدة أشهر، كنت خائفة عليها بشدة، وأشعر بالعجز، وأشعر أن عائلتها باردة جدا من ناحية هذا الموضوع، ولم تأخذ أي إجراءات، فأخذت مشورة بعض الناس وقلت لهم أسرار صديقتي، ومعظم الناس الذي قلت لهم سر صديقتي لم يكونوا يعرفونها، والقليل كانوا يعرفونها، كنت أريد أن أساعدها، وكنت أشعر بالعجز، وهي كانت تصد مساعدتي دائما.
قررت أن أتركها وشأنها، طالما أنها تصد مساعدتي، ولكن خشيت من الغيبة التي اغتبتها بها، وقررت أن أقول لها، وحالتها تدهورت جدا بعد ما كانت بدأت تتحسن.
هي مريضة باكتئاب حاد، وقالت: أنا لا أريد المحاولة مرة أخرى، وحاولت الانتحار مجددا، علما بأني كنت أبكي، وقلت سأفعل لك أي شيء لتسامحيني، وقد سامحتني بالفعل، لكنها لا تريد أن تعيش مرة أخرى، وحاولت الانتحار مجددا، لكن فشلت.
تقول: إنها تريد الانتحار مرة أخرى، وما زالت لا تسمح لي بمساعدتها، ماذا أفعل؟ وبالنسبة لموضوع الغيبة، كنت أتكلم عنها كثيرا، لأنها تشغل بالي، وكنت خائفة وحزينة أنها لم تسمح لي أن أساعدها.
لقد حاولت مساعدتها قبل أن أقول أسرارها لأحد، وقمت بالتسجيل لها مع طبيب نفسي، وحاولت أن أجعلها سعيدة، لكنها صاحبت أصدقاء على (أبلكيشن) يوجد به العديد من المرضى النفسيين، وقالت والدتها لي: إني أنا السبب!
لا أعلم ماذا أفعل؟ هل أحاول مساعدتها مرة أخرى؟ هل أنا السبب؟ هل أتحمل ذنبها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر الصديقة، نسأل الله أن يتقبل منك نيتك الصالحة ومحاولاتك الجادة، نسأله تبارك وتعالى أن يهدي هذه الصديقة لأحسن الأقوال والأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يردها عن مجرد التفكير في الانتحار، فتلك جريمة الجرائم.
أنت محسنة بنتنا، وما على المحسنين من سبيل، استمري في النصح لها، واقتربي منها، ذكريها بالله تبارك وتعالى، وأيضا شجعي تواصلها مع الموقع، فكثيرا ما يتواصل معنا الأبناء والبنات ممن عندهم الحالات الشبيهة لحالتها، ويوجد عندنا في الموقع الإجابات النافعة المفيدة، بل وتأتينا بعد ذلك بشارات ونجاحات حققوها بعد أن فهموا الأمر على وجهه الصحيح، فخير الناس من طالت أعمارهم وحسنت أعمالهم.
لذلك المؤمن لا يتمنى الموت لضر نزل به، حتى لو ضاقت به الدنيا ونزلت به المصائب فمهما بلغ ينبغي عليه أن يقول: (اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي)، ولكن الأصل أن يسعى الإنسان وأن يعمر حياته بطاعة الله، والإنسان إذا طال عمره فهذا فيه خير، لأنه إما أن يكون في الخير فيزداد خيرا، وإما أن يكون مقصرا فيتوب ويرجع إلى الله، ويعدل طريقه ومساره إلى الله تبارك وتعالى.
علاج الاكتئاب وعلاج هذه المشكلات النفسية يحتاج إلى متخصصين؛ لذلك هي تحتاج إلى تواصل مع من يستطيع أن يتفهمها ويتكلم معها، فشجعي تواصلها مع الموقع. ومن الأشياء المفيدة أنها تستطيع أن تطالب بحجب الاستشارة، وأن تذكر الأسباب الفعلية التي أوصلتها لهذا الوضع، حتى تجد المعاونة، وتجد الإرشاد، بل عندنا أطباء مختصون في هذا المجال ويمكن أن يساعدوها، حتى بوضع واختيار علاجات مناسبة لها، ونسأل الله أن يعينها على العودة إلى الحق والصواب، وأن يعينك على الاستمرار فيما أنت فيه.
ما ذكرت من الغيبة بعد أن سامحتك الأمر فيه سهل، ويبدو أنك كنت تقصدين مصلحتها، وأن تتكلمي باغتمامك بها، ولا تقفي طويلا أمام كلام والدتها، لكن استمري فيما عليك من النصح والإخلاص لها، فإن الذي يحاسب عليه الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
نسأل الله أن يهدي والدتها وأسرتها، حتى يعينوها على تحسين حياتها واستقرار نفسيتها، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.