السؤال
السلام عليكم
أعاني من آلام في النصف الأيسر من الجسم بالكامل، وخاصة من ألم ممتد من الرأس -يمر على الكتف إلى أصابع اليد اليسرى- منذ أكثر من 12 عاما، وزرت عدة أطباء لكن بدون تفسير واضح، مؤخرا منذ عام تقريبا أحس أني أفقد التوازن بعض المرات عندما أريد الوقوف أو المشي.
زرت طبيب الأعصاب، وعملت تصويرا مقطعيا للرأس، وطلعت النتائج سليمة -الحمد لله- وعندي كذلك تشوش في الرؤية وضباب؛ حيث لا يمكن أن أميز ملامح الأشخاص عن بعد 10 أمتار، وأكده لي طبيب العيون ولم يعلق كثيرا على هذه المسألة، وكذلك عندي غازات في البطن، وبواسير، وصعوبة في الإخراج، زرت طبيب الجهاز الهضمي وأكد لي هذا، ووصف لي علاجا، هذا من جهة.
من جهة أخرى أعاني من قلة الانتباه (مثلا عند التحدث مع أشخاص أطلب إعادة ما قاله، وبعض الأحيان لا أدري ما يقوله) وشرود ذهني وارتخاء بالجسم؛ مما يؤثر سلبا على عملي، وأعاني كذلك مما يلي: قلة الانتباه والتركيز، قلة الكلام، انعدام الحماس والدافع، وصعوبة الاستمرار في الأنشطة والالتزامات، وفي العمل يقيمونني أني ثقيل في أداء المهمات ومنطو شيئا ما.
لا أخفي عليكم أني قبل 10 سنوات، مررت بأزمة نفسية بعد حصولي على الباكلوريا، من ضيق الصدر والخوف من الموت، دامت لما يزيد عن سنتين أو ثلاثا وأكثر، وهذا أثر على تحصيلي العلمي وحياتي عموما.
ما رأيكم إخواني؟ وهل يمكن للحسد أن يسبب هذا؛ لأنه مؤخرا اكتشفت أن أقربائي يحسدوننا -للأسف- وبعض أشقائي يعانون من نفس الأعراض تقريبا، إلا ألم الجسم فقط.
أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيرا، ونفع بكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رضوان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي: أنت تشتكي من جملة من الأعراض الجسدية، ولم يجد لها الأطباء تفسيرا عضويا -فالحمد لله- كل فحوصاتك سليمة، وأنا أقول لك: الجانب النفسي قد يلعب دورا في تسبيب مثل هذه الأعراض، القلق المقنع، القلق الخفي، الصعوبات النفسية، الاكتئاب الداخلي، هذه كلها تؤدي إلى هذه الحالات، والتي نسميها بالحالات النفسوجسدية.
فيا أخي الكريم: أنا أرى أن حالتك حالة نفسوجسدية، ويجب أن تتناول بعض الأدوية النفسية السليمة والفاعلة، والتي تزيل مثل هذه الأعراض، وفي ذات الوقت يجب أن يكون نمط حياتك نمطا إيجابيا، أن تحسن إدارة وقتك، أن تتجنب السهر والنوم النهاري، أن تمارس الرياضة، أن تهتم بتغذيتك، أن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، أن تلتزم بالعبادات، خاصة الصلاة على وقتها مع الجماعة، أن تصل رحمك، وأن يكون لحياتك معنى، وأن تضع الأهداف التي توصلك إلى غاياتك، هذا يا أخي هو المبدأ العلاجي.
أما موضوع الحسد، فالحسد موجود -يا أخي- والسحر موجود والعين موجودة، كل هذا نؤمن به، لكن الله خير حافظ، والإنسان قد كرم ولا شك في ذلك، فهو أفضل مخلوقات الله تعالى، حصن نفسك -يا أخي- وهذا يكفي، الصلاة على وقتها، الأذكار، أذكار الصباح والمساء، أذكار النوم، أذكار اليقظة هذه تكفيك تماما -يا أخي- ولن يستطيع أحد أن يصيبك، لو أتى أكبر الحساد وأكبر السحرة لن يصيبك بأي شيء، إلا بشيء قد كتبه الله لك، كن على يقين من هذا الأمر، ولا توسوس ولا توهم نفسك بهذه الأمور، انتهج منهج الحياة الذي ذكرته لك.
وأريدك أيضا أن يكون لك ترتيب مع طبيب الباطنية أو طبيب الأسرة، أن تذهب له مرة كل ثلاثة أشهر، وتقوم بإجراء الفحوصات العامة، هذا -يا أخي- يبعدك تماما من التنقل بين الأطباء والتوهمات المرضية.
أريد أن أصف لك دواءين، هما في الأصل من الأدوية النفسية، لكن عرف عنها أنها تعالج هذه الحالات، الدواء الأول يعرف باسم فيلافاكسين، هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريا إفيكسر، وربما تجده في بلادكم تحت مسمى تجاري آخر، جرعته -أخي الكريم- تبدأ بداية تدريجية، ثم نصل إلى الجرعة العلاجية، فالجرعة الوقائية، فجرعة التوقف، تبدأ بـ 37.5 مليجراما يوميا من الفيلافاكسين لمدة أسبوعين، بعد ذلك تجعل الجرعة 75 مليجراما يوميا لمدة شهر جرعة واحدة، بعد ذلك تجعلها 150 مليجراما يوميا، وهذه هي الجرعة العلاجية الكافية في حالتك.
علما بأن الجرعة الكلية لهذا الدواء هي 300 مليجراما في اليوم، لكنك لا تحتاج لها أبدا، استمر على جرعة 150 مليجراما لمدة 6 أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك انتقل إلى الجرعة الوقائية الصغرى، بأن تتناول 75 مليجراما يوميا لمدة 6 أشهر أخرى، ثم بعد ذلك تناول جرعة 37.5 مليجراما لمدة شهر، ثم 37.5 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء، هذا دواء سليم وفاعل وغير إدماني.
الدواء الآخر يسمى دوجماتيل، واسمه العلمي سلبرايد، مفيد جدا، وله خاصية أنه يدعم فاعلية الدواء الأول وهو الفيلافاكسين، تناول السلبرايد بجرعة 50 مليجراما صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم 50 مليجراما، أي كبسولة واحدة يوميا في الصباح لمدة شهرين ثم تتوقف عن تناول العلاج.
أخي: هذا هو الذي أراه -وإن شاء الله- تأخذ به، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، ونشكرك كثيرا على ثقتك في استشارات إسلام ويب.