السؤال
والدتي مؤذية كثيرا في العائلة وبين صاحباتها أيضا، تقلب الحق باطلا والباطل حقا، فقط لترضي مصلحتها الشخصية دون أخذ الاعتبار لأحد، وسببت لي الكثير من المعاناة والألم، وكانت أحد أسباب خراب بيتي!
والحمد لله؛ وقفت على رجلي وتزوجت مرة ثانية، فتحاول مرة أخرى تتكلم بالباطل علي، وأحاول الابتعاد ولكن علي أن آخذ برضاها، وتعاود الكرة وتؤذيني لترضي نفسها.
أنا الأحسن من أولادها ومن الجميع، وأشعر بأن قلبها مليء بالكره تجاهي وهذا من الصغر، وعدة مرات شكوت الأمر لوالدي ولإخوتي، وكان تعليقهم أنها تغار! فكيف آخذ برضاها وقلبها مليء بالكره واللؤم، والكذب سلاحها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غالية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمن الذي سيصبر على الوالدة إذا لم تصبري عليها؟! ومن الذي يستطيع أن يقابل إساءتها بالإحسان والبر إذا لم تكوني أنت؟! ولن يضيع أجرك عند الله، وإذا تذكر الإنسان لذة الثواب نسي ما يجد من الآلام، وإذا أديت ما عليك فلن يضرك غضبها بعد ذلك، ولذلك جاء في ختام آيات البر للوالدين قول الله تعالى: (( ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا ))[الإسراء:25]، والآية عزاء لمن أدى ما عليه وعمر قلبه بحب والديه والرغبة في برهما ولكنهما من الصعوبة بدرجة يصعب احتمالها.
ولا يخفى عليك أن المسلمة حذرة ويقظة، فهي لا تلدغ من الجحر الواحد مرتين، فلا تطيعيها في الأمور التي تغضب الله، واعلمي أن طاعة الزوج من طاعة الله إذا أمر بما يرضي الله، وليس لك أن تقدمي طاعتها على طاعة الزوج الذي هو أولى الناس بالمرأة.
والمسلمة مطالبة بأن تعفو عمن ظلمها وتعطي من حرمها وتصل من قطعها، لأنها ترغب في جنة ربها، وتقرأ قول ربها سبحانه: (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ))[الأعراف:199]، وهذا هو خلق المسلمة مع الغريب، فكيف إذا كان الظالم هو أقرب قريب؟!
ونحن نتمنى أن تطردي عنك الوساوس، والتمسي لها المعاذير، وتوكلي على الله القدير، وتذكري أن عمر الدنيا قصير، ويبقى بعد ذلك للطائعين الثواب الجزيل، وينتظر المقصرين الحسرات والعذاب الوبيل.
وإذا كانت الوالدة معروفة بأذيتها للأهل والجارات والصديقات فماذا تنتظرين؟ ولذلك فنحن نتمنى أن تكثري لها الدعاء، وتقابلي تقصيرها بالبر والوفاء، لتنالي عند الله عظيم الجزاء.
ونحن نوصيك بتقوى الله وطاعته، فإن الله مع المتقين، وهو سبحانه تكفل بأن ييسر أمورهم فقال سبحانه: (( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ))[الطلاق:4]، ووعدهم بتفريج الهموم والأرزاق فقال سبحانه: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ))[الطلاق:2-3].
وإذا أصلح الإنسان ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، فكوني قريبة من والدتك واجتهدي في نصحها وبرها والدعاء لها، وسوف يعوضك الله بالأبناء البررة، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
وبالله التوفيق والسداد.