قاطعت أهلي لأنهم لم يمنعوا أخي من المعصية، فما توجيهكم؟

0 28

السؤال

أبي وأمي علموا أن أخي في علاقة غير شرعية بفتاة ولم يتكلم أحد منهم، وعندما تكلمت مع أخي بغضب عن هذا الأمر جاء أبي وضربني، ولم يتكلم أحد مع أخي عن هذه العلاقة غير الشرعية، وحاليا أنا مقاطع جميع من في المنزل، أساعدهم في العمل فقط بدون كلام، فماذا أفعل يا شيخ؟ وما ذنب أمي وأبي؟ وهل سيحاسبهم الله عن سكوتهم ودعمهم له؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي محمد-، ونسأل الله أن يهدينا وإياك لصالح القول والعمل.

في البداية نسأل الله أن يأجرك على غيرتك وحبك الخير لأخيك وحرصك على نصحه، وهذا من خلق المسلم الصالح تجاه إخوانه عموما، ويزداد تأكيدا تجاه الأقربين منهم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه البخاري.

ولا بد أخي -وفقك الله- أن تعلم أن للنصيحة آدابا وأساليب، حتى تعطي ثمرتها في نفس المنصوح، فالنصيحة أولا وأخيرا "حب الخير للمنصوح"، وحب الخير يقتضي السعي لنفعه وتقبله للخير، لا مجرد إخباره أنه يعصي أو يقع في الذنب فقط .

وفي حالتك -أخي أحمد-: لم تحدد طبيعة العلاقة غير الشرعية، وكون هذا الأخ أصغر أو أكبر منك، لأن ذلك يترتب عليه درجة الإنكار وطبيعة النصيحة، وعلى افتراض أن هذه العلاقة غير الشرعية هي الزنا -والعياذ بالله-، وأن الفاعل بالغ عاقل، فإن النصيحة تحتاج منك إلى مجموعة أمور كي تحقق النتائج المرجوة منها -بإذن الله-:

أولا: لا بد أن تكون على يقين تام بكون هذه العلاقة حاصلة وليس مجرد شكوك أو ظنون، لأن أعراض الناس محرمة، ورميهم بما ليس فيهم قذف يعاقب عليه الشرع، وقطيعة رحم إن كان من الأقربين، يقول الله تعالى: (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم).

ثانيا: مادام أن هذا أخوك، فكان من الأولى أن ترجع إلى والديك، فتطلعهما على الأمر وتتشارك معهما في معالجة المشكلة وفي إصلاح أخيك، حتى وإن كانا يعلمان بالأمر فتطلب مشورتهما لتعرف موقفهما من هذا الفعل، وهل هما راضيان بالمعصية، أم في مرحلة علاج للمشكلة وأنت لا تعلم أو غير ذلك؟ فكل موقف له ردة فعل مناسبة منك كناصح.

ثالثا: ربما كانت ردة فعل والدك القاسية في حقك نتيجة أنك أظهرت ما كان يخفيه، وكان الأجدر أن تعالج مثل هذه الأمور في ستر وخفاء، ليكون هذا أقرب وأصلح لتوبة أخيك وعدم فضحه والتشهير به، فمن الحكمة عدم فضح العاصي والحرص على نصحه في السر إلا في حدود ضيقة جدا.

رابعا: علم والديك بالأمر لا يعني أنهما راضيان به، ولنحمل الأمر على أفضل المحامل في كونهما يعالجان الأمر بسرية، ولا يرغبان في ظهوره ونشره، وعليه نرشدك أن تكون بجوار والديك وتسمع لهما، لتكون محل ثقتهما.

خامسا: التدرج والرفق في النصح، فمعالجة الخطأ قبل وقوعه يختلف عن معالجة الأمر بعد وقوعه، وفي حالات الزنا تكون معالجة الأمر بسرية بالغة، لضمان صون عرض أخيك وعائلتك داخل المجتمع، والستر عليه يعينه على إصلاح نفسه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا) رواه الحاكم والبيهقي.

وعلى ما سبق نرشدك أخي محمد -وفقك الله- إلى عدم مقاطعة أهلك، فبر الوالدين من أعظم القربات إلى الله، وعقوقهما من أكبر الكبائر، فإن أمروا بمعصية أو شرك بالله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولتحسن صحبتهما في ما عدى ذلك، مع مداومة الدعاء لهما والحرص على صلاحهما، ثم نوصيك أن تترفق وتتدرج في نصح أخيك، وتختار الأوقات المناسبة لنصحه سرا.

فإن أديت ما عليك من نصيحة، واجتهدت في السعي في إصلاح أخيك وكررت المحاولة فاعلم أن الله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، وأنك قد قمت بما عليك من واجب النصيحة، وعليك أن تكره المنكر بقلبك إن عجزت عن تغييره بيدك أو بلسانك، مع المداومة على النصح متى ما وجت فرصة لذلك، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم.

وفقك الله وأعانك وسددك لفعل الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات