والدي لم يسأل عني منذ أن طلق أمي في صغري، فماذا أفعل؟

0 22

السؤال

والدي ووالدتي منفصلان منذ أن كان عمري سنتين، أمي ربتني وتكفلت بي ماديا، وتزوجت بعد أبي، وكنت أعيش معها، ولكن زوج والدتي رجل سيء جدا، ومؤذ، وقد عانيت منذ صغري، كبرت وانفصلت للعيش عند أحد أقاربنا، ولكن أمي تؤنب ضميري دائما على عدم العيش معها، وتقول لي: نار أمك، ولا جنه غيرك، هل علي ذنب أو إثم لعدم موافقتها؟ هل هذا الأمر يعتبر من العقوق؟

سؤالي الثاني: أبي ليس له علاقة بي منذ صغري، ويكاد التواصل أن يكون معدوما ولم يقم بدوره كأب، وهو شخص معزول، ولا يتكلم مع إخوته، ولا أي أحد، لا يملك هاتفا، ويعيش مع نفسه، ولا يوجد بيننا تواصل أبدا.

بادرت بالسؤال عنه من قبل لم أجد ترحابا، وكان مستاء، ومحرج مني لتقصيره الشديد معي فتركته على راحته؛ ولأني أتأثر جدا عند رؤيته وأتذكر ما حدث فأنهار نفسيا، ويكون عندي ضيق شديد، وفي نفس الوقت أشعر بالتقصير من ناحيته، وأني سأحاسب عليه، هل هذا من العقوق أيضا؟

مع العلم أنه لا يبادر، وقد يظل سنوات لا يراني ولا يسأل عني ووجوده معدم بالنسبة لي!

شكرا مقدما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aliaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة التي حملتك لكتابة هذه الاستشارة، ونسأل الله أن يرزقك بر والديك رغم تقصيرهم، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونشكر للوالدة أيضا القيام بواجبها تجاهك، ونتمنى أن تنجحي في إرضائها، وقد لا يكون إرضاؤها بضرورة أن تذهبي معها إذا كان يأتيك أذى من زوجها، لكن أرجو أن يستمر التواصل الجيد معها، وتطييب خاطرها، وإذا وجدت فرصا لمقابلتها ومساعدتها والسؤال عنها؛ فهذا ما تمليه هذه الشريعة التي تجعل الحق المضاعف للأم.

وبالنسبة للوالد: أحسنت جدا بالسؤال عنه، وأرجو ألا تتأثري سلبا بما حدث منه، بأنه تضايق، وأنت أشرت إلى أن ذلك لشعورك بالتقصير تجاهك، والظاهر أن الوالد - الذي هو معزول عن إخوانه ومعزول عن الناس، لا يملك هاتفا - هذا كله دليل على أن الإشكال ليس معك وحدك، وإنما مع جميع من حوله، فأرجو ألا يأخذ الموضوع أكبر من حجمه حتى لا ينعكس عليك سلبا.

أنت مشكورة على محاولاتك، وتشكرين على مجرد النية في التواصل معه والسؤال عنه، والإنسان عندما يدرك أن بر الوالدين عبادة عند ذلك يطمئن ويرتاح؛ لأن الذي يجازي ويكافئ ويحاسب هو الله تبارك وتعالى، فقومي بما عليك تجاه والديك، ولا تتأثري إن حصل منهم تقصير، أو سمعت من الوالدة كلاما، لا تتأثري سلبا؛ لأنك تؤدين ما عليك.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ونبشرك بقول الله: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}، ففي الآية عزاء وتخفيف على من يقوم بما عليه من الأبناء والبنات في بر الآباء والأمهات ثم لا يجد تجاوبا، أو لا يجد من يعينه على الخير، أو لا يتمكن من تنفيذ ما في نفسه من رغبات خيرة، فالله الذي لا تخفى عليه خافية الذي يقول: {إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم}.

شكر الله لك هذا الحرص، واستمري في بر الوالدة والإحسان إليها، مع ضرورة إبعاد نفسك عن الأذى الذي يأتيك من زوجها، وكذلك استمري في السؤال عن الوالد، وتقديم المساعدة الممكنة له، ولا تتأثري إن كانت ردة فعله سلبية أو لم يسأل عنك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يعينك على الاستمرار على البر والثبات على الخير.

بارك الله فيك، وشكرا لك.

مواد ذات صلة

الاستشارات