السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا كنت أعاني منذ أن أصبحت في السن 14 سنة من خجل وخوف من مواجهة الناس، مع أني كنت اجتماعية جدا قبل ذلك.
المشكلة هي أني أعاني من اكتئاب بدون سبب، لدرجة أني أبكي أحيانا إذا جلست وحيدة، بسبب الأفكار السلبية التي تسيطر علي.
وكذلك أعاني من ضعف الشخصية، ولا أضحك من قلبي حتى أني أتصنع الضحك والابتسامة عند الجلوس مع أصدقائي، وكذلك أعاني من الشرود، فعندما تحكي لي إحدى صديقاتي موضوعا ما أشرد كثيرا، لدرجة أن يفوتني بعض ما قالته، وأعاني أيضا من سيطرة أحلام اليقظة، لدرجة أني لا أستطيع النوم.
أنا أحب الجلوس في جماعة، ولكني أخجل جدا من الجلوس مع إحدى صديقاتي بمفردي، لأني لا أستطيع الكلام، ودائما عندما أجلس مع أحد يكون هو المسيطر على الموقف، وأنا أيضا شكاكة لدرجة كبيرة، فأظن أن أي اثنين يضحكون أو يبتسمون فإنهم يضحكون علي.
علما بأنني ملتزمة والحمد لله، وأخاف الله كثيرا، ومتفوقة دراسيا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أحلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أستطيع أن أستخلص من رسالتك عدة جوانب كلها تتعلق بصعوبات في شخصيتك.
أولا: أنت لا تقدري شخصيتك التقدير الصحيح، أو بمعنى آخر: تقللي من القيمة الذاتية لنفسك، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى الشعور بالسلبية وعدم الفعالية، ونصيحتي لك هي أن تعيدي النظر في الطريقة التي تقدري بها نفسك، فأرجو أن تنظري بدقة، وسوف تجدين أنك أفضل مما تتصورين، وأن هناك ميزات إيجابية كثيرة حول نفسك قد لا يتمتع بها الآخرين، ولكن التركيز السلبي جعلك لا تعطي أي انتباه لهذه الجوانب الإيجابية، والجانب الآخر أنك تفرضين سيطرة أو رقابة نفسية شديدة على نفسك وعلى تصرفاتك، مما يترتب عليه الكثير من المشاعر السلبية.
الإنسان لابد له أن يقلل من الرقابة الشديدة على نفسه، والإنسان إذا أراد أن يكون مجيدا يحتاج بالطبع لأن يراقب نفسه في أدائه، ولكن إذا كانت هذه الرقابة وصلت لمرحلة شديدة فسوف تؤدي إلى نتائج عكسية، وهذا هو الذي يحدث بالنسبة لك.
الشيء الثالث هو أنك يجب أن لا تنظري إلى نفسك أنك أقل من الآخرين حين تكوني جالسة مع أي مجموعة من صديقاتك، فيجب أن تنظري أنك في نفس المستوى، أو أن لديك بعض المميزات التي لا تتوفر لدى الآخرين، وقضية أنك لا تستطيعين الدخول في حوار، هذه إن شاء الله قضية مقدور عليها إذا حضرت بعض المواضيع، فدائما حاولي أن تجهزي بعض المواضيع، وتطرقيها مع الأخوات، وتصري على أن تشاركي بها حين تكوني جالسة مع الآخرين.
هذه المواضيع يمكن أن تكون مواضيع خاصة جدا، وليس من الضروري أن تكون ذات طابع جاد مائة بالمائة.
عدم الثقة بالناس، أو الاعتقاد والشكوك والظنان، هي أيضا علة من علل الشخصية، والمبدأ العام بالنسبة للإنسان هو أن يحاول أن يحسن الظن بالآخرين، وصدقيني أنه لا أحدا يضحك عليك ولا أحدا يراقبك، وأنت لست مرصودة من قبل الآخرين.
رابعا: أرجو أن تضعي أهدافا لحياتك، وأنت الآن في مرحلة الدراسة وطالبة، ولذا عليك المثابرة والاجتهاد والتحصيل الدراسي المتقن، ويجب أن تكوني متميزة، ويجب أن لا تسمي نفسك بأنك مكتئبة، نعم... لديك بعض مشاعر الإحباط، ولكن أرجو أن لا يسيطر عليك هذا الشعور؛ لأنه يقلل من الأداء الإيجابي.
خامسا وأخيرا: سوف يكون من الجيد لك إذا تناولت أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، والدواء الذي أود أن أصفه لك يعرف باسم إيفكسر، أرجو أن تبدئي بجرعة 37.5 مليجرام في اليوم حبة واحدة، لمدة أسبوعين، ثم ارفعي هذه الجرعة إلى 75 مليجرام في اليوم كبسولة واحدة، واستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة من فئة 37.5 مليجرام لمدة شهر، ثم بعد ذلك 37.5 مليجرام يوم بعد يوم لمدة أسبوعين ثم توقفي عن العلاج، ولا أعتقد أنك ستحتاجين لهذا الدواء لفترة طويلة.
أسأل الله لك الشفاء، وعليك بالمزيد من الثقة بالله أولا، ثم الثقة في نفسك ومقدراتك، والثقة بأن المستقبل لك إن شاء الله.
وبالله التوفيق.