السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخبرتني أختي أن زوجها أخبرها مؤخرا أنه كان جالسا وجاءه شيء ما، يقول هو هاتف أخبره أنها ستموت في عمر كذا وكذا، وهو سيلحق بها بعد عشر سنوات.
منذ أخبرها بهذا الأمر، وهي تفكر بموعد موتها، وتفكر في ابنها الذي ستتركه في عمر صغير، هي تعلم أن هذا علم غيبي، وما يعلم الغيب إلا الله، ولكنها تقول: توجد إلهامات من الله، وإلا لما كانت بهذه الدقة، وهو أخبرها أنه لم يكن يفكر في هذا الأمر أصلا، وهي الآن تعيش في اكتئاب شديد، وتفكر بهذا الأمر في كل حين، كيف يمكنها أن تتجاوزه؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا- ونشكر لك الاهتمام بأمر أختك وزوجها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينهم على إدراك أن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، وأن الأمر لا يقوم على المنامات والهواتف التي يسمعها الإنسان، وهذه التخيلات التي قد تظهر للإنسان.
المهم هو أن يجتهد الإنسان في أن يعمل الصالحات، وفي رضا رب الأرض والسماوات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يطيل أعمارنا جميعا في طاعته، وأن يجعلنا ممن طالت أعمارهم وحسنت أعمالهم.
لا شك أن هذا الرجل أخطأ عندما أخبر، وهي أخطأت عندما صدقت ما سمعت، وأيضا الخطأ الأكبر أنها بدأت تفكر وتعطي الموضوع أكبر من حجمه، والغيب لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، والإلهامات المذكورة، وكل المنامات والكلام الذي يقال؛ هذا لا قيمة له ولا وزن، فإن وحي السماء قد انقطع بموت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبقية الأشياء بعد ذلك كلها فيها مبالغات، وفيها زيادات، والإنسان ما ينبغي أن يتوقف عند هذه الأمور، وعليها أن تفكر فيما خلقت لأجله، ليست القضية أننا نموت، ولكن على أي خاتمة سنمضي!
الإنسان إذا تذكر الموت ينبغي أن يشتغل بالأعمال الصالحات، لأن القضية ليست أننا نموت، فكلنا سيموت، لكن على أي خاتمة سنمضي، ما هي الأعمال التي قدمناها لأنفسنا، {وقدموا لأنفسكم}، فلنشتغل بما خلقنا لأجله.
أختك عليها أن تتوكل على الله، وتستعين به، وكلما جاءها التفكير في هذا الأمر تتشاغل بغيره، تنتهي عن التفكير وعن هذه الوساوس التي لا قيمة لها، وتتجنب الوحدة، لأن الشيطان مع الواحد، وتحرص على أن تشغل نفسها بالأعمال النافعة والقراءة المفيدة، والمواظبة على ذكر الله تبارك وتعالى.
نسأل الله أن يعيد لها الطمأنينة والأمان، وعليها أن تدرك أن هذا الأمر لا أساس له من الصحة، والإنسان ما ينبغي أن يبني على مثل هذه الهواجس، وعلى مثل هذه التخرصات، وعلى مثل هذا الكذب والافتراء والتخيلات التي ربما الشيطان هو الذي جاء بها، الشيطان هو الذي تكلم بها، والشيطان لا يريد لنا الخير، {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا}، وعداوتنا للشيطان لا تتحقق إلا بطاعتنا للرحمن، فلتشغل نفسها ونشغل أنفسنا جميعا بما خلقنا لأجله، قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
عليها أن تعلم، وعلينا أن نعلم جميعا، أن الذي يشتغل بطاعة الله لا يبالي إن وقع في الموت أو وقع الموت عليه، بل سيقول: (مرحبا بالموت حبيب جاء على شوق)، وهذا ما كان عليه السلف، الذين تذكروا المهمة التي خلقوا لأجلها، فما كان الواحد منهم يبالي إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه، لأنه يشتغل بالمهمة التي خلق لأجلها، ونسأل الله أن يشغلنا بطاعته، وأن يطيل أعمارنا فيما يرضيه.
شكرا لك على الاهتمام، ونتمنى أن تكوني قريبة من الأخت، مذكرة لها بالله تبارك وتعالى، وعليها أن تشتغل بما هو نافع ومفيد، وعلينا أن ندرك أننا وأطفالنا في حفظ الله الحفيظ العليم الخبير سبحانه وتعالى.