السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد استشارتكم، وأخذ العلم منكم، فزوجي قبل سبع سنوات وهو في الصف الثالث الثانوي، سافر رحلة مع صديقه إلى مدينة على البحر، واستمرت لمدة أربعة أيام تقريبا، وعاد منها وهو شبه مريض، لا نعلم ما حصل له هناك، عاد وهو لا يريد أن يتم دراسته، وكان يفضل الانعزال عن الناس، وكانت تحدث الكثير من المشاكل -كما قيل لي-، وكان يشعر بالشك في كل شيء، في وفاء عمه لأبيه، وأن عمه سيسرق أباه، وكان يصرخ ويتلفظ بألفاظ سيئة، رغم أنه لم يكن كذلك، بل كان فتى مؤدبا وخلوقا جدا.
ذهب به أبوه إلى دكتور نفسي، وقالوا له: إنه يعاني من مرض الوسواس القهري، أو الذهان، وبدأ بأخذ أدوية تهدئة تجعله ينام، ولكن -كما قيل لي- بأنه عند ذهابه إلى أي مكان يخبره بعض الأشخاص عند مشاهدته أنه مسحور، وينصحونه بالذهاب إلى الراقي الشرعي، وهم لا يعرفونه، ولا أدري كيف يعلمون بهذا!
أهله ذهبوا في إحدى السنوات إلى منجم -والعياذ بالله- ليروا ما به، فقال لهم بأنه سحر في تلك الرحلة، وأن فيه الكثير من العيون؛ لأنه -ما شاء الله- جميل جدا، ليس لأنه زوجي، بل كلام الكثير؛ لأنه يحمل من مواصفات الجمال الكثير، والنظافة، والاهتمام.
نصح الكثير له بالرقية، فأصررت على أن يأتي إلينا براق ليرقيه، وبدأ بالرقية، والعجيب أنه لم يحصل شيء مما كنت أتخيله، يقول: لم أشعر بشيء أثناء الرقية، أنا بخير، لا أريد جلسات رقية.
الشيخ أخبرني بالخفية عنه أنه يعاني من العين والمس، فهل نستمر في جلسات الرقية؟ وهل ينفع أن أفتح له الرقية وهو نائم؟ لأنه يرفض سماعها، وأعطيه ماء للرقية بالخفية عنه؛ لأنه يغضب ويقول: إنه بخير ولا يحتاج لها.
زوجي كان شخصا ملتزما، يحضر جلسات حفظ القرآن، والذكر، ويذهب في كل صلواته إلى الجامع، بعكس ما هو عليه الآن، فهو يسمع الأغاني باستمرار، حتى عند النوم وفور استيقاظه، ويتهاون جدا بمواعيد الصلوات، ولا يقرأ القرآن، ويرفض أن أقرأ بجانبه، هل هذا التغير المفاجئ بسبب المس أم لا؟
أرجو دعواتكم له بالشفاء العاجل والهداية، فالله سبحانه لا يعجزه شيء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم يسرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى باسمه الأعظم أن يشفي زوجك، ويصرف عنك وعنه كل سوء ومكروه.
ثانيا: نوصيك -ابنتنا الكريمة- بإعانة زوجك بما تقدرين عليه من الأسباب المشروعة لتخليصه من هذه الحالة التي يعيشها، فهو وإن كان -كما يدعي- بخير لا يعاني مسا ولا سحرا، فإنه في حالة غير مرضية، من حيث وقوعه في الآثام بتضييع ما فرض الله تعالى عليه، أو ارتكاب ما حرم عليه، فهو بحاجة إلى نصح وتذكير بطريقة حسنة غير منفرة، ونحن على ثقة من أنه إذا حاول إصلاح حاله مع الله سبحانه وتعالى، والرجوع إلى ما كان عليه من الاشتغال بالعبادات النافعة، من ذكر وصلاة وقراءة قرآن، ونحو ذلك؛ فإن هذه العبادات سيجعلها الله تعالى سببا لشفائه، وإزالة ما مسه من الضر.
حاولي التركيز على هذا الجانب في حياته، وهو لا يخالفك فيه، ولا ينكر وقوعه في شيء من التقصير، وحاولي الاستعانة بكل من يمكن التأثير عليه من الأشخاص، من الأقارب والجيران ونحوهم، فإن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله.
من النافع في هذا الجانب: تذكيره بطرق غير مباشرة بالجنة وما فيها من الثواب، والنار وما فيها من العقاب، وتذكيره بالوقوف بين يدي الله، وأحوال الإنسان بعد موته، وأن الموت قد يكون قريبا، فالإيمان إذا رسخ في القلب وزاد، فإنه حاجز -بإذن الله تعالى- عن أنواع المعاصي والآثام، كما قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (الإيمان قيد الفتك).
أما ما ذكرت بشأن الرقية فإن الرقية نافعة -بإذن الله تعالى-؛ لأنه ليس فيها إلا ذكر ودعاء، فهي تنفع مما نزل بالإنسان ومما لم ينزل به. وينبغي أن تتضح هذه الحقيقة لزوجك، وأنه باستمراره على الرقية الشرعية ينفع نفسه، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (احرص على ما ينفعك)، فتغير أحواله من حسن إلى سيئ، ووقوع بعض الظواهر التي أشرت إليها في سؤالك، قد يكون من المفيد جدا الاستمرار في الرقية الشرعية، ولو برقيته لنفسه، وتحصنه بالأذكار من الآيات القرآنية والأدعية النبوية.
إذا استمر على الاستعانة بمن يحسن الرقية الشرعية من الصالحين المتمسكين بالسنة؛ فإن هذا شيء جائز، وهو نافع غير ضار. فلا ينبغي للإنسان أن يحرم نفسه المنافع والخيرات، ولكن يجب عليه أن يبتعد عن إتيان المنجمين والكهان، فتلك معصية لا تزيد الإنسان إلا وبالا، ولا تزيده إلا مرضا إلى أمراضه.
ما ذكرته -ابنتنا الكريمة- من أنك تريدين إعطاءه ماء قد قرئ عليه وهو لا يشعر؛ فهذا شيء نافع، وليس فيه إثم، فإذا فعلت ذلك تكونين محسنة إليه، أما إسماعه للرقية الشرعية وهو نائم، فإنه وإن كان جائزا إلا أنا لا ندري هل ستؤثر عليه أو لا، ولكنها بلا شك نافعة له، من حيث أن الشيطان يخنس ويهرب إذا ذكر الله تعالى، فإذا فعلت ذلك فإنه لا حرج عليك فيه.
نجدد شكرنا لك لحرصك على الإحسان إلى زوجك والاعتناء به، والسعي لتخليصه مما نزل فيه من الضر، وهذا من رجاحة عقلك وحسن إسلامك، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك للخير ويجعلك مفتاحا له.