السؤال
السلام عليكم.
أحببت فتاة، ولا أستطيع التفكير إلا بها، والحمد لله كنت أغض بصري عنها، لكن الآن أصبحت أطلق بصري أحيانا، المشكلة الآن أنني حين أنظر إليها أشعر وكأني ذليل وأحقر من التراب، وأنا والله عظيم الذنب جدا، وأدعو الله أن يهبها لي، لكن المشكلة هي أيضا أني حين أدعوه أشعر وكأني أدعوها هي، وأنا ذليل لها، ولا أحب أن أذل إلا لله، فما نصيحتكم لي؟
مع العلم أني ما زلت طالبا صغيرا في الإعدادية، فهل أنظر إليها أم أغض بصري، ولماذا؟ وهل حبي لها وإطلاق بصري ذل لنفسي حقا؟ لقد قرات جميع فتاويكم، فلم أجد ضالتي، فأرجوكم لا تحيلوني لفتاوى أخرى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ س حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على غض البصر، وأن يطهر قلبك، وأن يحصن فرجك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا يخفى عليك -ابننا الفاضل- أن غض البصر مما أمر به الله تبارك وتعالى، وله ثمار طيبة، {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} النتيجة؟ ليتمكنوا من حفظ فروجهم {ذلك أزكى لهم} أطهر لنفوسهم، وأنقى لدواخلهم، فإن خالفوا وتجاوزوا ونظروا فـ {إن الله عليم بما يصنعون} تهديد، لذلك:
كل الحوادث مبداها من النظر... ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها... فتك السهام بلا قوس ولا وتـر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها... في أعين الغيد موقوف على خطر
يسر ناظره ما ضر مهجته ... لا مرحبا بسرور عاد بالضرر
وإذا كان الشاب قد وجد في نفسه ميلا إلى فتاة، فإن أول السبل التي ينبغي أن يسلكها هي أن يطرق باب أهلها، وأن يبتعد عنها جهده، وأن يغض بصره؛ لأن الاستمرار في البصر هذا يحدث تعلقا، قد لا يحدث بعد ذلك زواج، فيكون هذا مصدر تعب للطرفين، أو يكون البون بينك وبين الزواج واسع، كما هو واضح في السؤال الآن، فالناس -بكل أسف- اعتادوا أن يتزوجوا بعد فترات متأخرة، وتكاليف الزواج -حتى وإن كانت قليلة- تحتاج إلى مال يبذل، وبالتالي نحن ننصحك بأن تغض بصرك.
والذي يغض بصره هذا مطيع لله تبارك وتعالى، وكونك تنظر لا يعني أنك أحقر من التراب، لكن لأنك عاص لله، والحقارة أسهل، المصيبة أن الإنسان يكون عاصيا لله تبارك وتعالى.
وأيضا إذا كان هناك حب فعلي، فإن الحب يقوم على الصيانة والمحافظة عليها، والمحافظة على نفسك، حتى يرزقك الله إياها بالحلال إذا كبرتم.
والذي ننصحك به هو أن تغض بصرك، اشتغل بطلب العلم، اشتغل بالدعاء، واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ابتعد عنها وعن غيرها من النساء، وأنت أول من يستفيد من هذا؛ لأن غض البصر يجلب الراحة النفسية، والنجاح الدراسي، والاستقرار، والطاعة، وإطلاق البصر يجلب -بكل أسف- كما قال ابن عباس: (له ظلمة في الوجه، وضيق في الصدر، وبغضة في قلوب الخلق، وتقتير في الرزق)، هذا في إطلاق البصر، ولكل معصية لله تبارك وتعالى.
وعليه: نحن ننصحك بالبعد عن الفتاة وعن غيرها، وإذا وجدت في نفسك ميلا إليها فاجعل والدتك وأخواتك يتواصلون مع أهلها لتكون لك في المستقبل، وحتى بعد ذلك ينبغي أن تستمر في غض البصر، وإذا كان هذا غير ممكن، أو لا تظن أن الأهل سيوافقون، وليس هناك من يساعدك؛ فليس أمامك إلا أن تبتعد عن أماكن وجودها، وأن تغض بصرك عنها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
فاشغل نفسك بالعبادات الروحية: الصوم، تلاوة القرآن، الذكر، اشغل نفسك بالعبادات البدنية: الصلاة، الركوع، السجود، بالعمل، بالهوايات النافعة، بالدراسة، بتجنب الوحدة؛ لأن الشيطان مع الواحد، بالبعد عن مواطن النساء والمواقع التي تثير الإنسان، وبذلك ستجلب لنفسك الراحة، وتكون أسست حياتك على قواعد صحيحة.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهداية.