المدرسون يضربوننا وأهلنا لا يساندوننا، فماذا نفعل؟

0 34

السؤال

السلام عليكم.

عمري 15 سنة، أعاني من بعض المشاكل الأسرية، أعيش في قرية، وفي هذه القرية نذهب لأخذ دروس خصوصية بعيدا عن المدرسة؛ لأن المدارس في بلدي لا تفيد، والتعليم بها سيء جدا، وفي هذه الدروس نضرب ونهان كأننا عبيد عند المدرسين، والأهل متفقون على ذلك؛ ظنا منهم أن المدرس إذا لم يضرب ويهين الطالب فإنه لن يتعلم! حتى أن بعض الأهل يقول للمدرس: اكسر الطالب وأنا أصلحه! فحتى لو وصل أن المدرس يكسر عظام الطالب، فإن الأهالي موافقون! علما أن أهلي لا يقولون ذلك، كما أنني من الطلبة المتفوقين، وقليلا جدا ما أضرب.

ولكن بسبب تلك المعاملة في الدروس الخاصة، فكرت في أخذ تلك الدروس على مواقع في الإنترنت، لكن تلك الفكرة قوبلت بالرفض من قبل أهلي، وخاصة والدي، فعندما عرضت عليه الفكرة قال لي: انس هذه الفكرة، ولو فعلتها سأطردك من البيت، ولن أصرف عليك!

وسبب اعتراض أهلي -وخاصة والدي- أن أهلي في ظنهم أن النت مجرد فيسبوك، ومشاهدة أفلام، وترفيه، وليس هناك ما يفيد، ويعتقدون أن المحتوى الذي يقدم في الإنترنت كله نصب، ويريدون أن أكون كبقية الطلبة، أذهب لتلك الدروس، ولا يهمهم ما يحصل هناك، أيضا يظنون أني لو لم أذهب فإني سأترك التعليم، ولن أتعلم!

بسبب ما قاله لي أبي كرهته جدا، وليس هو فقط، بل كل أفراد عائلتي، فكيف أتعامل معهم مع كرهي لهم وخاصة والدي؟ ولو فرض علي أن أذهب لتلك الدروس، فكيف أتعامل مع المدرسين، ومع ما يحصل هناك؟

أنا في قرارة نفسي، أنوي التمرد والهروب من تلك الدروس، وافتعال المشاكل مع المدرسين؛ فنحن لسنا عبيدا عندهم حتى يضربونا بالعصا كالحيوانات!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Guest حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يكتب لك النجاح والتوفيق والسداد.

ونحب أن تستمر -وأنت المتميز- في طاعة والديك وبرهما، وأيضا في تلبية رغبتهما في تجنب الدروس عن طريق مواقع الإنترنت، والتي نقر أن فيها علما، ونحن الآن موقع شرعي، ونجيب على هذا السؤال، ونفيد الناس من خلال هذا الموقع، لكن أرجو أن تتفق معنا أن الشر كثير، وأن الشر موجود في هذه الشبكة العنكبوتية، وأن كل من يقصد الخير قد لا ينال الخير، ولذلك أرجو ألا تقف طويلا أمام هذا الموقف.

ما يحصل من المدرسين لا شك نحن لا نوافق عليه، ولا نرضى به، ولكن أنت -ولله الحمد- متميز، قلت: (قل أن أضرب)، ويمكن أن تتفادى الضرب بأن تكون متميزا حريصا، تستمر في تفوقك، واحرص على تلبية رغبة الوالد؛ لأن هذه المفاهيم المجتمعية الموجودة من الصعب تغييرها، لكن لما تتعلمون جميعا ستتضح الأمور، وعندها يكون لكم دور في تغيير هذه الأمور.

لكن حتى تتغير، فنحن لا ننصحك بأن تخالف الجميع؛ فالجميع يذهب للدراسة، وأنت تريد أن تدرس بطريقة لا تعجب الوالدين، بطريقة لهما عليها ملاحظات، وأكرر: نحن مثلك نعرف أن هناك دروسا، وأن هناك أشياء مفيدة، لكن هذا المفيد حوله وفوقه وتحته وأمامه وبين يديه شرور، والمعصوم من عصمه الله تبارك وتعالى.

فإذا أجبراك على الدراسة -ولا نريد أن يجبراك-، لكن نتمنى أن تستمر أنت بنفسك، ولا تحاول معاندة المدرسين، أو الخروج عن طوعهم وأنت المتميز، وما يحصل منهم غير صحيح، لكن حرض زملاءك على الاجتهاد، وعلى الانتباه، وعلى الحرص؛ حتى لا يجد المدرس السبب الذي يعاقب به الطالب.

وتفكير الأهل هذا -وطبعا نحن من البداية اتفقنا- لا نقبل به، وأن هذا غير صحيح، وأن الضرب بالطريقة المذكورة لا يقبل من الناحية الشرعية، ولا من الناحية التربوية، ولا من الناحية التعليمية، وفوائده قليلة، لكن أتمنى ألا يكون هذا سبب لمعاندة والديك، أو الخروج عن طوعهما، أو اختيار الطريق الذي لا يرضي الوالد والوالدة؛ لأن السباحة ضد التيار متعبة، والمتميز مثلك لا يضره ما يحصل، فاستمر في تميزك، واذهب دون أن يجبرك أحد كما كنت تذهب، وكما يذهب غيرك من الطلاب، ليس لأنه صحيح، لكن لأن هذا هو المتاح، وهذه ثقافة المجتمع، والوالد يشكر لأنه يشعر أنه يقوم بواجبه، وإذا تخلفت فإن الناس يقولون: (لماذا لا يذهب، لماذا تتركه)؟ وكل هذه أشياء اجتماعية، وضغوط قد يصعب على الأسرة مواجهتها.

فلذلك أرجو أن تتفهم الوضع الذي أنت فيه، ولا تحاول الهروب، ولا تحاول افتعال أي مشاكل مع المدرسين، فأنت ذكي ومحبوب، والمدرس له مكانته، والشريعة تأمرنا باحترامه، وإذا أساء فعلى نفسه، وإذا أحسن فله.

ونحن أيضا عندما نحسن فلأنفسنا، أو عندما نسيء فعليها، فحذاري أن تفكر بطريقة سلبية، وأن تظهر عدم رضاك للوالدين في الانتقام من المدرسين أو أن تتعبهم، ولا تظهر لوالديك أنك غير راض، أو أنك لا تحبهما؛ لأن هذا لون من العقوق، واجتهد في إرضائهما، وأنت لست حيوانا، والذين يضربون ليسوا حيوانات، لكن -بكل أسف- هذا نمط تعود عليه الناس.

نسأل الله أن يرفع عندنا جميعا الوعي حتى نتأسى بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي علم أمة دون أن يضرب امرأة، ولا طفلا، ولا خادما -عليه صلاة الله وسلامه-، ونسأل الله أن يرزقك البر، وأن يلهم الأساتذة الصواب والخير والحق والرفق، الذي هو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات