السؤال
السلام عليكم.
لدي ابنة في العشرينات من عمرها، أبوها يريدها أن تلبس الحجاب جبرا، ولكنها تأبى، فمنعها من الخروج والدراسة، وهي الآن مضربة عن الطعام، ولا تأكل شيئا فقط تشرب الماء، وتقول لن آكل شيئا حتى تسمحوا لي بالخروج بدون حجاب، فماذا نفعل؟ هل نتركها تخرج ولا يبقى علينا وزر؟ أم نستمر في منعها من الخروج؟ لكننا نخشى عليها من أن تصيبها وعكة صحية ونأثم على فعلنا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rinaf حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - أيتها الأخت الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك ولوالد الفتاة هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يهديها وأن يلهمها السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن الوالد يقوم بما عليه، (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، لكن الأمر الشرعي أيضا، الأمر بالمعروف لا بد أن يكون معروفا، لا بد أن يكون بطريقة أيضا فيها نوع من الترغيب والتشجيع، وأعتقد أن التي وصلت عشرين سنة كان ينبغي أولا أن يكون هناك تدريب مبكر لها على مسألة اللبس الطويل؛ لأن الأمر كما قال الشيخ ابن باز وقد سئل متى نبدأ تعليم البنات الحجاب؟ قال: (مع الصلاة)، تبدأ الفتاة عندما نأمرها بالصلاة لسبع أو قبل ذلك، أن تلبس الطويل وتلبس ما يميزها عن إخوانها، فإذا وصلت مرحلة البلوغ عند ذلك نطالبها بالستر الشرعي الذي فرضه الله تعالى على بناتنا ليصون هذا الجمال، وهو نعمة من الكبير المتعال سبحانه وتعالى.
أما وقد حصل هذا التوتر داخل البيت وحصل هذا العناد، والفتاة في مرحلة تجيد فيها مهارات العناد؛ أرجو أن يكون لك دور كأم، نحن لا نريد للوالد أن تكسر التعليمات والأوامر التي تصدر من عنده، ولكن أرجو أن تتدخل الأم لتلطف الجو، وتدعوها إلى أن تتناول طعامها، وبعد ذلك يكون هناك نوع من التنازلات، ومناقشة قضية الحجاب معها، يرغب بأنها جميلة بحجابها، وجميلة بحيائها، وأن هذا الحجاب فرضه الله -تبارك وتعالى-، يعني مثل هذه الأمور المهمة، ثم إذا كانت هناك شبهات تزال، لماذا هي لا تريد أن تلبس؟ هل لأن الصديقات يعيرنها؟ هل لأنها تصبح شاذة في المجتمع؟ هل لأنها عندها اعتراض على بعض الأشياء؟ هل لأنها ترفض لونا معينا ونمطا معينا من تفصيلات الحجاب؟ هل صديقاتها كلهم بدون حجاب فهي متأثرة بهن؟ إلى غير ذلك من الأسباب.
هناك بعض الأمور، وبعض الشبهات التي ينبغي أن نزيلها، ونجتهد في أن نحاورها، وهذه المرحلة الحوار فيها مهم، وإذا أردت أن تطاع فعليك بالحوار، وعليك بالإقناع، نسأل الله أن يهديها، وأن يلهمها السداد والرشاد.
طبعا تربويا ينبغي أن يكون هناك مرونة، ويمكن أن نتركها لتخرج، لكن بلباس ساتر، نتدرج معها، وبعد ذلك نقيد حركتها، ثم نحاورها بمنتهى الهدوء، ليس لأن الحجاب ليس فرضا، ولكن ينبغي للإنسان أن يتدرج ويتحلى بالحكمة في أمره بهذه الأمور، خاصة في هذا الجيل الذي يواجه تشويشات كثيرة.
نكرر شكرنا للأب، وشكرا لك كأم على هذا الحرص، ونتمنى أن تديري أو يدير الوالد حوارا هادئا مع الفتاة، ولا مانع من أن تحصل بعض التنازلات مرحليا، ثم بعد ذلك نزيل الشبهات، ونصل بإذن الله تبارك وتعالى إلى ما يرضي رب الأرض والسماوات.
أكرر لك الشكر وللأب هذا الحرص على الخير وعلى أن تكون البنت محجبة، وفعلا نحن نسأل عن بناتنا وعن أبنائنا، ونسأل الله أن يهدي بنتنا إلى الحق وإلى الخير والصواب.
ونحب أن نذكر: الحجاب من أمر الله تعالى، الذي يقول: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}، والذي يقول: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما}.
فعلينا أن ندرك أن الحجاب ليس قطعة قماش فقط، لكنه قطعا من الدين، من هذه العقيدة، من هوية الفتاة المسلمة، ونسأل الله أن يهدينا وبناتنا وأبنائنا إلى الحق والخير، وأن يقر أعيننا بصلاحهم وفلاحهم ونجاحهم.
والله الموفق.