السؤال
السلام عليكم
عندي رهاب اجتماعي قوي جدا، لدرجة أني أذهب إلى المسجد ولا أعرف كيف أتعامل مع أصدقائي، خصوصا أن هناك شخصا دائما ما يحرجنا أمام الناس، هكذا هي طبيعته، فتصغر عيناي، ولا أستطيع أن أتكلم، ووجهي يحمر.
انعزلت وصرت في البيت 24 ساعة، والآن صرت أشعر بالكسل والخمول والضيق، وأحس ببداية اكتئاب، فأتمنى أن تصفوا لي علاجا بدون الذهاب إلى دكتور، لكن دون أن يحدث لي أي ضرر، لأن حالتي المادية صعبة، والآن أنا أكملت الثانوية، ولا بد أن أدرس جامعة، حلمي أن أكون إعلاميا، فهل أترك الإعلام بسبب الرهاب؟
علما بأنه من كثرة الرهاب لا أقدر أن أتكلم مع عائلتي، فما بالك بالناس! أتمنى أن تصفوا لي علاجا فعالا دون دكتور، وأشتريه من الصيدلية على طريقتكم، وأستخدمه على طريقتكم، دون حاجة لطبيب ودون ضرر، وهل إذا شربت العلاج أول يوم أخرج أمام الناس أم لا؟ وهل سأحرج أم مفعوله يجيء بعد فترة؟
أختم بقصة يسيرة حدثت لي قبل فترة، أنا صوتي أفضل صوت في المكان الذي أعيش فيه، وأنا أدرس تحفيظ قرآن، فطلبوا مني وأجبروني على أن أقرأ أمام العلن، وأنا كنت معتكفا في رمضان، فما استطعت أن أرفض، لأنهم أجبروني، فطلعت أمام مكبر الصوت، وبدأت أقرأ مباشرة، فقرأت أول كلمة ونسيت كل شيء، وما قرأت شيئا والناس يصورون، وأنا لا أدري ماذا أفعل؟ صرت مثل المجنون بالضبط، ووجهي صار منكمشا، فنزلت وكرهت الاعتكاف، وكرهت نفسي.
فيا ترى هل أدخل حلمي مجال الإعلام أم لا؟ لأني لا أقدر أن أتكلم مع عائلتي بطريقة سوية، فكيف مع الناس؟ والجامعة بعد شهر بالكثير.
هل العلاج سيعطي مفعوله بهذا الوقت لأجل أن يكون لي القدرة على المواجهة؟ أتمنى أن تعطوني علاجا سريع التفاعل، دون الحاجة إلى دكتور، على وصفكم، ودون ضرر، ومتى أستخدمه، قبل الأكل أو بعده؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عماد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك - أخي الفاضل - عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا.
أخي الفاضل: آلمني ما وصلت إليه بسبب الرهاب الاجتماعي، وكان يمكن تجنب أو تفادي كل هذا.
أخي الفاضل: تذكر أن الرهاب الاجتماعي من أكثر أنواع الرهاب انتشارا بين الناس، وإن كانوا لا يتحدثون عنه بسبب الوصمة الاجتماعية، ومعظمهم يتكيفون معه بشكل أو آخر، حتى دون أن يلاحظ الناس شيئا.
نعم كل ما وصفت في سؤالك يمكن أن يتعرض له الشخص المصاب بالرهاب، حيث يبدأ بتجنب الناس، حتى المقربين إليه، لأنه يجد صعوبة في الحديث معهم، ويستمر بالتجنب والتجنب حتى ينعزل عن الناس تماما. فأنت الآن في البيت أربعا وعشرين ساعة، مبتعد عن الكلام والاختلاط بالآخرين.
أخي الفاضل: الرهاب الاجتماعي يجب ألا يمنعك من خوض مجال العمل الإعلامي والدراسة الجامعية للإعلام، طالما هي رغبتك، ويمكنك بإذن الله أن تكمل حلمك هذا، غير مستسلم للرهاب الاجتماعي بمنعك من متابعة الطريق.
أخي الفاضل: هناك طريقتان للتعامل مع الرهاب الاجتماعي:
الطريقة الأولى هي: المواجهة وعدم التجنب، نعم - أخي الفاضل - قد تكون هناك بعض الصعوبات في بداية الطريق، قد تجد تلعثم الكلام واحمرار الوجه، ولكن مع الاستمرار والمتابعة ستعتاد على مخالطة الناس والحديث معهم بكل ارتياح.
الطريقة الثانية هي: أخذ أحد الأدوية المضادة للاكتئاب؛ لأنها أيضا تعالج الرهاب الاجتماعي، ومنها دواء اسمه (سيرترالين Sertraline)، حيث يمكن أن تأخذ منه خمسين مليجراما في اليوم، ويمكن أن تزيدها بعد أسبوع أو أسبوعين إلى خمسين مليجراما، وربما أكثر، وإن كنا ننصح عادة أن يتم هذا تحت إشراف الطبيب النفسي.
لا أتوقع ما ذكرته في سؤالك من أنك إذا تناولت العلاج من أول يوم فإنك في ثاني يوم ستخرج مواجها الناس، الأمور النفسية لا تسير بهذا الشكل - أخي الفاضل - فبعد بداية تناول الدواء تحتاج إلى عدة أيام لتشعر ببعض الاسترخاء والراحة، ثم تبدأ بمواجهة الناس والخروج إليهم، وهنا أيضا لا تتوقع أنك ستقف بين جمع من الناس وتلقي فيهم خطابا جامعا مانعا.
الأمور السلوكية تأخذ بعض الوقت، فلا بد أن تدرب نفسك، وطالما أن هناك شهرا قبل بداية الجامعة فأنصحك أن تبدأ بالخروج والاختلاط بالناس، ربما بشكل خفيف في البداية، وتزيد شيئا فشيئا، حتى إذا ما أتى يوم الدوام الجامعي تكون -بعون الله- قادرا على خوض هذا المجال.
أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية، والتوفيق والنجاح، لتكون إعلاميا ناجحا، فكم بلادنا في حاجة لإعلاميين مقتدرين.