السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قبل 4 سنوات تزوجت من رجل متزوج ومقتدر ماديا، كانت حياتي في البداية طبيعية جدا، ثم بعدها بقرابة ثلاثة أشهر تغير علي، وصار يقول لي: لا أريدك، غير قادر أن أعيش معك، لا أعرف السبب! لا أريد أظلمك معي! ومن هذا الكلام، مع أنه لم تكن بيننا أية مشاكل أو خلافات، كنت أحاول أن ألتزم قراءة الأذكار وسورة البقرة، ولاحظت أن الوضع يتحسن قليلا، لكنه كان يعود مرة أخرى، كما كان إذا توقفت عن القراءة أو غفلت عنها.
شككت أن هناك سحرا، لكن عندما أخبرته قال لي: أنه يستحيل أن يكون أحد سحره، وهو لا يقتنع بالرقية وهذه الأشياء.
وكنت وقتها حاملا، واستمر الوضع هكذا إلى أن وضعت طفلي ثم تركني تقريبا سنة بدون أي اتصال، ثم رأيت رؤيا أن أحدا يعطيني سحرا ويقول لي: "فلان سحرك" وذكر لي اسما لا أعرفه، ثم استيقظت.
وبعد الرؤيا بأقل من سنة طلقني، ولم يذكر لأهلي سببا، بل كان يقول لهم ابنتكم أميرة وليس بها بأس، لكن فقط لم أعد أستطع العيش معها.
حاولنا معه كثيرا لكي أعود إليه لكنه أبى ورفض تماما، واكتشفنا بعد ذلك أني لم أكن أول من يتزوجها ويطلقها هكذا، بل هناك كثيرات قبلي وبعدي على نفس الحال يتزوجهن فترة ثم يطلقهن، ما عدا زوجته الأولى.
عندما أخبرت أهلي بموضوع الحلم بالسحر لم يقتنعوا به، وقالوا بأنه أضغاث أحلام، وأن هذا الرجل لا يريد الزواج، بل يريد فقط العبث مع بنات الناس، خاصة أنه أساء لنا كثيرا بعد الطلاق.
فهل هذا سحر حقا؟ وما الواجب علي فعله؟ لا أريد أن يأخذ ولدي مني وينشأ وسط أناس مسحورين ويتعاملون بالسحر.
وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.. أولا: نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يجبر كسرك، ويعوضك خيرا مما فاتك.
ونصيحتنا لك أن تتوجهي إلى الله -سبحانه وتعالى- وتعلقي آمالك به -سبحانه وتعالى- وتكثري من دعائه بأن يخلف عليك خيرا مما أصابك، نحن نتفهم المشاعر التي تعيشينها، ولكن ينبغي بأن تعلمي أن هذا الحال الذي وصلت إليه ليس هو نهاية التاريخ، فإن الأيام أمامك ربما تحمل لك خيرا مما تظنين، فأحسني ظنك بالله -سبحانه وتعالى- واعلمي أنه لطيف بعباده، وأنه يقدر لهذا الإنسان ما فيه خيره وصلاحه، وإن كان يؤلمه، وقد قال -سبحانه- في كتابه الكريم: (وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ )..
فما يدريك أن الاستمرار مع هذا الرجل كان خيرا لك؟ فربما كان ما قدره الله تعالى لك من الفراق والطلاق هو الخير، وإن كان شيئا مؤلما ومؤذيا، ولكن عسى الله تعالى أن يجعل عاقبته لك خيرا، فأكثري من دعاء الله تعالى أن يقدر لك الخير، وأحسني علاقتك بالله، بكثرة الدعاء والاستغفار والمحافظة على الفرائض فهذه أبواب الأرزاق، كما أرشدنا إلى ذلك القرآن الكريم في آيات كثيرة، كما قال سبحانه وتعالى على لسان نوح وهو يعظ قومه: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا والأحاديث كذلك.
فأشغلي نفسك بتحسين علاقتك بالله وملء أوقاتك بما ينفعك في دنياك وفي آخرتك، وستجدين أن الله -سبحانه وتعالى- يخلق في قلبك الأنس والطاعة والراحة، وربما عوضك خيرا مما فقدت.
وأما تعليقك بالطلاق بسبب السحر مع وجود هذه السيرة العملية من هذا الرجل -وهو كثرة الطلاق- فإننا نميل إلى ما قاله أهلك، وأن هذا سلوك من هذا الرجل فهو مزواج مطلاق، وربما كانت قدرته المادية هي التي تبعثه على هذا السلوك، فلا تعلقي نفسك بأشياء متوهمة لا تزيدك إلا ألما نفسيا إلى آلامك، وفوضي أمورك إلى الله -سبحانه وتعالى- وحاولي بأساليبك الحسنة الحفاظ على ولدك معك إذا كنت تقدرين على ذلك، وعلى فرض أن هذا الولد أخذ منك لعدم قدرتك على إبقائه معك لأي سبب من الأسباب؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- سيتولاه وسيصلحه بدعائك له، فإن الله تعالى يتولى الذرية بسبب صلاح الآباء والأمهات، كما دل على ذلك القرآن الكريم، فأنت تقرئين في سورة الكهف قصة الجدار الذي كان يريد أن يسقط فبعث الله سبحانه وتعالى الخضر -عليه السلام- ليقيم هذا الجدار بسبب أن تحته كنز ليتيمين كان أبوهما صالحا، فالله تعالى سيتولى ولدك ولن يضيعه، فلا تسمحي للهم أن يتسرب إلى قلبك بسبب هذه الأمور.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يتولى أمرك وأن يقدر لك الخير حيث كان.