أشعر بقلق غير مبرر، فما العلاج؟

0 36

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر بقلق غير مبرر، ولا أعرف سببه، لا أستطيع النوم، وأحاول أن أرتاح، أحيانا يذهب، وأحسب أن الله قد عافاني منه، وأحيانا يستمر، وأحيانا أتحكم في هذا الخوف، وفي مرات أخرى لا أستطيع التحكم به، كخوفي من عدم قدرتي على النوم، فأخاف من خوفي هذا! ماذا أفعل؟ علما أني هكذا منذ أربعة أيام.

تعرضت الفترة الأخيرة لبعض الأمور، كما أني أنهيت علاقة محرمة دامت خمس سنوات! آذتني هذه العلاقة بشدة، ولكني كنت أتجاوزها، وبدأت أتناسى هذا الأمر، الانفصال مضى عليه خمسة أشهر.

أنا متوقف عن ممارسة العادة السرية لمدة 5 أسابيع، مع بعض الزلات البسيطة، فهل يمكن أن يكون هذا السبب؟! وتوقفت أيضا عن شرب السجائر منذ خمسة أشهر، وأصبحت أكرهها وبشدة.

أشعر بالخوف ألا أجد علاجا لحالتي، مع أني قرأت أن هذا اسمه (القلق العام)، وأنه يتم الشفاء منه، فشعرت بالطمأنينة ثم عاد لي الخوف من جديد! ومنذ فترة كنت قد كتبت خطة قبل هذا الأمر بخمسة أيام، وكنت أنوي أن أنطلق وأتغير وأتقدم وأتطور؛ لأني كنت سعيدا بتوقفي عن الأمور السيئة، ولكن فجأة وبدون أي سابق إنذار حدث لي هذا الأمر!

ومن ضمن ما أشعر به أيضا هو الاختناق عند ذهابي للعمل، مع العلم أني صاحب المصنع، وأحاول أن أجعله يقف على قدميه منذ سنوات، ولكني الآن أشعر أني لا أريد الذهاب أبدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أدهم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لم تذكر عمرك، وهذا قد يكون ضروريا؛ لأن نوبات أو فورات طاقات القلق لها ارتباطات في بعض الأحيان بالمرحلة العمرية.

عموما: القلق -أيا كان- هو طاقة مطلوبة في حياتنا، القلق طاقة وجدانية تحسن من الدافعية والإنتاجية والمثابرة عند الإنسان، لكن إذا زاد القلق عما هو مطلوب يتحول الأمر إلى ضده، وبالفعل قد يشعر الإنسان بالتوتر، والخوف، والوسوسة، وقد يفتقد الطريق الصحيح لتوجيه حياته.

أولا: يجب أن نهنئك على توبتك، وابتعادك عن العلاقة المحرمة، وأيضا معالجاتك الجادة لموضوع العادة السرية. أنا أعتقد أنك -الحمد لله تعالى- أعطيت نفسك فرصة جديدة في الحياة، وهذا أمر عظيم، وتوبتك هذه يجب أن تكون توبة نصوحا، بأن تحث على الندم على ما مضى، ويجب ألا ترجع لهذا الفعل أبدا، مهما كانت مساومات الشيطان وحديث النفس، يجب أن تكون صامدا، ولا تجد لنفسك أي مبررات للوقوع في مثل هذه الذنوب، التي في الحقيقة تمثل إهانة كبيرة للنفس الطيبة والطاهرة.

أيها الفاضل الكريم: ربما يكون قلقك قد زاد في هذه المرحلة؛ لأن الصراع بين النفس اللوامة والنفس الأمارة بالسوء يظل موجودا لبعض الوقت، فالنفس الأمارة بالسوء كانت هي التي تقودك لما كنت تقترفه من ذنوب، وبعد ذلك -وبفضل من الله تعالى- تسلطت عليك النفس اللوامة، وهي نفس طيبة، نفس رقيقة، نفس فاعلة، نفس مفيدة، وهذا الصراع في بعض الأحيان يتجدد ما بين النفس اللوامة والنفس الأمارة بالسوء، لكن في نهاية المطاف -إن شاء الله تعالى- تنتقل وبصورة كاملة إلى مرحلة النفس المطمئنة، وهذا هو المطلوب، وهذا هو المنشود.

ربما أيضا يكون لديك أصلا استعداد لنوبات القلق، القلق كثيرا ما يكون جزءا من المكون لشخصية الإنسان، ونحن نقول: إن القلق يجب أن يوظف توظيفا إيجابيا، وهذا يتأتى من خلال الحرص الكبير على الإجادة في العمل، والانضباط في العمل، والإنتاجية، والتطور الوظيفي، وحتى بالنسبة للطلاب يجب أن يثابروا في التحصيل، وأن يكونوا دائما من المتميزين، بهذه الكيفية يكون القلق قد تمت الاستفادة منه.

وأيضا ممارسة الرياضة، وحسن إدارة الوقت، والتواصل الاجتماعي، والقيام بالواجبات الاجتماعية، والترفيه عن النفس بما هو مباح ومقتدر عليه، وأن يكون للإنسان خطط حياتية، خطط آنية وخطط مستقبلية، وقوة الآن دائما نحن نعتبرها طاقة مهمة، بمعنى أن الآن -أي الوقت الذي نعيشه حاضرا- يمكننا التحكم فيه، يمكننا تفصيله كما نشاء، أما الماضي والمستقبل فلا نستطيع التحكم فيه، لكن المستقبل إذا استفدنا من (الآن) وقوة الآن؛ فبحول الله وقوته يكون أيضا المستقبل مشرقا، فلا تنزعج.

لا أعتقد أنك في حجة لعلاج دوائي، وأرجو أن تفجر طاقات القلق هذه في اتجاهات إيجابية، وأنت الحمد لله لديك مصنع، وهذا فضل من الله تعالى، فيجب أن تسعى لتطوير عملك، ويجب أن تكون مجيدا فيما تنتجه في هذا المصنع، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات