السؤال
السلام عليكم
فتاة لديها أخت كبيرة، كان أخوها الصغير يعيش مع أختها الكبيرة، وبقية إخوته، ومع والدها المنفصل عن أمها.
أما الفتاة فكانت تعيش مع أمها، ويأتي الأخ للزيارات لهم، وكان يهمل هناك من الناحية الدينية عند والدها، وأيضا هذه الفتاة كانت تقصر في الذهاب إليهم، والاهتمام بأخيها، وتضايقت أمها من أختها الكبيرة، وقالت: سأدعو عليها، قالت هذه الفتاة نعم ادعي، وبالفعل اتصلت وغضبت منها، وسواء قالت: حسبي الله ونعم الوكيل، ودعت عليها أو دعت فقط عليها، أو قالت: حسبي الله ونعم الوكيل فقط.
بعد ذلك قالت الأم إن الأخت الكبرى قامت بحظري من الواتساب، وهذا لا يستبعد؛ لأن لديها مخالفات كبيرة، قد تفعل هذا لأمها، والآن ندمت هذه الفتاة التي لم تمانع من الدعاء عليها، وأصبحت تطلب من أمها أن تدعو لها .
ماذا عليها حتى تبرىء ذمتها كلية؟ وأيضا في يوم قالت: لو تحترق أختي لا دخل لي بها، بمعنى هذا الكلام؛ لأنها تتكلم مع أمها أن بها أمراضا روحية، وتشتكي لها عن أشياء كهذه، وتذهب لبعض الرقاة السيئين الذين لديهم مخالفات كبيرة، وتريد أن تجرئ أمها لهذا، وتأتي الأم وتتكلم مع هذه الفتاة عن أختها الكبرى، وهي تريد أن تسلم عقيدتها، ومن أجل هذا قالت هذا الكلام.
لا تحيلوني لإجابات أخرى، أريد أن أفهم المقصود.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بهذا الأمر الأسري، ونحب أن نؤكد أن حق الأم عظيم، وكذلك حق الأب، ثم يأتي بعد ذلك حق الإخوة والأخوات، وهم الأساس في صلة الرحم بعد بر الوالدين، نسأل الله أن يعينك على القيام بما عليك، وأن يلهمنا جميعا السداد والرشاد، وأن يبعد عنا شياطين الإنس والجن، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن الأخت التي تسيء لوالدتها وتغضب الوالدة أو تقصر في رعاية إخوانها الصغار، وهي التي ترعاهم في بيت الأب؛ كل ذلك مما لا يقبل من الناحية الشرعية، ولكن نتمنى دائما أن يكون منك تشجيع للوالدة على الدعاء لها، وليس الدعاء عليها، كما أرجو أن تتواصلي مع الأخت الكبرى، ذكريها بأهمية البر للوالد وللوالدة، ودائما الإنسان إذا تدخل، فينبغي أن يكون بالخير.
لا يخفى عليك أن رضا الوالدة مقدم، لكن إرضاء الوالدة لا يدعونا إلى أن نأمرها بأمر ليس فيه مصلحة شرعية، وإنما ينبغي أن نخفف على الوالدة، ونتلطف بها، ونقدم طاعتها على غيرها، فهي المقدمة في جانب الطاعات حتى على الأب، ولا يعني هذا عصيان الأب، أو ظلم الآخرين من أجل إرضاء الوالدة.
على كل حال: هذا الذي مضى أرجو أن تتوبي منه، ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يغفر لك، وأن يجازيك على النية الحسنة التي أردت بها إرضاء الوالدة، ونتمنى أيضا من الوالدة أن تعود وتدعو لأبنائها وبناتها، فإن الدعاء عليهم مرفوض، لنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم).
أما بالنسبة لذهاب تلك الأخت إلى بعض الرقاة السيئين – كما أشرت – وهذا يعني أنه ذهاب إلى كهنة وسحرة وعرافين؛ فهذا مما نهت عنه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها، وإذا احتاج الإنسان للرقية فإنه يبدأ فيرقي نفسه، ولا مانع من أن تقرأ الوالدة الرقية على نفسها، أو تقرئي على الوالدة، وهي تقرأ عليك.
إذا كان الأمر يحتاج إلى أصعب من هذا ويحتاج إلى راق متخصص، فينبغي أن نبحث عن الرقاة الذين يخافون الله ويتقون الله تبارك وتعالى في تعاملاتهم، ممن ظهر التزامهم وتمسكهم بالدين، وابتعدوا عن الصور البدعية في الرقية الشرعية، والسؤال عن اسم الأم، وعمل مراسيم معينة، الجلوس في مكان غير نظيف، الجلوس في مكان مظلم، وطلب أشياء غريبة، والكلام في أمور غيبية، يعني: هذه الأشياء كلها مؤشرات لا تبشر بخير.
لذلك الإنسان ينبغي إذا احتاج إلى الرقية الشرعية أن يذهب إلى من يخاف الله ويتقيه؛ لأنه من أتى كاهنا أو عرافا أو ساحرا لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن أتاه فصدق بما يقول فقد كفر بما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم.
هذه مخالفة شرعية، وسلامة العقيدة مقدمة، وعلينا أن نوقن أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، لأن بعض الناس إذا لحقه ضرر أو أذى يقول: (فلان هو الذي أضرنا، فلان هو الذي فعل بنا)، ونحن نقول: الأمر بيد الله تبارك وتعالى، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، والأمة لو اجتمعت على أن يضرونا وخططوا وكادوا لن يضروا الإنسان إلا بشيء قد قدره الله تبارك وتعالى عليه، رفعت الأقلام وجفت الصحف.
عليه أرجو أن تقفوا مع أنفسكم، إصلاح العلاقة فيما بينكم، قدموا بر الوالدة والوالد، واجتهدوا دائما في دعوة هذا الأخ إلى الصلاة وإلى الصلاح، وإذا كان المكان الذي فيه تقصر الأخت، أو يقصر الأب في إرشاده؛ فلا تقصروا أنتم، اجتهدوا في ربطه بالله تبارك وتعالى إذا جاءكم، ونسأل الله أن يعيننا على تحمل مسؤولياتنا، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والهداية، ونتمنى أن نكون قد فهمنا المراد من السؤال، ونكرر الترحيب بكم في الموقع، ومرة أخرى نشكر لك الاهتمام بهذا الأمر الأسري، وهذا دليل على تميزك، فكوني عنصر خير، وذكري الجميع بالله، ونسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق.