السؤال
زوجي على خلق، ولكنه يجلس مع أصدقائه في المقهى بشكل شبه مستمر ولمدة تتجاوز الـ 5 ساعات، وقد تصل لـ 10 ساعات أحيانا، ونحن نعاني من ضيق ذات اليد، ولدي ابنتان وولد في مرحلة المراهقة، وأخشى عليهم من تقليده؛ لأننا نعيش في دولة أوروبية، والفتن والعري حولنا في كل مكان، وبالتالي أينما يجلس زوجي سيكون ذلك حوله.
وكذلك بدأ هناك بعد معنوي عن أبيهم؛ لأنهم يشعرون أنه يفضل أصدقاءه عليهم، وقد حاولت كثيرا معه وهو لا يتنازل أبدا، ويضع أصدقاءه في أولوياته، وأنا تعبت جدا من ذلك، فهل تصرفه حلال ولا يأثم عليه؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ولاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يصلح لك أولادك ويعينك على تربيتهم التربية الحسنة.
ثانيا: نشكر لك -أختنا العزيزة- حرصك على صلاح أولادك، وكون هذا الأمر يأخذ منك حيزا من الاهتمام وشغل البال، فهذا دليل على رجاحة في عقلك وحسن في دينك، ونسأل الله تعالى أن يتمم فضله عليك بصلاح زوجك وأولادك.
ثالثا: ينبغي أن تعلمي -أختنا الكريمة- بأن زوجك من خلال الوصف الذي وصفته لا زال على خير كثير، وحتى تخففي من ضغط الحال عليك وتضايقك مما يفعله زوجك فإنه ينبغي لك ألا تنسي المقارنة بينه وبين الأزواج السيئين الذين تعيش الأسرة بسببهم أنواعا من الويلات والمتاعب، فهذه المقارنة من شأنها أن تخفف عنك ضغط الواقع الذي تعيشينه، وتسمح لك بالتمهل والتبصر في اتباع أحسن الأساليب في محاولة إصلاح ما فسد من أحوال زوجك، ورده إلى الطريق الكامل الفاضل بيسر وسهولة، فإن الرفق سبب لوصول الإنسان لما يرجوه من الخيرات، كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه).
رابعا: نحن نوافقك الرأي -أيتها الكريمة- في أن سلوك الزوج بهذه الطريقة قد يؤثر على أبنائه من حيث كونه قدوة لهم، ويؤدي به إلى التقصير في الحقوق التي ينبغي أن يؤديها لأولاده، ولكن هذا الخلل في حياة الزوج وفي سلوكه ينبغي أن يعالج كما قلنا برفق وحكمة، وينبغي أن يستعان بكل الوسائل المؤثرة على الزوج، ومن ذلك الاستعانة بمن له تأثير عليه، من الأقارب والأصدقاء بطريق غير مباشر لينصحه بتفقد أبنائه ومتابعتهم، ويذكره بما يحتاجونه من الرحمة والحنان والشعور بالأبوة وقرب الأب منهم، فهذا السلوك من شأنه أن يعيد للأب، أو أن يستدعي الأب لمراجعة حساباته وأموره وأحواله.
ثم ينبغي أن تعلمي -أيتها الكريمة- أن الصبر هو السلاح الأمضى والوسيلة العظمى في بلوغ المآرب والحاجات، فاستعيني بالله -سبحانه وتعالى- واصبري على زوجك، واعلمي أن جزاء الصبر لا يضيع، وأن كل جهد يبذله الإنسان في إصلاح أحوال أسرته فإن ذلك الجهد لا يضيع، فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، قد يكون الجزم بأن الزوج مقصر في الواجبات التي يأثم إن ضيعها قد يكون الجزم بهذا صعبا في مثل هذه الحالة التي يظهر من خلالها أن الزوج يقوم بواجب الإنفاق على الأسرة، ولا يقصر إلا في المجالسة لأبنائه، فإذا كان يقوم بواجب أمرهم بما يلزم أمرهم به من الفرائض ويقوم بتوجيههم في حدود الحد الأدنى؛ مما يلزمه من الواجبات، قد يكون بذلك مؤديا للفرض، فيسلم من الإثم، ولكن الحديث ليس عن الفرض فقط، فينبغي له أن يعتني بما هو فوق الفرض، وأن يجتهد ما استطاع في إصلاح أولاده، فإنهم الذخر.
ولذا ننصحك بألا تتناولي الموضوع من هذه الحيثية من جانب ما يفعله أنه حلال أو ليس بحلال، وإنما ينبغي أن تتوجهي إلى الاقتناع بأن الأفضل هو أن يكون الوالد أفضل مما هو عليه الآن، ونحن على ثقة من أن الله -سبحانه وتعالى- لن يضيع جهدك.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير، وأن يصلح لك ذريتك.