السؤال
السلام عليكم
أنا بعمر 20 سنة، أنهيت قبل سنتين الثانوية العامة ولكن إلى الآن غير راضية عن معدلي، وأبكي كثيرا بسبب الإخفاق، علما بأني حاولت قدر المستطاع الأخذ بالأسباب، ولا أستطيع أن أبارك لأي شخص حصل على المعدل الذي كنت أتمناه.
خططت واجتهدت كثيرا لأكون من الأوائل، لكن للأسف حصلت على معدل 87، وبعدها توقفت حياتي، صدمة كبيرة جدا، وأصبحت أبكي بدون سبب، ووقفت كل شيء بحياتي من حفظ قرآن وتطوير؛ لأن الجهد الذي بذلته بالثانوية جهد كبير، وبالمقابل المعدل سيء.
أعتقد أني لا أستطيع النجاح بأي مكان آخر، فلا يمكنني بذل مجهود أكبر، هذه هي مقدرتي، ولكن إنجازاتي سيئة جدا، لدرجة أني لم أحقق المرتبة الأولى بأي شيء بحياتي، فقط بالمدرسة قبل الثانوية، لذلك إن كنت سأتميز بشيء فالمفروض المدرسة، ولكن للأسف أخفقت إخفاقا كبيرا!
أتمنى لو توفاني الله قبل الثانوية العامة، فالجميع حصل على أعلى مني، والآن يدرسون الطب، والجميع يحترمهم، وواثقون بأنفسهم.
أعلم أن الثانوية ليست كل شيء، ولكن هي فعلا كانت حلمي، وأصبحت أعشق الطب، علما أنه لم يكن من أحلامي، ولكن لا أستطيع تقبل فكرة أني لا أستطيع دخوله، لأني أخفقت بالثانوية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هالة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نأسف لسماع مشاعرك الثقيلة، والصعوبة التي تواجهينها بسبب معدلك في الثانوية العامة، الثقة بالنفس والاعتراف بالذات قد تتأثر بشدة نتيجة لأحداث حياتية معينة، ومن الواضح أن نتائج الثانوية العامة كان لها تأثير عميق عليك.
أولا: عليك أن تعلمي أن قيمتك كشخص لا تقاس بنتيجة امتحان أو معدل معين، كل منا يمتلك مواهبه وقدراته الخاصة، والتقدير الحقيقي للذات يأتي من الداخل.
ثانيا: بالرغم من أن الثانوية العامة قد تفتح الأبواب أمام العديد من الفرص، فإن هناك العديد من الطرق والمسارات التي يمكنك اتباعها لتحقيق أهدافك.
ثالثا: إذا كنت تشعرين باليأس والإحباط إلى هذا الحد؛ فقد يكون من الجيد البحث عن دعم نفسي، سواء كان ذلك من خلال مستشار نفسي أو من خلال المشورة الدينية، تحدثي مع أحد الأشخاص الذين تثقين بهم عن مشاعرك وأفكارك.
رابعا: تحديد الذات بناء على النجاح الأكاديمي فقط هو أمر غير صحي، هناك الكثير من الأشخاص الذين لم يتميزوا في الدراسة النظرية، ولكنهم حققوا نجاحات كبيرة في الحياة من خلال مواهب أخرى ومجالات مختلفة.
خامسا: عليك بالعمل على التقليل بين فجوة الواقع والتوقع؛ بمعنى أنك تتوقعين نسبة عالية، بينما الواقع يقول شيئا آخر، هنا ينبغي أن نتعامل بواقعية مع أمورنا، فإما أن نجدد المحاولة، وإما أن نسلك طريقا آخر، ولا فائدة من إظهار الرفض، وسيطرة المشاعر السلبية على نفسك في هذا الوقت.
عليك اعتبار أن ما أصابك هو نوع من الابتلاء والقدر، وعلى المسلمة أن تسلم لهذا القدر؛ لأنها لا تعلم أين سيكون الخير.
دوما أذكر هذا المثل الرمزي للتعامل مع الأقدار التي نجهلها: يقال بأنه تسببت حالة الطقس والعاصفة الشديدة في غرق سفينة أثناء وجودها في البحر، مما ترك عددا قليلا من الركاب للنجاة من هذه المحنة، وكان من بين الناجين رجل كان تحت رحمة الأمواج، لقد استيقظ تقريبا من حالة فقدان الوعي عندما أنقذته وأحضرته إلى جزيرة غير مألوفة وغير مأهولة.
كان الرجل ممتنا داعيا الله سبحانه وتعالى، طالبا الخلاص من ظروفه الأليمة، لعدة أيام عاش الرجل على ثمار الأشجار والأرانب التي اصطادها والمياه من جدول قريب، قام ببناء كوخ صغير من العصي لحماية نفسه من العوامل الجوية، ومع ذلك، في أحد الأيام عندما ترك وجبته تطبخ على عصي خشبية لامعة، عاد ليجد النار قد اجتاحت كل شيء، بما في ذلك كوخه، صرخ من اليأس، متأسفا على فقدان كل ما لديه وشعر وكأنه غريب في أرض غريبة.
في النهاية، نام الرجل، منهكا من المحنة، وفي صباح اليوم التالي، فوجئ برؤية سفينة وقارب صغير يقتربان من الجزيرة لإنقاذه، وعندما كان على متن السفينة بأمان، سأل كيف عثروا عليه، فأجابوا أنهم شاهدوا الدخان المتصاعد من الكوخ المحترق، مما يشير إلى أن شخصا ما كان في محنة.
من المهم أن نتذكر أنه على الرغم من أن المرء قد يواجه ظروفا صعبة، إلا أنه لا ينبغي للمرء أن يشعر باليأس. بدلا من ذلك، يجب على المرء أن يثق في حكمة الله تعالى؛ لأن تدبير الله تعالى يتجاوز تدبيرنا لجميع الأحداث التي حولنا.
نعلم أن الوقت الذي تمرين به الآن هو وقت صعب، لكن عليك تذكير نفسك دائما بأن للحياة معان أعظم وفرصا أكبر، الله يعلم ما في قلوبنا وهو أرحم الراحمين، فاستعيني بالصبر والصلاة، واطلبي من الله الهداية والتوفيق.
نسأل الله أن يفتح عليك أبواب الرزق والسعادة، وأن يعوضك خيرا في الدنيا والآخرة.