السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوج وأب لولدين، زوجتي -جزاها الله خيرا- أعانتني على الالتزام بالصلاة في المسجد، والمواظبة على الأذكار، لكنها عنيدة جدا، ولا تتحمل المسؤولية، وأنا رجل عصبي جدا، وأخبرتها بذلك قبل الزواج، ونشبت خلافات كثيرة بيننا، بعضها أمام الأولاد، رغم محاولتي إخفاء الأمر عنهم، ووصل الخلاف بيننا إلى حد ضربي لها مرتين، وبعد ذلك كانت تتغير للأحسن، وبعد فترة ترجع إلى أسلوبها القديم.
آخر خلاف حدث بيننا كان سببه أن أحد الأولاد استيقظ، وطلب من أمه أن تطعمه، لكنها لم تفعل، فجاء إلي الولد، واستيقظت من النوم وأطعمته، ثم عندما دخلت إلى الغرفة وجدتها مستيقظة وتستمع إلى محاضرة بالهاتف، سألتها: لماذا لم تطعميه؟ فقالت إنها أطعمته وفعلت كل شيء، فذهبت إلى المطبخ ظنا أنها ستأتي ولم تفعل، فتشاجرت معها وأخذت هاتفها، فبدأت تدعو علي فطلبت منها أن تصمت.
بعد ثلاثة أيام تحدثنا عن الأمر، لكن دون جدوى، وما زالت المشكلة قائمة في الحوار، ولا أدري هل المشكلة بسببي أم منها؟ أشعر أني أتعامل مع رجل بسبب أسلوب كلامها وردودها، وتعاملها يخلو من أي احترام أو حسن تبعل للزوج، وهذا يجعلني عصبيا، ونبهتها أكثر من مرة إلى ضرورة تغيير أسلوبها، فماذا أفعل معها؟
بارك الله فيكم وفي علمكم، ونفع بكم، وأصلح بكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخانا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجتك ويهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
سعدنا جدا بذكر هذه الإيجابية عن زوجتك، حيث كانت سببا في المواظبة على الصلاة والأذكار، ونسأل الله أن يعينها على أن تحسن أخلاقها وتعاملها معك ومع الأبناء، كما ندعوك إلى الاجتهاد في التخلص من العصبية، وهذا المزاج المتقلب الذي يؤثر على الأبناء ويؤثر على الزوجة بلا شك، وإذا كنت قد أخبرتها بأنك تمتلك هذه الصفة، فأرجو أن تكون عونا لك، وتعاون نفسك أيضا على التخلص من هذه الصفة، ونحمد الله تعالى أن السلوكيات السالبة تتغير، وكما قال ابن القيم: "الحلم بالتحلم، والعلم بالتعلم، ومن يتصبر يصبره الله".
ولا يصح أن يقول الإنسان أنا عصبي ثم يستمر على ذلك، لكن لا بد أن يشتغل على نفسه، وعلى الزوجة أن تتفهم هذا الوضع الذي عندك، ونحذركم من أن يكون الشجار في حضور الأطفال أو في وجودهم؛ لأن هذا له تأثيرات سالبة جدا عليهم.
وإذا كانت الزوجة عندها هذه السلبيات، فأرجو أولا أن تعرض عليها ما فيها من إيجابيات، وتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كرها منها خلقا رضي منها آخر"، فكلما ذكرك الشيطان هذه السلبيات فتذكر الإيجابيات، ثم امدحها بها، واذكر ما عندها من إيجابيات، وحاول دائما ألا تغضب أو تتشاجر معها في حضور الأطفال -كما قلنا-؛ لأن هذا يترك آثارا سالبة عليهم.
أما بالنسبة لمسألة أن يكون لك مستشار وحكم، فنسأل الله أن يعينك حتى تجد في بلادك ومن حولك من العقلاء والفضلاء من يصلح بينكما، ونحن نقترح عليك كتابة استشارة جماعية مع الزوجة، أو دعها تكتب ما في خاطرها، وتذكر أيضا الأمور التي تعاني منها، وتأتينا نماذج تكتب فيها استشارة من الطرفين، يعني: حاول أن تدخل استشارة واحدة، هي تكتب ما عندها، وأنت تكتب ما عندك، ثم نحاول أن نرد عليكم ردا مفصلا بما يشبه ما يقوم به الحكم في مثل هذه الأحوال، ونسأل الله أن يعينكما على الخير.
ونتمنى ألا تمد يدك إليها إلا بخير، وألا يحدث هذا الشجار أمام الأطفال، وكما نتمنى من الزوجة أن تغير هذا الأسلوب الذي لا يرضي الله تبارك وتعالى، فهي مطالبة بطاعة زوجها في كل ما يأمرها به، طالما كان طاعة لله تبارك وتعالى، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينكما على صعوبات التربية، وعلى الجهاد في الإحسان لهؤلاء الأبناء؛ لأنهم امتداد لعملكما الصالح، ونحن لا نملك أغلى من هؤلاء الأبناء، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يهدينا جميعا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
والله الموفق.